لكل السوريين

وساطة صينية لحل الأزمة في النيجر.. ومأزق باريس الإفريقي يتفاقم

تزايدت التوترات حول القاعدة العسكرية الفرنسية في العاصمة نيامي بعد إنهاء الاتفاق الذي ينظم الوجود العسكري الفرنسي في النيجر من قبل المجلس العسكري، ورفض باريس سحب قواتها وسفيرها من النيجر.

وكثف الجيش النيجري استعداداته في محيط القاعدة الفرنسية، واستمرت شرطة النيجر بفرض طوق أمني حول مبنى السفارة الفرنسية ومقر إقامة السفير وسط العاصمة نيامي وتفتيش المركبات الداخلة والخارجة من المبنيين قبل السماح لها بالعبور.

وذكر رئيس الوزراء النيجيري أن حكومته تجري مباحثات مع باريس لضمان لسحب قواتها،

وقال إن هذه القوات موجودة في البلاد بشكل غير قانوني بعد أن ألغى المجلس العسكري الاتفاقيات التي سمحت للفرنسيين بالتمركز في النيجر.

واعتبر أن السفير الفرنسي لم يتصرف بشكل صحيح بعد رفضه مغادرة البلاد بعدما طردته السلطات العسكرية وألغت امتيازاته وحصاناته الدبلوماسية.

وبالمقابل، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية إن قوات بلادها بالنيجر لم يعد بإمكانها تنفيذ مهماتها بعد احتشاد الآلاف أمام القاعدة الفرنسية في نيامي، ومطالبتها بمغادرة البلاد.

ورأت الوزيرة الفرنسية أن باريس ليست مضطرة للانصياع لسلطات “غير شرعية” بخصوص سفيرها، واكدت على بقائه في نيامي.

تزايد الضغوط على فرنسا

قال مصدر عسكري نيجري إن القوات الفرنسية التزمت بمواقعها داخل قاعدتها منذ انتهاء سريان الاتفاق الذي ينظم الوجود العسكري الفرنسي في النيجر.

وأشار إلى أن قوات الجيش والشرطة النيجرية تواصل تعزيز وجودها داخل القاعدة العسكرية وفي محيطها لمراقبة أي تحرك للقوات الفرنسية من القاعدة.

وذكرت التقارير الصحفية أن تظاهرات آلاف المحتجين من أنصار المجلس العسكري المطالبة برحيل القوات الفرنسية من بلادهم قد تواصلت، كما استمر الاعتصام أمام القاعدة الفرنسية في العاصمة نيامي، تلبية لدعوة جمعيات مساندة للمجلس العسكري، بهدف التنديد بمواقف فرنسا ومطالبتها بسحب قواتها من البلاد.

وطالب المتظاهرون باريس بسحب سفيرها واحترام سيادة النيجر، وشارك أعضاء من المجلس العسكري النيجري في المظاهرات المطالبة بإنهاء الوجود العسكري الفرنسي والرافضة للتدخل الفرنسي في تحديد السلطة الشرعية في البلاد.

وأكد منسقو المظاهرات والحشود المنددة بفرنسا أن باريس تبحث عن ذريعة للتدخل عسكرياً في النيجر بعد أن تأكدت من عدم إمكانية تدخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”.

وساطة صينية

أعلن سفير الصين في النيجر أن بلاده ستتوسط لدى الأطراف المعنية في النيجر لحل الأزمة السياسية.

وأضاف السفير بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء المعين من قبل المجلس العسكري علي محمد الأمين زين، أن الصين تنتهج دائماً مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى وتشجع الدول الأفريقية على حل مشكلاتها بنفسها.

ومن جهتها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية إنها تدعم كل الجهود لحل الخلافات سلمياً في النيجر، وتدعو لضمان السلامة الشخصية للرئيس محمد بازوم.

وأضافت المتحدثة أنها تأمل في أن تتمكن الأطراف بالنيجر من إيجاد حل سياسي انطلاقا من المصالح الأساسية للبلاد والشعب.

وتعتبر الصين مرشحة مناسبة للوساطة في النيجر لكونها شريكاً اقتصادياً رئيسياً لها، وخاصة في قطاع الطاقة، إذ يعمل البلدان على بناء خط أنابيب نفط بطول ألفي كيلومتر، وهو الأطول في أفريقيا، بهدف تصدير النفط الخام من حقول أغاديم جنوبي شرقي النيجر، حيث تعمل مجموعة النفط الوطنية الصينية إلى ميناء سيمي في بنين.

مأزق باريس الإفريقي

كشفت وزارة الدفاع الفرنسية عن وجود اتصالات بين الجيش الفرنسي وقادة الانقلاب لبحث ملف الانسحاب الفرنسي من النيجر.

وتناقضت تصريحات الوزارة مع قول باريس إن العلاقات مع انقلابيي النيجر ستكون لحفظ أمن الجنود وسحب المعدات ونقلها إلى معسكرات أميركية بالنيجر أو تشاد دون سحب القوات العسكرية العاملة هناك، قبل أن يتبين وجود نية لفتح علاقات مباشرة مع قادة المجلس العسكري بالنيجر تحضيراً لانسحاب قواتها العسكرية بشكل تدريجي كما حدث في مالي وبوركينا فاسو، ولترتيب العلاقات بينها وبين الانقلابيين.

ويرى مراقبون أن باريس وجدت نفسها أمام مأزق لم يترك لها سوى خيار التعامل مع الواقع الجديد، والعمل على مبادرات لحفظ ماء الوجه واستمرار حضورها في النيجر.

ويعتقدون أن باريس بدأت تستوعب أن صفحة وجودها السابق في إفريقيا قد طويت، وأن عليها أن تبحث عن سياسة جديدة مع حلفائها في القارة وخارجها، وإعادة النظر بأخطائها في إفريقيا إذا رغبت باستمرار وجودها في القارة السمراء.

ويؤكد هذا التوجه إقرار الرئيس الفرنسي بفشل سياسة بلاده في إفريقيا وتعهده بالبحث في استراتيجية فرنسية جديدة فيها، وطرحها للنقاش على البرلمان خلال هذا الخريف.