لكل السوريين

هل دخل لبنان مرحلة ما بعد سعد الحريري.. وهل يرث بهاء دور شقيقه السياسي؟

تقرير/ لطفي توفيق  

أعلن بهاء الحريري أنه سيدخل الحياة السياسية في لبنان وسيخوض معركة “استرداد الوطن” ويواصل مسيرة والده الراحل، وذلك بعد أيام من إعلان شقيقه سعد إنهاء دوره في الحياة العامة.

وبحسب مستشاره الإعلامي فإن بهاء لن يرشح نفسه في الانتخابات، ولكنه سيساند قوائم انتخابية في أنحاء لبنان تحت شعار “سوا للبنان” وهي حركة أسسها ومولها بعد اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، حيث ارتفعت أصوات نادت بتنصيب نجله الأكبر بهاء، وريثاً سياسياً ولكنه تخلى مرغماً عن موقعه لشقيقه سعد دون أن يتخلى عن حلم الوراثة السياسية لوالده، وهو ما يفسر العلاقة المضطربة بين الأخوين، وتشكيل خلايا سياسية في مناطق نفوذ تيار المستقبل جمع فيها كل الخارجين من تحت مظلة التيار أو الناقمين عليه.

وأكد الحريري نيته للعودة إلى البلاد، عندما تسمح الظروف الأمنية بذلك، وأن الموضوع “تحت الدراسة”.

برنامج الحريري وأدواته

يتبنى بهاء الحريري مشروعاً سياسياً يلخصه بتطبيق اتفاق الطائف، وفصل الدين عن السلطة التنفيذية والتشريعية، وإيجاد مجلس شيوخ يعطي الصلاحيات للأقليات، وتطبيق اللامركزية الادارية، ومكافحة الفساد عبر استقلالية القضاء.

وعن الأدوات والوسائل التي سيعتمد عليها لتنفيذ مشروعه، يتحدث عن ركائز إعلامية واقتصادية منجزة، وأخرى في طريقها إلى الإنجاز.

حيث أطلق وموّل منصة “أس بي آي” كركيزة إعلامية، تبث ما يزيد عن الثلاثين برنامجاً،

وهي عابرة للطوائف ولا تروج لأشخاص حسب قوله، وعرضت ما يزيد عن أربعة آلاف حلقة في مجالات متنوعة، ويشاهدها الملايين، كما يقول المشرفون عليها.

والركيزة الثانية هي “مؤسسة نوح” التي تديرها زوجته، ويعتبرها “عابرة للطوائف” فهي تعمل بكل المناطق اللبنانية وستوسع أعمالها كلما أمكن ذلك.

والركيزة الثالث هي “سوا  للبنان” التي تقوم كما يصفها، على ست نقاط “مشروع اقتصادي، مشروع دستوري، بمعنى تطبيق اتفاق الطائف، القضاء المستقل، الأمن، الشأن الصحي، استئصال الفساد”.

ولطالما تحدث بهاء الحريري عن “احتلال إيراني” للبنان وعن قراره خوض معركة “استرداد الوطن وسيادته من محتلي هذه السيادة”، ويقول الآن “الطريقة الوحيدة للتغيير هي من خلال الانتخابات، عندما يمسك اللبناني الورقة الانتخابية ويصوت لمن يريد”.

ويشدد الآن على الاعتدال لا السلاح، ويقول “لم ولن تتلطخ أيدينا بالدماء، وهذه مسيرتنا”.

المفتي والوصاية

يبدو أن رهان سعد الحريري على دور مفتي الجمهورية اللبنانية ليس في مكانه، فالمفتي كما يبدو، لديه حسابات غير تلبية رغبة زعيم المستقبل بتغطية المقاطعة السنية للانتخابات المقبلة،

حيث قام بزيارة إلى السراي الحكومي وأعلن دعمه للرئيس ميقاتي وقام تأدية صلاة الجمعة إلى جانبه وجانب فؤاد السنيورة الذي تبنى إعلان رئيس الحكومة الحالي الدعوة إلى المشاركة السنية في الانتخابات.

مما دفع المتابعين للشأن اللبناني إلى الاعتقاد ببداية ملامح مرحلة “ما بعد سعد الحريري”، تتضمن عقد الراية لدار الفتوى لتقوم بمهام المرجعية السياسية للمسلمين السنة، إضافة إلى مرجعيتها الروحية، وتقوم بتأمين الغطاء للرئيس ميقاتي ليستمر برئاسة الحكومة وتولي ملف المفاوض عن الطائفة، على أن يحافظ على ما التزم به قبل تشكيل حكومته الحالية أمام الغرب ورؤساء الحكومات السابقين.

وتتولى دار الفتوى توزيع ما سيتبقى من التمثيل السني في البرلمان المقبل على ما تبقى من الوجوه السياسية السنية التقليدية، أو الوجوه الجديدة التي أثبتت حضورها في الآونة الأخيرة، على أن يقبل الجميع بمرجعية دار الفتوى السياسية إضافة إلى المرجعية الدينية.

ارتدادات الانسحاب

أحدث انسحاب الزعيم الأول للطائفة السنية، وصاحب أكبر تكتل برلماني من العمل السياسي، ارتدادات كبيرة على الساحة السياسية اللبنانية، في بلد يحكمه منطق التوازنات الطائفية.

وقد يعطي غياب تيار المستقبل عن الانتخابات القادمة فرصة للزعامات المناطقية والتيارات الإسلامية المتشددة، لتقدم نفسها للناخبين كبديل عن التيار، لأن مقاطعة الانتخابات ليست واردة،

ولأن فرص بهاء بوراثة شقيقه سياسياً، ليست كبيرة على ما يبدو، لعدم امتلاكه المظلة الدولية والإقليمية التي رافقت وصول شقيقه إلى الحكم.

وصعوبة حصوله على غطاء من دار الفتوى أو رؤساء الحكومات السابقين الذين يبدو أن لديهم خطة بديلة أخرى.

وتنامي الإحساس لدى معظم الشارع السني بأن الطائفة ليست سلعة يتوارثها أبناء الشهيد رفيق الحريري.

وقد يشكل الدخول بمرحلة “ما بعد سعد الحريري” فرصة لدار الفتوى في لبنان للعب دور سياسي على غرار الدور الذي تقوم به الكنيسة المارونية في بكركي.