لكل السوريين

إقبال على شراء الألبسة الأجنبية مقابل محلية الصنع

حمص/ بسام الحمد

تشهد الأسواق في حمص تراجعا تاريخيا في الإقبال على شراء الألبسة المصنوعة محليا، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول مصدر الألبسة التي يشتريها عادة السوريون ويملأون بها خزانات الألبسة في منازلهم.

ساهمت التجارة الإلكترونية، بشكل كبير في انتشار الألبسة المستوردة، وقد شهدت البلاد خلال الفترة الماضية إقبالا واسعا على شراء الألبسة عبر الإنترنت، وذلك بسبب ما تقدمه هذه الألبسة من جودة أفضل من تلك المصنوعة محليا، وبأسعار منافسة بحسب شهادات الأهالي.

لم يعد يقتصر بيع الألبسة عبر الإنترنت على البضائع الوطنية، وإنما وصل إلى الدول الأخرى المجاورة كتركيا والسعودية ودبي وغيرها، حيث “استغل بعض السوريين وجود أقارب ومعارف لهم في الدول الأخرى لتسهيل التعامل مع مواقع التسوق الخارجية من ناحية الشحن والتسديد المصرفي”.

هذا الأمر أفضى إلى انتشار الألبسة الأجنبية في المحافظات السورية، خاصة وأنها تصل أحيانا إلى المستهلك بأسعار تعادل وأحيانا تقل عن أسعار البضاعة الوطنية وتفوقها بالجودة، حيث أن الأسعار المخفضة لهذه المنتجات تكون بسبب أنها قد يكون بها عيب بسيط في التصنيع، ولكن مع ذلك تبقى أعلى جودة من الألبسة المصنوعة محليا.

القائمون على عمليات البيع هذه، لا يحتاجون سوى لصحفة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، لعرض البضائع للزبائن، حيث تعرض في الصفحة بضائع معروضة على أحد مواقع التسوق التركي مثلا، ثم يتم الكميات التي يحجزها الزبائن إلى لبنان فسوريا.

وساهم في ذلك أن صناعة الألبسة لها معايير محددة من حيث الموضة والألوان والخياطة وغير ذلك، وبالتالي فإن أي شركة تقوم بنهاية عملية التصنيع بفرز بضائعها وينتج عنها ما يسمى الـ”ستوك” وهي بضائع معطوبة فقد يكون القياس غير دقيق أو هناك عيب صغير في الخياطة أو درجة اللون أو الأزرار وما إلى ذلك، فيتم بيعها لمواقع التسوق بأسعار مخفّضة، وبالتالي فإن السعر المعروض هو غير حقيقي.

خلال السنوات الماضية أصبحت أسواق “البالة” في كافة المدن السورية الأكثر اكتظاظا بالزبائن، وخاصة بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية التي عصفت بكافة الشرائح الاجتماعية، لكن حركة تلك الأسواق تراجعت مؤخرا بعد ارتفاع أسعار سلعها بشكل كبير جدا، نظرا لتأثّر كافة الأسواق بالعوامل الاقتصادية الأخيرة التي تشهدها سوريا.

بينما يعبر مواطنون عن استيائهم من ارتفاع أسعار ألبسة البالة، حيث وصل سعر القطعة إلى ما يتجاوز راتب الموظف، فيتراوح سعر البنطال ما بين 75 إلى 100 ألف ليرة والقميص العادي يقدر بنحو 50 ألفا.

في المقابل، لفت أحد أصاحب محل “البالة” إلى أن الألبسة المستعملة كانت سابقا للفقراء ومحدودي الدخل فقط، أما اليوم ومع الظروف الاقتصادية الحالية فيرتاد السوق زبائن من مختلف المستويات الاجتماعية، ومنهم أصحاب الطبقة المخملية الذين يبحثون عن نوعية محددة من البضائع الأوروبية، وهي تكون تصفيات معامل وبضاعة انتهى موسمها ولكنها جديدة.

من جانب آخر، أرجع أصحاب محلات “البالة” سبب ارتفاع أسعار الألبسة داخل السوق إلى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، خاصة وأن البضائع الموجودة معظمها مهرّبة، لذلك فإن الأسعار لم تعد ثابتة كما كانت قبل سنوات، بل معرّضة اليوم للارتفاع تبعا لأسعار الصرف.

كما وأكد تجار “البالة” أنهم يشترون الملابس بالعملة الأجنبية، ويدفعون مبالغ كبيرة حتى يستلمون بضائعهم، مضيفين أن معظم البضائع تصل بطرق التهريب من خارج سوريا، ويضطرون لدفع نفقات وصولها لهم، وهذا يجبرهم على رفع أسعار الثياب المرتبطة أساسا بالدولار.

تراجع صناعة الألبسة محليا في سوريا، يعود بالدرجة الأولى إلى ارتفاع التكاليف على المنتجين، فضلا عن عدم توفر الكهرباء والمواد الأولية اللازمة لدوران عجلة الصناعة، يضاف إليها عجز الحكومة السورية عن دعم المنتجين، بما يضمن لهم تقديم منتج بأسعار تناسب المواطن السوري.