لكل السوريين

الغلاء وندرة الكهرباء والمحروقات تحول البوظة إلى الكماليات

اللاذقية/ سلاف العلي

سجلت أسعار المثلجات في اللاذقية ارتفاعا كبيرا مع بداية موسم الصيف، حيث وصل سعر كيلو البوظة العربي بالقشطة والمكسرات إلى ما يقارب ال 350 ألف ليرة، ما أدى إلى تراجع الإقبال بنسبة كبيرة قياسا بالسنوات السابقة، وتعد اللاذقية أشهر من قام بصناعة البوظة منذ القدم.

أن صناعة البوظة تعد أساسية في اللاذقية بدءا من البوظة الخفيفة إلى البوظة الثقيلة والغالية الثمن، سواء كانت عربية أم غربية، أن معاناة أصحاب المهنة  تبدأ من قلة الكهرباء، ما يضطرهم لتأمين مولدات وما يعقبها من تكاليف، مثل المازوت الذي يصل سعر الليتر الواحد منه إلى20 الف ليرة سورية ،  اضافة إلى التحديات مع وزارة الصحة وموظفي السجل الصناعي والتجاري وموظفي المحافظة أو البلدية والجمعية الحرفية والجمارك، الذين يقتحمون دائما محال الحرفيين بحثا عن مواد مهربة او مواد بدون فواتير نظامية، كذلك المطالبة الضريبية السنوية والشهرية والأسبوعية واليومية ، من دوائر المالية،إضافة إلى ضريبة الإنفاق الاستهلاكي من خلال الربط الإلكتروني الذي تبلغ نسبته 8%،أن تحديد أسعار البوظة يعتمد على نوعها، إذ يوجد نظام لتحديد الأسعار يتم وضعه من الحرفيين، ويتضمن هذا النظام أجور العمال، وتكلفة العبوة، وأرباح المنتج، ويتم تحديد الأسعار لكل محل على حدة، أما الرقابة الصحية فيجب أخذ عينات من البوظة لتحليلها وضبط المخالفين سواء من الناحية الصحية أم التسعيرة.

يشار الى أن البوظة العربية يصل سعر الكيلو منها الى 400ألف ليرة سورية لتنخفض بالتدريج، إلا أن ما يرفع سعرها هو الفستق الخاص بالبوظة، ويزيد سعر البوظة سواء العربية أم الغربية عندما يضع الحرفي معها الفستق بكميات مختلفة، وكلما زادت كمية الفستق ارتفعت تسعيرتها، أما البوظة الغربية الإيطالية النوع الأول, فيبدأ سعرها من 50 إلى 200ألفا للمستهلك، وأن هذا الارتفاع يعود إلى زيادة تكاليف المواد الخام وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة، ما يضطر الحرفيين كمنتجين لشراء الوقود بالسعر الحر من السوق السوداء أو الاشتراك بالأمبيرات أو تركيب ألواح شمسية، حيث أن أسعار المثلجات هذا العام ارتفعت بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي، و أنه على الرغم من حاجة الكثيرين لشرائها بشكل يومي .

إن رفع الأسعار ليس من مصلحة المهني إلا أنه مجبر على ذلك، لأن الأرباح موزعة ما بين محل وخدمات وأجرة العمال والكهرباء والمالية التي أصبحت تتقاضى نسبة 8% على الفوترة الإلكترونية، أن تكلفة كيلو البوظة تتراوح بين 150 الى 200 ألف ليرة للأنواع المتوسطة الجودة ويباع بحوالي 200 الى 300ألف ليرة للمستهلك، في حين تباع كرة البوظة الواحدة بسعر5-7 آلاف ليرة، والكورنيه البوري من 8 الى10 آلاف ليرة، والكأسة بين 11- الى 13 آلف ليرة ، ويتفاوت سعر البوظة بالقشطة، بحسب نوع القشطة وكميتها، حيث وصل سعر القشطة إلى 150 ألف ليرة بالجملة ليتم تصنيعها كبوظة عربي، وإن أسعار الفستق الحلبي الجيد تجاوزت الل400 ألف ليرة، وكل هذا يضاف على التكلفة، وأن سعر البوظة المغلفة يتراوح حسب نوعها بين 1500 إلى 12000 ليرة للقطعة الواحدة من النوع الفاخر أما الفرط فكرة البوظة السادة من  5 آلاف إلى  7 آلاف ليرة حسب نوعية وجودة المواد الداخلة في صنعها، أما البوظة التي يدخل فيها فواكه مجففة ومكسرات، فتبدأ من9 آلاف ليرة للكرة الواحدة، أن سعر الكيلو بالمكسرات نوع إكسترا يبدأ من 150 وحتى 175 ألف ليرة، أما سعر كيلو البوظة العربي بالقشطة والفستق الحلبي فقط، فيبدأ من200 الف ليرة، ويزداد كلما كانت كمية الفستق أكبر، أي حسب طلب الزبون، حيث أنه من الممكن أن يصل سعر الكيلو إلى 250  وحتى 400ألف ليرة، وأن هذا النوع من البوظة له زبائنه المميزين، ونتيجة التقنين الكهربائي الذي يصل إلى أربع ساعات ونصف قطع مقابل نصف ساعة وصل، وهي مدة ليست كافية لتخزين البوظة، يضطر أصحاب المحال التجارية للاعتماد على الأمبيرات، التي زاد أصحابها أجرتها بنحو 75% بعد رفع سعر المازوت مؤخرا ، غابت البوظة عن أغلبية ريف اللاذقية، نتيجة غياب الكهرباء وتقنينها القاسي، مع بداية هذا الصيف لجأت بعض شركات البوظة إلى منح بعض أصحاب المحال التجارية في الأرياف ألواح طاقة شمسية تكفي لتشغيل البراد، رغم انتهاء شهري حزيران ونصف تموز الشديدي الحرارة هذا العام، تشكو عائلات عديدة في اللاذقية وريفها من مرور موجات الحرارة دون شراء البوظة سوى مرات قليلة تكاد تعد على الأصابع، لتنضم البوظة إلى قائمة المواد الغائبة عن أغلبية المواطنين، بعد أن تحول تناولها إلى رفاهية كبيرة، السيد جعفر صاحب محل تجاري: بقالية بريف اللاذقية، أشار الى إن بعض الشركات كانت في الماضي تمنح برادات خاصة بالبوظة، لكن هذا العام منحته لوح طاقة شمسية يكفي لتشغيل البراد، على أن تسترده الشركة بمجرد انتهاء الموسم الصيفي، وأضاف: البوظة في الريف من الأنواع الرخيصة، ويتراوح السعر بين 1500 و4500 ليرة للقطعة، لكن قبل حوالي شهر ونصف ارتفع السعر ليتراوح بين 3500 الى 7000ليرة، وان نسبة الإقبال على شراء البوظة ضعيف جدا، مقابل زيادة الإقبال على شراء مكعبات الثلج.

تعد النظافة من أهم الشروط التي يجب الانتباه إليها، سواء نظافة المكان أم نظافة القائمين على تحضير البوظة وغيره، حيث أنه هناك بعض الأشخاص يقومون بتصنيع البوظة ضمن أقبية أو في أماكن مهجورة، وهذا مخالف لمعايير وشروط التصنيع، بسبب بعدهم عن متناول الرقابة الصحية.

البوظة سريعة الفساد وخاصة القشطة، لذا لا بد من متابعتها بشكل دائم، ويتم ذلك عبر رصد عينات او قطفات وتحاليل تؤخذ من البوظة، لحماية المستهلك من أمراض متعددة وخطرة، فعند أخذ العينات والمراقبة يشار إلى الأخطاء والمخالفات وكشف تلوث المياه.

ووفقا لما قاله عضو من جمعية حماية المستهلك: ان بوظة الدق، يتم غشها، بعدة طرق أولها ألا يكون الحليب طازجا أو بوضع النشاء، أو انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر، وبالتالي تعرضها للحرارة وذوبانها ومن ثم البرودة، ما يؤدي إلى فسادها فتسبب أمراضا مختلفة للمستهلك، إضافة الى أن هناك ملونات طبيعية مثل التوت الشامي والكيوي، إلا أن ما يتم طرحه في الأسواق من ألوان مختلفة، غير صحي، لأنها ملونات صنعية مضرة بالصحة وخاصة صحة الأطفال، أما المكسرات التي توضع مع البوظة التي تضاف إليها الملونات، فأحيانا يوجد في المكسرات نوع من الفطريات، بسبب رطوبتها العالية قبل إضافتها إلى البوظة، خاصة أن البوظة توجد فيها مواد دسمة ما ينتج عنها تفاعلات سيئة وسامة بين المواد ، لكن مع برودة البوظة فإن المواطن لا يشعر بوجود الفطريات، لتلذذه بطعم البوظة ونكهتها فتؤدي إلى إصابة فطرية لديه، بسبب المادة السامة التي تفرزها المكسرات الفاسدة والتي تتراكم في الكبد، وهنا بالتحديد لابد من الانتباه من المستهلك لنوع المكسرات المضافة إليها ، ومن أساليب الغش أيضا في مجال حليب البودرة، وبسبب جهل مصدرها، حيث تضاف إليها السموم المهدرجة لإعطاء ملمس لزج كالمرهم، وأيضا من طرق الغش أماكن تصنيع البوظة، إذ إنه يمكن أن تكون غير صحية، وبالتالي الآلات المستخدمة والأدوات غير صحية والأيدي العاملة ، مما يفترض إجراء فحص دوري للعمال القائمين على رأس عملهم بأخذ عينة من دم وبراز العمال وتحليلها للتأكد من خلوهم من الأمراض السارية، أما بالنسبة للأمراض التي قد تسببها البوظة للمستهلك فهي عديدة منها: التهابات في كل من الفم- الجهاز التنفسي والهضمي- والالتهابات المعوية.

وتتخوف السيدة منال من اصطحاب أطفالها الثلاثة بأي نزهة خارج حيهم بالقرب من ساحة بسنادا في ضواحي اللاذقية، وقالت: إنها تخرج مع أطفالها من المنزل إلى الشوارع والحديقة القريبة، وأكثر ما تخشاه أن يلمحوا بائع بوظة، فلا إمكانيات لديها، فهي موظفة حكومية براتب لا يتجاوز الـ 400 ألف ليرة بعد زيادة الراتب، وتضيف انها إذا اشتريت لكل واحد منهم كورنيه بوظة فسأدفع  ما بين 18 الى 21 ألف ليرة، مضيفة أن الأطفال لا يستطيعون تقدير الظروف ولا يقتنعون بحرمان أنفسهم مثل الكبار، وهي لا تمتلك ما يمكنها من إطعامهم البوظة، فثمن كرة البوظة يشتري نصف كيلو فاصولياء أو كغ بندورة ، يمكن بها تحضير وجبة الغداء، لقد اعتاد المواطن أن يشتري كميات من البوظة تكفيه، وأسرته ليومين أو أكثر كنوع من التحلية اللذيذة والمحببة للجميع والتي تطفئ لهيب حرارة الطقس، ولكن انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وغلاء الأسعار غير تلك العادات المتعارف عليها، فنجد اليوم بأن من يريد شراء البوظة يكتفي بقطعة واحدة أو كأس صغيرة ليتناولها حالا، ويفضل رب الأسرة أن يشتري مواد تموينية أو لحما لأسرته بدل شراء كيلو بوظة ، فقد أصبحت البوظة مادة رفاهية لا تقدر الغالبية على شرائها.

السيد بدران صاحب سوبر ماركت قال: أن الإقبال على شراء البوظة تراجع بنسبة 60 بالمئة، لتبقى بنسبة 40 بالمئة، لان البوظة لصبحت مادة رفاهية وليست أساسية، لذلك المواطن عزف عن شرائها بعد ارتفاع سعرها بفعل ارتفاع التكاليف من جهة، ومن جهة ثانية بسبب عدم قدرته على وضعها في البراد لعدم وجود كهرباء، فكان المواطن يشتري كيلو بوظة واليوم يشتري بالطابة لأولاده حسب الرغبة، مثلا أو كأسة صغيرة لعدم تمكنه من تبرديها في المنزل، أن البوظة باتت من المنسيات، وخاصة أنه لم يعد بالإمكان الاحتفاظ بها في المنازل بعد أن كانت في الماضي ضيافة أساسية للزوار، أما حاليا فسعرها المرتفع وعدم توفر الكهرباء أسهما بشكل كبير بعدم التفكير بشرائها، وأن الإقبال على شراء البوظة يتناسب عكسيا مع ارتفاع الأسعار، فكلما ارتفعت الأسعار قل الإقبال على المادة باعتبار أن البوظة غير ضرورية، فالإقبال حاليا على المواد الأساسية اليومية.

السيد جوزيف قال: أن جمعية المرطبات تأثرت بالظروف العامة بحوالي 70% لتفقد الكثير من أعضائها الذين توقفوا عن الصناعة بسبب فروقات الأسعار وغلاء المواد الأولية الداخلة في الإنتاج، وأشار الى أن بعض الشركات التجارية الدخيلة على المهنة تدخل مواد مسرطنة في صناعة البوظة ومنها مادة الاسبرتام كبديل للسكر بسبب غلاءه، ولفت إلى أن وضع صناعة البوظة باللاذقية سيئ وربما يتوقف في حال لم يتم ضبط واستقرار الأسعار بالسوق التي باتت غير مقبولة، وأن بعض أصناف البوظة قد اختفت من السوق ومنها السويسرول والأسكا، وذلك بسبب فروقات الأسعار وعدم القدرة على صناعتها مقارنة بسنوات سابقة، يشار إلى انخفاض عدد المعامل ، حيث أن عوامل عدة أسهمت في إغلاق هذه المعامل منها ارتفاع أسعار المواد الأولية، عدم الإقبال على المادة، ارتفاع أسعار الكهرباء وعدم توفرها وانقطاعها لساعات طويلة، ارتفاع الضرائب ، ارتفاع سعر المازوت، والتصنيف الضريبي من قبل الاستعلام الضريبي الذي سبب إغلاق منشآت كثيرة وإفلاسها، وأن نسبة الإقبال على البوظة انخفضت ،علما أن مادة البوظة مادة صيفية، أثر في الإقبال على شرائها عدم وجود تيار كهربائي متواصل في المحال والمنازل.

يدفع صانع البوظة نحو مليوني ليرة أجور تأمين مادة المازوت للمولدات لزوم تشغيل البرادات والمحركات الضخمة، كون عمله لا يستقيم ولا يتحقق بغياب الكهرباء، إضافة الى ارتفاع أسعار المواد الارتفاع مما أثر على ارتفاع سعر مادة البوظة في الأسواق، يضاف ارتفاع أسعار الفواكه الطبيعية والحليب إضافة للعلب البلاستيكية والنايلون وأجور النقل واليد العاملة، وأن صاحب المحل او الدكان او السوبر ماركت الذي يبيع البوظة لابد أن يشغل برادات، وهذا يستدعي بالضرورة وجود الكهرباء، وبالتالي سيقوم بزيادة سعرها فوق سعر الجملة ليتناسب مع ما يدفعه من تكاليف توفير الكهرباء عبر الاشتراك بالأمبيرات، إضافة لما يدفعه من ضرائب.