لكل السوريين

للخضار بورصة تخنق السوريين

هناك بعض تجار الخضار والفواكه في أسواق وسط سوريا يختارون بيع منتجاتهم بعد الساعة الـ 12 ظهرا، وذلك باعتبارهم يرون أن سعر الصرف ثابتا في تلك الفترة من اليوم، وبهذا يحاولون تفادي تأثير تقلبات العملات على أسعار منتجاتهم.

تعد قضية تسعير الخضار والفواكه في الأسواق  من أهم القضايا التي تشغل بال السوريين في هذه الأيام، فمع تقلب سعر صرف العملات الأجنبية، يبحث الكثيرون عن طرق بديلة للحفاظ على استدامة معيشتهم، ومن هنا تأتي فكرة تسعير الخضار والفواكه بشكل مختلف.

وبات الموضوع يشكل ظاهرة غير مألوفة، حيث يبرر بعض التجار بأنهم يشترون الخضار والفواكه بالدولار من المزارعين أو الموردين، ويبيعونها بالليرة للمستهلكين، وبالتالي فإن تقلبات سعر الصرف تؤثر على ربحهم أو خسارتهم.

أحد بائعي الخضار في حي الدباغة، قال إنه حين اشترى بضاعته من سوق الهال طلبوا منه أن ينتظر لغاية الساعة الـ 12 حتى يتم تسعير الخضار بعد ثبات سعر الصرف، علما أنها المرة الأولى التي تصادفه مثل هذه القصة.

لكن مسؤولين ينفون انتشار الظاهرة ويقولون أن الفواكه والخضار تخضع للعرض والطلب فعندما تكثر البضاعة يقل السعر وعندما تقل يرتفع سعرها، مثلا سعر البندورة لم ينخفض عن الـ 4000 ليرة سورية؛ لأنها تتناسب مع كلفة إنتاجها، وإذا بيعت بأقل من ذلك فإن الفلاح خاسر حكما، والسبب في ذلك ثمن البذار والأسمدة ومصروف النقل.

من الواضح أن ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه في دمشق يؤثر سلبا على جميع الأطراف المعنية، سواء كانوا مستهلكين أو منتجين أو تجارا، ولكن يمكن القول أن المتضرر الأكبر من هذا الارتفاع هو المواطن العادي، الذي يعاني من تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي.

فمن جهة، يواجه المواطن انخفاضا في قيمة الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية، مما يزيد من تكلفة الواردات والمواد الأولية، ومن جهة أخرى، يواجه ارتفاعا في الأسعار العامة للسلع والخدمات، مما يؤثر على قدرته الشرائية ومستوى معيشته، وبالتالي، يضطر المواطن إلى التقشف والاقتصاد في استهلاكه من الخضار والفواكه، والتي تعتبر مصدرا غذائيا مهما.

يشتكي مواطنون من الغلاء الفاحش والممارسات والتجاوزات التي يقوم بها بعض التجار لاستغلال الوضع، فيقول أحدهم “الخضار والفواكه صارت بس للأغنياء، أنا بشتري بس الضروري واللي بيناسب جيبتي، وبحاول أوفر على عيلتي بطرق تانية”، فيما يقول آخر “المشكلة مو بس بالأسعار، المشكلة بالجودة والنظافة، الخضار والفواكه بتيجي ملوثة ومريضة ومنتهية الصلاحية، والتجار بيبيعوها بأسعار خيالية، وما حدا بيراقبهم”.

سوق الخضار والفواكه في حماة هو سوق معقد ومتنوع، ويشارك فيه عدة أطراف، منها الفلاحون والموردون والتجار والمستهلكون، كل طرف له دور ومصالح وتأثير في تحديد الأسعار والكميات والجودة والتوزيع والتسويق، ولا يوجد طرف واحد يسيطر على السوق بشكل كامل، بل هناك تفاعل وتنافس وتعاون بين الأطراف المختلفة.

يمكن تلخيص الأدوار والمسؤوليات والتحديات التي تواجه كل طرف على النحو التالي، فالفلاحون هم المنتجون الأساسيون للخضار والفواكه، ويعتمدون على الأرض والمياه والمحروقات والأسمدة والمبيدات والبذور والعمالة؛ لكن يواجهون صعوبات في تأمين هذه المستلزمات، ويبيعون منتجاتهم إما مباشرة للمستهلكين أو للموردين أو للتجار، بالليرة أو الدولار، ويطالبون بزيادة الدعم والتنظيم والرقابة من قبل الحكومة والنقابات والمجتمع المدني.

أما الموردون، فهم الذين يقومون بشراء الخضار والفواكه من الفلاحين أو من الأسواق الخارجية وينقلونها إلى سوق الهال أو إلى التجار بالجملة أو بنصف الجملة، ويعتمدون على النقل والتخزين والتبريد والتعبئة والتغليف، وبسبب مواجهتهم لمشاكل في تأمين هذه الخدمات بسبب ارتفاع تكاليفها ونقصها، يبيعون منتجاتهم اعتمادا على سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار.

وهناك التجار الذين يقومون بشراء الخضار والفواكه من الموردين أو من سوق الهال ويبيعونها إلى المستهلكين بالمفرق أو للمطاعم والفنادق والمؤسسات، ويعتمدون على المحال والأسواق والتسويق والإعلان، إلا أنهم يواجهون اتهامات بالاحتكار والتلاعب والاستغلال والغش.