لكل السوريين

الهجرة حديث أهالي وسط سوريا.. ما الذي يدفعهم لذلك؟

تقرير/ جمانة الخالد

بطبيعة الحال أسباب وعوامل الرغبة في السفر لدى السوريين باتت معروفة للجميع، ومن بينها فقدان الأمل بالمستقبل في سوريا والأوضاع المعيشية المروعة كعوامل رئيسية، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع الخدمية والتعليمية يوما بعد يوم، ولذلك فإن الناس يسعون للهروب من هذه البلاد.

الأغلبية من سكان حماة ويمكن تعميم الأمر على سوريا بشكل أوسع يريدون السفر خارج سوريا، وخاصة إلى الدول الأوروبية يظهر الأمر بشكل يومي تقريبا، تنتشر منشورات متعددة على منصات التواصل الاجتماعي، تشير إلى رغبة من بقي داخل سوريا في الهجرة إلى الخارج.

يعود السبب إلى أن غالبية الشباب ممن كان لديهم أصدقاء في الجامعة، وحتى شباب العائلة سافروا إلى الخارج، وأغلبهم مستقرين في أوروبا، وأمورهم ميسّرة للغاية هناك، بالإضافة إلى أنهم يساعدون أُسرهم ماديا كل شهر، وهذا من الدوافع التي تدفعه للتفكير في السفر، فور الانتهاء من تعليمه.

بينما في سوريا راتب الطبيب في المشفى الحكومي يبلغ نحو 160 ألف ليرة سورية، أما في المشافي الخاصة فيبلغ نحو مليون أو مليون ونصف المليون أو أكثر وذلك حسب عدد ساعات العمل، ويتطلب العمل في مشفى خاص خبرة كبيرة، بالإضافة إلى واسطة من أحد الأشخاص المعنيين في المستشفى. ورغم كل هذا، فإن العائد المادي ليس بالدرجة التي يخوّل الشخص من أن يدبّر قوت يومه أو يبني له مستقبلا، خاصة أن الأحوال المادية لأغلب الناس ليست بهذا المستوى المطلوب.

هذا حال الشباب المتخرجين من أفضل الكليات في سوريا، فما بالُ بقية الشباب الذين يملكون شهادات عادية أو من لا يملكون، فضلا عن العوائل التي تبحث هنا وهناك عن طرق علّها تنجّيهم من براثن الفقر في هذه البلاد، والعديد من التقارير تقول إن أعداد كبيرة من الأُسر تقوم ببيع منازلها أو ممتلكاتها بدواعي السفر.

خلال العامين الماضيين وحتى الآن، يشهد مركز الهجرة والجوازات في سوريا موجات تدفق من السوريين الراغبين في الهجرة، حيث تصطف أرتال المنتظرين بالآلاف منذ ساعات الصباح الأولى وإلى منتصف الظهيرة بفارغ الصبر، للحصول على جواز سفر يمكّنهم من الخروج من البلاد في أقرب فرصة.

يشكل الشباب الفئة الكبرى من السوريين الراغبين في الهجرة، ويأتي ذلك نتيجة للانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد وتفشي البطالة وتردي الخدمات الحيوية التي تقدمها الحكومة من كهرباء وإنترنت، مما ينعكس سلبا على مستوى معيشتهم وتعليمهم وعملهم.

إلى جانب الطرق النظامية التي يسعى الشباب إلى الهجرة من خلالها، ثمة طرق أخرى غير نظامية وخطرة يسلكونها مضطرين من أجل الوصول إلى بلاد تحترم حقوقهم وتوفر فرصا تضمن لهم حياة أكثر استقرارا وراحة.

جوازات السفر السورية تُعد الآن الأغلى في العالم، إذ ارتفع سعرها ثمانية أضعاف إلى 400 دولار في عام 2015، ومؤخرا إلى 800 دولار للمستعجل و300 دولار للجواز الذي يستغرق شهرا، ولا يمكن دفع الرسوم إلا بالدولار أو اليورو.

لا يختلف اثنان على أن الظروف الاقتصادية والأمنية، هي أبرز الأسباب التي تدفع بالشباب السوري للهجرة باتجاه بلدان أخرى بحثا عن حياة أفضل، ولعل تزايد معدلاتها خلال الآونة الأخيرة خير مثالٍ على ذلك؛ وخاصة الهجرة غير الشرعية، وما تمثّله من خطر على حياة من يُقدم عليها. إذ لا يكاد أن يمرّ شهر دون ورود أخبار عن وفاة أشخاص خلال رحلتهم إلى أوروبا.