لكل السوريين

سوق الهال بالسويداء ينتظر عملية قيصرية ثامنة، والسوق الشعبي ولد مسخاً

منذ سنوات تدور الأحاديث في السويداء حول أهمية الأسواق الشعبية التي تمكّن المنتجين من بيع منتجاتهم مباشرة إلى المستهلكين بأسعار مخفضة ودون المرور بتجار الجملة، فتخدم المنتج والمستهلك معاً، وتخفف الضغط عن شوارع المدينة الرئيسية، وتندرج تحت شعار التدخل الإيجابي لحماية المواطن من ارتفاع الأسعار.

فمنذ العام 2012 قرر مجلس المدينة إنشاء أسواق شعبية فيها، وبدأ البحث الفوري عن المواقع المناسبة في أطراف المدينة.

وفي الأسبوع الماضي من هذا العام.. تم افتتاح أول سوق شعبي في السويداء.. وبعد عشرة أيام من تدشينه في حي الجهاد، بقي فيه بائع واحد، على بسطة يتيمة، مما أثار الكثير من الامتعاض لدى سكان المحافظة.

ولدى سؤال البائعين عن عدم افتتاح بسطاتهم في هذا السوق، تلخصت الإجابات بنقاط أهمها:

عدم تجهيزه بالبنية التحتية.. والأكشاك.. والكهرباء.. وعدم تعبيد أرضه.. ومنع مجلس المدينة الباعة من إنشاء خيام لوضع الخضار والفواكه فيها.

وبدورهم أعرب المستهلكون عن خيبة أملهم بهذا الإنجاز الذي طال انتظاره، وقال أحدهم “قصدنا السوق بعد افتتاحه ولم نجد سوى بسطة واحدة، والخضار المعروضة عليها من تجار الجملة، وليس من إنتاج فلاحي السويداء”.

ولادة متعسرة

وقبل ذلك.. بأكثر من ربع قرن.. كانت الأحاديث تدور حول أهمية سوق الهال الذي قرر مجلس مدينة السويداء إقامته في المحافظة منذ تسعينيات القرن الماضي، وشهدت مراحل تنفيذه عمليات قيصرية متكررة.. ولكن المولود لم يرَ النور بعد.

ففي عام 1993 أعلن مجلس مدينة السويداء عن بيع مقاسم في سوق الهال المزمع إقامته غرب المدينة، وحدد الشروط الواجب توافرها للتخصيص.

وفي عام 1994 تم تشكيل لجنة لوضع قواعد توزيع المقاسم، وقام التجار بالاستكتاب لشراء محاضر في هذا السوق.

وفي عام 2000 عقدت لجنة سوق الهال اجتماعاً مع المستكتبين وطلبت منهم المباشرة باستصدار الترخيص.

وفي عام 2003 عقد اجتماع بين مجلس المدينة وغرفة التجارة تمت خلاله مناقشة مشكلة صغر مساحة سوق الهال وإمكانية توسيعه، وعدلت الدراسة القديمة بالكامل.

وفي عام 2004 طلب مجلس المدينة من المتخصصين بالسوق البدء بإجراءات الترخيص خلال عشرين يوماً والمباشرة بالبناء خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر.

وفي عام 2007 تمت دعوة المكتتبين والاتفاق معهم حول موضوع التمويل، وبحث إمكانية الحصول على قروض ميسرة من المصرف العقاري.

وفي عام 2010 اعتمد مجلس المدينة المشروع بشكل نهائي، وبتمويل من هيئة التخطيط والتعاون الدولي بعد أن تمت الموافقة على إدراجه بموجب توصيات المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي في الخطة الاستثمارية.

وفي عام 2013 شكلت لجنة مهمتها تثبيت مقاسم سوق الهال والإشراف على تسليمها على أن تنجز عملها خلال شهر واحد.

وفي عام 2017 تضمنت خطة مجلس مدينة السويداء السنوية إنجاز واستكمال كل الأعمال الإنشائية لمشروع سوق الهال الجديد خلال هذا العام.

وخلال هذه الفترة قرر مجلس المدينة إنشاء أسواق شعبية كجائزة ترضية.. فيما يبدو.. عن تعثر ولادة سوق الهال، وبدأ البحث.. فوراً.. عن المواقع المناسبة في أطراف المدينة.

والآن في العام 2020.. مازال سوق الهال ينتظر عملية قيصرية ثامنة.. لعله يولد قابلاً للحياة. بينما ولد السوق الشعبي الوحيد الذي دُشن الأسبوع الماضي.. مسخاً غير قابل للحياة.

تقرير/ لطفي توفيق