لكل السوريين

رفض شعبي للتطبيع في الشمال الغربي، والشمال الشرقي يعتبره: “طمع أنقرة واستبداد دمشق”

أثارت حالة التطبيع التي تستعد كلا من دمشق وأنقرة تطبيقها بعد فترة قطيعة بين البلدين قاربت الـ 13 عاماً، موجة احتجاجات واسعة، رافضة للتطبيع المزعوم.

وتشهد مناطق شمال غربي سوريا، التي تحتلها تركيا برفقة مرتزقة الجيش الوطني السوري، احتجاجات مستمرة رفضا لخطوات التطبيع، التي كانت بدايتها فتح المعابر التجارية، واتضح ذلك في معبر أبوالزندين، الذي لاقت عملية افتتاحه احتجاجات واسعة.

ومنذ إعلان أنقرة استعداها التام، بوساطة روسية، افتتاح كافة المعابر التجارية بين شمال غربي سوريا ومناطق سيطرة حكومة دمشق، خرجت مظاهرات واسعة منددة بها، ما يؤكد الرفض الشعبي للتطبيع.

وراح ضحية تلك الاحتجاجات عدد من المدنيين، برصاص مرتزقة الجيش الوطني، الذي سعى بكافة تشكيلاته العسكرية تطبيق ذلك الاتفاق، الذي يعد خطوة أولى ملموسة في إطار التطبيع العلني بين دمشق وأنقرة.

وعلى الرغم من وضع الأسد شرط انسحاب الاحتلال التركي كشرط أساسي لأي عملية تفاوض، إلا أن الضغط الروسي على ما يبدو جاء بثماره، حيث أكد سيرغي لافروف في أكثر من مناسبة، أن هذه الشروط لا تعد عوائق أساسية في سبيل إعادة العلاقات بين البلدين.

وقبل يومين، خرجت مظاهرة حاشدة في مناطق شمال غربي سوريا، تنديدا بموجة التطبيع التي تنتهجها كلا من أنقرة ودمشق.

وأطلق مرتزقة الشرطة العسكرية التابعة للاحتلال التركي، الرصاص المباشر على المتظاهرين، الذين جددوا مطالبهم برفض التطبيع وإطلاق سراح الرافضين لافتتاح معبر أبو الزندين الذي تم افتتاحه قبل نحو شهر تقريبا.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، باستمرار المظاهرات والاحتجاجات المناهضة للتقارب السوري ـ التركي، برعاية روسية.

ودون النظر للاحتجاجات الواسعة في المناطق التي تحتلها، تسعى دولة الاحتلال التركي لتنفيذ الاتفاق مع العرّاب الروسي، وأبدت سلاسة ومرونة في التجاوب مع المطالب الروسية في إطار السعي الدؤوب من قبلها للإسراع بالتطبيق.

وأعلن وزير خارجية الاحتلال التركي، هاكان فيدان، أن المحادثات بين أنقرة ودمشق لم تتوقف وأن تركيا باتت جاهزة للقاء الأسد، في أي وقت، دون تحديد الموعد والمكان.

وسبقت تصريحات فيدان جولة مباحثات تركية – أميركية حول الأزمة السورية والحل السياسي، عقد في ختامها لقاء بين نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، ووفد التفاوض، تم خلاله مناقشة الحل السياسي في إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام 2015، الذي يشكل المرجعية لهذا الحل، بحسب ما قالت وسائل إعلام.

موقف الإدارة ثابت لا يتغير

وسط كل هذه المتغيرات المتسارعة، باتت الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، ومجلس سوريا الديمقراطية هما الطرفان الرئيسيان اللذان يؤكدان رفضهما بشدة لمحاولات التطبيع، معتبران أن هذا التطبيع لن يخدم سوى دولة الاحتلال التركي اللاتي كانت المتسبب الرئيس بتهجير ملايين السوريين، وفتح المجال لتدفق آلاف الإرهابيين المرتزقة الذين فعلوا ما فلعوه في فترات متواصلة من عمر أزمة البلاد.

واعتبرت الإدارة الذاتية في بيان سابق مغتضب، أن تركيا تسعى من خلال عملية التطبيع إلى تكريس احتلالها في مناطق واسعة في شمال شرقي سوريا، وأنها تحاول خلق واقع جديد، لافتة إلى أن “أي حوار أو تقارب مستقبلي بين النظام السوري وتركيا “هو ضد مصلحة السوريين عامةً وتكريس للتقسيم وتآمر على وحدة سوريا وشعبها”، معتبرة أن أي اتفاق “لن يحقق أي نتائج إيجابية، بل سيؤدي لتأزيم الواقع السوري ونشر مزيد من الفوضى”.

وقال البيان السابق “إن أي اتفاق أو تفاهم بين أي طرف من الأطراف (أنقرة ودمشق) دون أن يشمل حلاً سياسياً جذرياً يعتبر “خطوة عدائية”، معتبرة عن رفضها التام لأي مساس بقضية سوريا وشعبها.

وأضاف “التقارب المحتمل بين دمشق وأنقرة، يجب أن يشمل الاتفاق، الحل السياسي، العودة الآمنة والكريمة للسوريين، وضمان حق الاستقرار وتغيير السياسات تجاه القضية القومية، وحقوق أطياف الشعب السوري كافة، إضافة إلى الإفراج عن المعتقلين والانسحاب من الأراضي السورية.

وكان مجلس سوريا الديمقراطية، مسد، قد شدد أكثر من مرة على أن “وحدة سوريا والحوار الوطني السوري هو الأساس الصحيح لبناء سوريا الديمقراطية الموحدة، شعباً وأرضاً”، مشيرا إلى أن تركيا لعبت “دوراً سلبياً” في الأزمة السورية.

وطالب بالاعتراف بالإدارة الذاتية، معتبرا أن التطبيع بين دمشق وأنقرة يعتبر خيانة للشعب السوري، باعتبار أن تركيا لعبت دورا سلبيا في سوريا، لافتا إلى أن مسد يدعم الحوار السوري ـ السوري.

وسبق أن حذر “مجلس سوريا الديمقراطية”، في بيان له، من أن يكون التصالح بين أنقرة ودمشق على حساب الشعب السوري، موضحاً أن التطورات المتعلقة بمحاولات التطبيع بين الطرفين، ساهمت بشكل كبير في زيادة الضغط على اللاجئين السوريين في تركيا.

ورأى المجلس أن ثنائية “الأطماع التركية واستبداد سلطة دمشق” قد ساهمت في تعقيد الأزمة السورية منذ بواكيرها، وساهم الطرفان في إراقة الكثير من الدماء في سوريا، معتبراً أن هذا التصالح لا يمكن له أن يمرّ إلا فوق المزيد من أجساد الضحايا ومزيدٍ من دماء الرافضين للصفقات التي تبيع وتشتري كرامتهم.

وقال مجلس سوريا الديمقراطية في بيان سابق له، إن المجلس يُثمِّن مواقف الشعب السوري الحر الذي يدافع عن كرامته وحيدًا بعد أن تخلى المجتمع الدولي عن التزاماته تجاه الحل السياسي بتشجيعه للمصالحة والتطبيع مع سلطة دمشق. ويرى أن السوريين كانوا وما زالوا مطالَبين بمراجعة مواقفهم تجاه الانقسام البَيْني الذي ساهمت فيه تركيا وسلطة دمشق.

ودعا “مجلس سوريا الديمقراطية” القوى الوطنية السورية للإسراع في التحضير لعقد مؤتمر حوار وطني على الأراضي السورية بهدف تقييم المرحلة وتحديد الأولويات ومواجهة التحديات والمخاطر، وتوحيد الجهود بهدف تحقيق الانتقال الديمقراطي وإنهاء الاحتلالات وعدم السماح بإعادة إنتاج وشرعنة منظومة الاستبداد والفساد.

بدورها، اعتبرت قوات سوريا الديمقراطية، أن الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها مناطق شمال غربي سوريا ضد قوات الاحتلال التركي يعتبر قضية كرامة وطنية، لافتة إلى أن استقلالية القرار السوري تعد أهدافا توحد السوريين جميعا.