لكل السوريين

البيض يلحق بالفروج ويغادر موائد ذوي الدخل المحدود

حلب/ خالد الحسين

بعد مرور  أكثر من عقد من الزمن على بدء الأزمة السورية يزداد الواقع الاقتصادي سوءاً كل عام وفي كل فترة يستغني الفقراء وأصحاب الدخل المحدود عن شيء من موائدهم، وعلى الرغم من أن لحوم الدجاج والبيض أصبحت خارج القدرة الشرائية لدى المواطنين، بسبب زيادة الفجوة بين قيمة الرواتب والأجور والأسعار السائدة في الأسواق، إلا أنه ثمة مؤشرات على زيادة وشيكة في أسعار البيض والفروج، مما سيجعل هذا المنتج خارج موائد السكان في حلب لفترات طويلة متقطعة، بمعنى أنه سينحصر بين شراء قطع فقط أو الاكتفاء بتناوله لمرة واحدة في الشهر أو الشهرين أو حتى لعدة شهور، نظرا لتفاقم مستوى الفقر في البلاد بشكل عام و أكبر مما كان عليه في السابق.

لا يخفى على أحد أن أسباب ارتفاع أسعار البيض والفروج تتناسب طردا مع ارتفاع أسعار الأعلاف والوقود وسط غياب الدعم الحكومي لمربي الدواجن من خلال تزويدهم بهذه المواد الأساسية لاستمرارية وإنعاش هذا القطاع المتهالك بالفعل.

لذلك، فإن لجوء مربي الدواجن إلى شراء هذه المستلزمات من السوق السوداء، بالتزامن مع ارتفاع أسعارها، سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق بلا شك، وبالطبع المواطن السوري هو الوحيد الذي يدفع ضريبة هذا التّفلت والتدهور.

من الطبيعي أن يرتفع سعر صحن البيض الى ٣٥ ألفا وربما سيصل الى ٤٥ أو أكثر إذا لم يتم دعم المربين بالسرعة القصوى من قبل الجهات المعنية بالحكومة السورية، خصوصا من ناحية سعر المازوت، حيث يؤكد ” منذر عارون ” وهو أحد المربّينَ أن “أسباب ارتفاع سعر البيض والفروج باتت معروفة لدى الجميع ولعل أبرزها، ارتفاع سعر العلف واليوم لم يُعد ثمة دعم حكومي للمازوت”، حسبما يوضح تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، نُشر مؤخرا.

كذلك، فقد أصبح يُحسب لتر المازوت على المربي بـ 5400 ليرة سورية في حلب وريفها على عكس المحافظات الأخرى التي يحسب فيها سعر اللتر بـ 3100، ناهيك عن ارتفاع أسعار كيلو الصويا الذي وصل سعره إلى 9200 ليرة، وبالتالي تربية الدواجن باتت مكلفة للغاية، فجميع المواد الداخلة فيها باتت مرتفعة، منها الأدوية واليد العاملة والمحروقات، خصوصا وأن صغار الفروج “الصوص” بحاجة الى التدفئة طوال أشهر السنة ما عدا الشهرين السابع والثامن.

عارون يقول إن أغلب المربّينَ خرجوا عن عملهم، على إثر ارتفاع التكلفة، وفي حال لم يستطع المربي أن يجني ثمن التكلفة على الأقل، فلماذا يقوم بالتربية، فالعزوف عن العمل من أصله أفضل له لا سيما وأن الأوضاع الاقتصادية متدهورة في عموم البلاد.

هذا الأمر بالتأكيد سبّب قلة في المردود والإنتاج ما أدى إلى ارتفاع سعر المنتج في السوق، ويلفت عارون إلى أن سعر الصوص البالغ من العمر يوما واحدا يبلغ قرابة 7500 ويحتاج إلى 50 ألف ليرة كتكلفة حتى يصبح قادرا على إعطاء البيض، ناهيك عن أنه يصبح بحاجة إلى غذاء أكثر عندما يبيض ويصبح منتجا كباقي الدواجن، بالتالي التساؤل الأهم، كم يحتاج المربي ليسترد تلك النفقات.

في المقابل، دعا عارون إلى ضرورة دعم المربّينَ بالسرعة القصوى، وذلك للحد من غلاء أكثر محتمل في أسعار البيض والفروج معا، فضلا عن أن الدعم الحكومي سيجعل المربّين يستمرون في عملهم، وسيشجّع غيرهم من عزف عن هذه المهنة للعودة إليها، وبالتالي زيادة الإنتاج وتاليا سينخفض السعر بالتأكيد، وهذا ما سيسهل حصول المواطن على هذا المنتج، وإلا فإنه سيغيب عن موائدهم تدريجيا حتى يختفي تماما ربما.

لم يختلف رأي الخبير ” مالك الحيري ” كثيرا فقد نفى أن يصبح هناك وفرة من البيض في الصيف، مؤكدا أنه لا يوجد رابط مباشر بين حلول فصل الصيف وتبدل سعر منتج البيض نظرا لعدم حاجة الدجاج البياض في مرحلة الإنتاج الى نفقات تدفئة، كذلك لا يؤثر تبدل الفصول على أسعار المواد العلفية الخاصة بالدجاج كونها مستوردة بكل الحالات.

كما أكد الحيري, أنه من المستحيل أن تنخفض أسعار البيض بل على العكس يمكن أن ترتفع طالما بقيت تكاليف الإنتاج وفي مقدمتها أسعار الأعلاف تتحرك صعودا بجانب تراجع أعداد مربي الدجاج البياض بفعل الخسائر التي يتعرضون لها في كل مرة ترتفع فيه أسعار مستلزمات تربية الدواجن.

هذا وتُعتبر أسعار اللحوم الفروج والبيض، الأكثر تذبذبا وارتفاعا حتى أن الأسعار غير مستقرة، نظرا لأن أسعار الأعلاف مستقرة ولم تتبدل منذ العام الماضي،  بجانب عدم التزام الحكومة في دعم المربّينَ بمازوت التدفئة وبالتالي ثبات أسعار الفروج مرتبط ومتعلق دون شك بتسعيرة الأعلاف وشحّ المازوت.

على الرغم من تحذيرات المسؤولين بالحكومة والمربّينَ والباعة بتدهور قطاع الدواجن وتراجع العاملين فيه، فإن الجهات المعنية بذلك لا تحرك ساكنا، بل ولا توفي بوعودها في إطار دعم هذا القطاع , وقد قال عضو لجنة “غرفة زراعة حلب” في وقت سابق “للأسف هناك خروج لقسم كبير من مربّي الدواجن والبياض بعد إخفاق الوعود بتأمين الأعلاف والمحروقات وغيرها، فالمربون يتعرضون لخسائر، ورؤساء الأموال تتآكل يوما بعد يوم لأن تربية الدواجن، وتجارة البيض تجارة ضعيفة بسبب ارتفاع أسعار العلف، فالصويا مثلا ارتفعت خلال أيام إلى أكثر من ٣٠٠٠ ليرة سورية للكيلو الواحد“.