في ظل قرار السلطات الألمانية تعليق إجراءات لم شمل اللاجئين، تعيش عشرات الفتيات السوريات حالات من القلق النفسي والانتظار المجهول، حيث تبددت آمالهن في اللقاء بأحبائهن الذين فروا إلى أوروبا، خاصة في ظل تزايد الضغوط الاجتماعية والمادية التي تصاحب هذه الأزمة.
في شقة صغيرة بحي المزة بدمشق، تنتظر ريم (25 عاماً) مكالمة من خطيبها يوسف، الذي يعيش في برلين منذ عام 2016. بعد ثلاث سنوات من الانتظار، كانت إجراءات لم الشمل تلوح في الأفق، لكن القرار الأخير بتعليق لم الشمل قلب حياتها رأساً على عقب. تقول ريم: “أفتش كل صباح على هاتفي لأتأكد أن القرار لم يُلغَ”، مضيفة أنها تعاني من نوبات قلق حادة استدعت وصف دواء مهدئ.
وفي حمص، تعيش نورا (28 عاماً) حالة مماثلة، حيث ألغت كل تحضيرات زفافها بعد إعلان تعليق لم الشمل. خطيبها خالد الذي غادر إلى ألمانيا عام 2015، أرسل لها تذكرة الطيران، لكنها الآن تخشى أن يضطر للزواج من أخرى هناك كما حدث مع أصدقاء له.
أما سلمى (22 عاماً) من حماة، فتعاني من الضغوط الأسرية بعد أن تحول حلم لقائهما في ألمانيا إلى كابوس. والدها يضغط عليها لفسخ الخطوبة والزواج من شخص آخر خوفاً من بقاءها عانساً بسبب الانتظار الطويل.
ويؤكد أخصائيون نفسيون في دمشق أن عدداً متزايداً من الفتيات يعانين من اضطرابات نفسية ناجمة عن هذه الأزمة، من بينها الاكتئاب والقلق واضطرابات النوم وفقدان الشهية.
وفي الجانب القانوني، يشير المحامي عمر الحلبي إلى أن تشديد سياسات اللجوء في ألمانيا أدى إلى انفصال آلاف العائلات السورية وحرمانهم من لم الشمل، ما يفاقم الأزمة الإنسانية.
وفي المقاهي وأوساط المهاجرين، ظهرت عمليات نصب واحتيال تستغل آمال العائدين، حيث تدفع بعض النساء مبالغ كبيرة لوسطاء يزعمون قدرتهم على تسهيل لم الشمل، لكنها غالبًا ما تنتهي بخسارة الأموال دون نتيجة.
وبينما تلجأ بعض العائلات إلى زواج المصلحة أو الهجرة غير الشرعية، تواجه هذه الطرق مخاطر كبيرة كما حصل مع لينا (26 عامًا) من حمص التي أُعيدت من الحدود التركية بعد محاولة عبور البحر.
تظل الفتيات السوريات اليوم عالقات بين أمل متجدد وألم متكرر، تنتظرن نهاية قرار تعليقي حرمهن من حقهن في اللقاء بأحبائهن، بينما تتصاعد تساؤلات حول مدى احترام أوروبا لالتزاماتها الإنسانية تجاه اللاجئين السوريين.