تزايدت وتيرة التحركات الشعبية لكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، في وقت تواصل فيه إسرائيل حرب الإبادة ضد سكان القطاع وحصاره منذ السابع من تشرين الأول 2023.
وفي هذا السياق، أبحرت السفينة “مادلين” من إيطاليا وعلى متنها 12 ناشطاً من فرنسا وألمانيا والبرازيل وتركيا والسويد وإسبانيا وهولندا، في الأول من حزيران الجاري، لكسر الحصار الإسرائيلي على القطاع الذي يعاني وضعاً إنسانياً كارثياً.
وكانت السفينة التي سيّرتها اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، تحمل كمية رمزية من المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الأرز وحليب الأطفال، وتهدف إلى لفت الأنظار إلى الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة، ولكن إسرائيل اعترضتها قبل اقترابها من شواطئ القطاع، بالتزامن مع انطلاق قافلة الصمود البرية، واقتادتها إلى ميناء أسدود وسط إسرائيل، واعتقلت الناشطين والتحقيق معهم قبل أن تعيدهم قسراً إلى بلدانهم.
وأثار الهجوم الإسرائيلي على السفينة موجة إدانة دولية واسعة، وأسهم في توحيد الجهود العالمية لكسر الحصار عن القطاع ضمن إطار ائتلاف أسطول الحرية، الذي ينظم بعثات كسر الحصار البحري، رغم العراقيل الإسرائيلية المتواصلة.
ردود الفعل
اعتبرت منظمة العفو الدولية سيطرة إسرائيل على سفينة “مادلين” انتهاكا للقانون الدولي، وقالت الأمينة العامة للمنظمة في بيان “برزت مهمة مادلين كرمز قوي للتضامن مع الفلسطينيين المحاصرين والجوعى والمعذبين في ظل استمرار التقاعس الدولي”.
واعتبرت مهمتها إدانةً لفشل المجتمع الدولي في إنهاء الحصار الإسرائيلي اللاإنساني، وقالت “ما كان للناشطين أن يُخاطروا بحياتهم لو حوّل حلفاء إسرائيل أقوالهم إلى أفعالٍ حازمة للسماح بدخول المساعدات إلى غزة”.
ووصفت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة إسرائيل بأنها “دولة مجرمي حرب” ودعت إلى “تجهيز مزيد من السفن الإغاثية وإرسالها إلى الفلسطينيين المجوّعين بالقطاع المحاصر”.
وأكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا “أن السيطرة على السفينة واختطاف ركابها يعتبر جريمة حرب، فالسفينة في مهمة إنسانية إغاثية لإيصال مساعدات لسكان القطاع الذين يتعرضون لإبادة جماعية منذ عشرين شهراً، وهذا يوجب على مكتب الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في هذه الجريمة الجديدة”.
وأضافت “في ظل صمت لا يمكن تفسيره، قام هؤلاء النشطاء بخطوة إنسانية رمزية لكسر حاجز الصمت، وخاطروا بحياتهم لإرسال رسالة إلى العالم أجمع أن استمرار الصمت ليس خياراً”.
قافلة الصمود
انطلقت قافلة الصمود البرية التي نظمتها تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين واتحاد الشغل التونسي ومنظمة الهلال الأحمر التونسية، من تونس العاصمة، في تحرك شعبي لكسر الحصار المفروض على غزة.
وضمت عشرات الحافلات والسيارات، وعلى متنها أكثر من 1500 ناشط من الجزائر والمغرب وموريتانيا، رفعوا أعلام فلسطين، ورددوا هتافات تندد بالعدوان الإسرائيلي، وتفضح صمت المجتمع الدولي تجاهه.
وأكد منظمو القافلة أنها لا تحمل مساعدات أو تبرعات، ولكنها تهدف إلى المشاركة في الحراك العالمي لكسر الحصار على غزة.
وتحركت باتجاه عدد من المحافظات التونسية لجمع المشاركين فيها ابتداء بمحافظة سوسة ثم صفاقس فقابس، ووصلت إلى مدينة بن قردان في الجنوب التونسي، وهي آخر نقطة لها في تونس قبل تدخل إلى الأراضي الليبية من معبر رأس جدير الحدودي.
ولدى مرورها في ليبيا عبر طرابلس ومصراتة وسرت وبنغازي وطبرق، قوبلت بترحيب شعبي كبير، ومعوقات ومضايقات رسمية، قبل أن تتوجّه إلى معبر السلوم المصري، في طريقها إلى القاهرة، حيث تعرصت لمعوقات ومضايقات رسمية مشابهة لما جرى في ليبيا.
أسطول من ألف سفينة
أعلنت منظمات مدنية وإسلامية ماليزية عزمها على تجهيز أكبر أسطول بحري لفك الحصار عن غزة، وقال رئيس مجلس تنسيق المنظمات الإسلامية الماليزية إن نتائج اتصالاته مع هيئات ومنظمات من مختلف أنحاء العالم “مشجعة جداً لتسيير أسطول بألف سفينة”.
وقال إن الأسطول “لن يكون مجرد أسطول مساعدات بل انتفاضة ضمير إنساني، بعد أن عجزت الأنظمة السياسية عن وقف جرائم الإبادة”.
وأشار إلى أن سفينة مادلين التي اختطفتها إسرائيل، نجحت في تسليط الضوء على جرائم الإبادة الجماعية، والحاجة إلى تعزيز التحرك لوقف تلك الجرائم، وحفّزت المنظمات الإنسانية في العالم على تكرار تجربة أسطول الحرية بحشد دولي أكبر.
وحددت المؤسسات الراعية للأسطول أهداف التحرك بـ “إيصال المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة المحاصر، وتحدي خروقات إسرائيل للقانون الدولي، وتشجيع مؤسسات المجتمع المدني في العالم للتحرك لإنقاذ الإنسانية، وممارسة ضغط سلمي وأخلاقي على سلطات الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني لوقف جرائمه”.
وجاء في بيان وقعت عليه عشرات المؤسسات الماليزية “إن فكرة أسطول الألف سفينة ستدفع الحكومات للتحرك لحماية رعاياها المشاركين في الأسطول، الأمر الذي سيدفع لتشكيل حراك عالمي ضد سلطات الاحتلال وداعميها”.
ودعا البيان المؤسسات والأفراد، إلى تنظيم مسيرات داعمة للحملة، والضغط على الحكومات لضمان حماية المشاركين في الأسطول.