لكل السوريين

عمارات حمص القديمة.. فن يدل على تاريخ عريق وأصالة

حمص/ بسام الحمد

الإنسان بقيمه الأخلاقية وتطلعاته، والمحيط بمناخه ومواده، وكانت مدينة حمص القديمة التقليدية إطاراً جامعاً يحتوي كافة الانفعالات والمزايا الإنسانية والحياتية المثلى للسكان. وكان التطور العمراني لهذه المدينة نتيجة طبيعية للتطور الفطري الذي فرضته احتياجات الناس والبيئة المحيطة وحصيلة حية للتفاعل بين الإنسان والمحيط.

ومن أجمل النماذج البناء الحجري الأبلق، وهو بناء رُصفت جدرانه بالأحجار المكعبة فوق بعضها البعض، أو من الأحجار الصغيرة التي تظهر للخارج بشكل مربعات بينما تكون في الداخل على شكل رؤوس توضع بينها قطع من الأحجار، ويُوضع بين الشقوق الطين والحجارة الصغيرة، ويتراوح عرض الجدار فيها بين 150 –200 سم.

أما السقف فهو عبارة عن أحجار معقودة إلى بعضها البعض تدعمه ركائز حجرية تغور في الأرض ويُطلق على هذا النوع من البناء اسم (العقد)، وهو أمتن بناء عُرف في بلاد الشام، وتُبنى على هذه الصورة بعض القصور الفخمة والمخازن والخانات.

ولهذا البناء ميزة أخرى بالإضافة إلى المتانة وهي حفظ حرارة الوسط الداخلي ومنعها من التأثر بحرارة الوسط الخارجي، ويتألف هذا النوع من الأبنية من عدة غرف متقابلة تحيط بصحن الدار الواسع، كما يحتوي على بعض الغرف الكبيرة التي يُطلق عليها اسم (القاعة) تُقام فيها الأفراح وتسكن هذا البيت عادة عدة عائلات تنتسب إلى جد واحد، وكل غرفة تحتلها عائلة، ويتوسط صحن الدار بحيرة مثمنة غالباً تتدفق منا المياه العذبة.

وفي إحدى الزوايا يقوم مطبخ مشترك للعائلات. ومن أشهر البيوت الأثرية التي تعكس هذه السمات المعمارية مجمع الباشا مصطفى الحسيني الذي يضم مسجداً وقصراً أثرياً يضم الأقسام التقليدية للقصور العثمانية كالحرملك والسلاملك، إضافة إلى مقهى شعبي ومربض للخيل وجميع هذه الأقسام غير مرممة، ما عدا المسجد الذي يقع في الجهة الجنوبية من السيباط، ويتكون من صحن واسع مرصوف بالبلاط البازلتي ويقع رواق القبلة في الجهة الجنوبية وهو مكون من باكيتين مسقوفتين بأقبية متقاطعة تتقدمه مصطبة يبلغ ارتفاعها حوالي متر تقريباً.

أما في الجهة الغربية فتوجد بعض الغرف المتهدمة، أما في الجهة الشرقية فيوجد جدار يفصل المسجد عن البيت المجاور، حيث تطل بعض واجهات غرفه العلوية على صحن الجامع، ويوجد في صحن المسجد وخصوصاً في الزاوية الجنوبية الشرقية وأمام رواق القبلة بعض قبور آل الحسيني ذات الهياكل الرخامية أو مزيج من الحجر البازلتي والرخام وأحد هذه القبور للباشا مصطفى الحسيني صاحب القصر ولهذا المسجد مئذنة مربعة الشكل تقع في الزاوية الجنوبية الغربية يُصعد إليها بواسطة درج حجري لولبي يُعتبر نموذجاً معمارياً فريداً.