لكل السوريين

من دمشق إلى حلب.. امرأة سورية مع طفليها تجوب أكثر من /46/ بلدة وقرية

من ريف العاصمة دمشق جنوباً إلى حلب شمالاً، حملت أم سورية مع طفليها عبء الآلام التي تسببت بها الحرب، وخلال رحلة تقارب /500/ كيلومتر، تختزل وسيلة محمود المصري، /46/ عاماً، مشهد المعاناة في معظم الجغرافيا السورية.

وبدأت حالات تشرد الأطفال والخطف واليتم في سوريا مع بداية الأزمة عام 2011، وازدادت المأساة مع تبادل القصف بين قوات النظام والتنظيمات الإرهابية التابعة لتركيا.

امرأة منهكة وطفلان جائعان تنقلوا بين أحياء العاصمة دمشق، هاربين من القصف العشوائي الذي طال مناطقهم من قبل الطائرات السورية والروسية، في مشهد أصبح رغم مرارته مألوفاً في شوارع العديد من المدن السورية.

هكذا كان حال وسيلة محمود، حين أجبرها القصف على منطقتها دوما في ريف دمشق على النزوح  إلى منطقة عدرا العمالية مع ولديها الصغيرين، بعد أن خطفت جبهة النصرة زوجها والتي لا تعلم عنه شيئاً إلى هذه اللحظة.

” بعد خطف زوجي خرجت من دوما في عام 2015، عبرت حواجز القوات الحكومية السورية وقصدت منزل والدي في منطقة عدرا، لكن لم أجد المنزل فقد كان مدمراً بشكل كامل إثر القصف العنيف الذي دار بين المرتزقة المسلحة وقوات النظام”.

لكن زوج وسيلة ليس الوحيد الذي اختفى في ذلك اليوم وما لحقته من أيام حتى اللحظة فقد  قدرت الأمم المتحدة، في تقرير في آب/ أغسطس عام 2019، أعداد المعتقلين والمختطفين والمفقودين خلال سنوات الحرب في سوريا بمئة ألف شخص.

وفي كوخ يفتقر لأدنى مقومات السكن في عدرا العمالية، استقرت وسيلة مع طفليها اللذين من المفترض أن يتوجها كل صباح إلى المدرسة، لكن عدم استقرار الأسرة المشردة حال دون ارتيادهم المدارس.

بعد مغادرة الكوخ، جابت وسيلة مع طفليها اثني عشر حياً في العاصمة دمشق خلال البحث عن مكان تأوي إليه، متخذة الحدائق العامة مأوى، لكن ارتفاع الأسعار أثقل كاهلها.

“تنقلت بين حدائق أحياء عديدة في دمشق بسبب ارتفاع أجرة المنازل، سمعت بعدها أن الظروف المعيشية في مدينة حلب أفضل بكثير من دمشق فعقدت العزم بالرحيل إلى هناك”.

وأصبح مشهد النازحين المفترشين أرض الحدائق العامة في مدينة دمشق أمراً مألوفاً لدى الجميع خلال السنوات السابقة، فحديقة عرنوس والحدائق القريبة من الجسر الأبيض أصبحت مأوى للفارين من لهيب المعارك وفق السكان.

تقول وسيلة إنها جابت مع طفليها /46/  بلدة وقرية خلال رحلة الوصول إلى مدينة حلب.

“استغرقت رحلتنا/25/  يوماً متتالياً، قطعنا أكثر من/13/ كيلو متراً منها سيراً على الأقدام، لم أكن أملك المال لأستأجر سيارة، وكنت أستقر في القرى الواقعة على طريق دمشق – حلب حتى أطعم أطفالي من بقايا الطعام في الحاويات”.

وشردت الحرب السورية ملايين الأطفال وأبعدتهم عن مقاعد الدراسة بسبب أضرار القصف الذي طال المدارس والمؤسسات التعليمية ونزوح الآلاف من الأطفال مع كل عملية عسكرية أو اشتباكات جديدة بين الطرفين المتنازعين.

يقول الطفل فارس، الابن الأكبر والبالغ من العمر/12/عاماً، “حلمي أن أمسك قلماً ودفتراً وأن ألتحق بالمدرسة كباقي الأطفال”.

وكانت اليونيسيف قد أعلنت، في آخر تقرير لها عام 2018 حول تعليم الأطفال، أن 2.1 مليون طفل سوري يعيشون خارج مقاعد الدراسة في سوريا، بينما يقدّر عدد المتسربين دراسياً في دول الجوار التي لجأوا إليها بنحو 700 ألف.

بعد الوصول إلى حلب، لا يزال فارس يرى أقرانه متوجهين إلى المدارس صباحاً، وتستمر والدته في البحث عن منزل يأويهم وعمل يقيهم الحاجة، في قصة لم تنتهِ فصولها المريرة بعد.

وكالات