لكل السوريين

مشاريع خيرية بصبغة أنثوية.. المرأة من التحجيم إلى التمكين

السويداء/ رشا جميل

في الوقت الذي لم يكن فيه عمل المرأة مألوفا في ثقافة مجتمعنا، سوى لحاجة تفرضها الأوضاع الاقتصادية السيئة، وفيما اقتصر دور المرأة الفاعلة من الأسر الغنية على الصالونات الثقافية والأعمال التطوعية. جاء واقع الحرب الجديد ليغير ثقافة المجتمع، حيث لم يعد العمل ثقافة وتطورا وحقا، بل بات واجبا تفرضه الأوضاع المعيشية الصعبة. ومع فقدان المنزل والمعيل، مرورا بالتشرد والنزوح، إلى جانب محدودية فرص العمل وما فرضته ظروف الحرب، تحولت النساء لمعيلات لأسرهن، وافتتح بعضهن أعمالهن الخاصة.

في العام 2016 أنشأت السيدة خلود هنيدي، وهي ناشطة في المجتمع المدني، مشغلا يحمل اسم “فجة خرق” وهو تسمية قديمة كانت تطلق على البسط المصنوعة يدويا من بقايا أقمشة تجمع لتشكل السجاد الملون. تقوم فكرة المشروع على جمع الأقمشة البالية- والتي غالبا يكون مصدرها المتبرعين، مشاغل الخياطة وورشات التنجيد- وإعادة تدويرها لإنتاج بسط عصرية. وقد اتسم المشروع باهتمامه بإحياء التراث، وبعده الاجتماعي الناجح حيث يضم المشغل نساء نزحن للمدينة بعد عام 2011 من محيط محافظتي دمشق وحمص وريفهما إلى جانب سيدات من محافظة السويداء. حيث تحيك النسوة فيه، إلى جانب الغزل والصوف وحياكة الاقمشة على النول، قصصهن المعجونة بالحزن والفرح والنجاح، رغم ما مررن به من تحديات.

يعد فريق يوتوبيا الخيري أحد الأمثلة الملهمة للكثير من النساء، للقيام بأعمالهن الخاصة وترك بصمتهن الخاصة. يدير فريق يوتوبيا ثلاث نسوة، وتقوم فكرة الفريق على خياطة الحفاظات، الخاصة بالأطفال والمسنين، القابلة للتدوير وإعادة الاستخدام عن طريق غليها. وصرحت السيدة “ناديا نصر” إحدى مؤسسي فريق يوتوبيا، أن المشروع يهدف إلى الربح وتوفير فرص العمل، وأشارت إلى أن ريع هذا المشروع يعود للجمعيات الخيرية لمساعدة العائلات الفقيرة وذوي الدخل المحدود من أبناء محافظة السويداء.

في فعاليات مشابهة، أصبح بازار شهبا الخيري من الفعاليات المؤقتة السنوية، الهادفة للترويج لأعمال منزلية ومشاريع صغيرة ومتناهية في الصغر قادرة على تحقيق الربح، وفتح الأبواب أمام الكثير من النساء للمشاركة بمشاريعهن الخاصة والدخول في سوق العمل. تمتد هذه الفعالية على مدى ثلاثة أيام، ويأتي توقيتها هذا العام متزامنا مع عيد الأم والمعلم مما يتيح الفرصة للتسويق للمزيد من المنتجات المنزلية بأسعار مقبولة، والذي يتناسب وأصحاب الدخل المحدود، وتحقيق بعض الأرباح.

على الرغم من أن مثل هذه المشاريع هي مشاريع صغيرة، وفي الوقت الذي حققت فيه أرباحا، ونقلة نوعية في تمكين المرأة، إلا أنها لا تزال تعاني من مشاكل التسويق، وجذب رأس المال الداعم. و يبقى السؤال المطروح، هل من الممكن أن تشهد المرحلة اللاحقة تحولا إيجابيا وجذريا لهذه الثقافة، من شأنه أن يغير النظرة المحدودة التي حجمت المرأة ودورها، تحت ستار العادات والتقاليد لحين من الزمن بشكل عام، وعلى مستوى المحافظة بشكل خاص؟