لكل السوريين

يدفعهم البحث عن الكمأة.. عشرات القتلى في البادية السورية

حمص/ بسام الحمد

يشهد ريف محافظتي حمص وحماة مع بداية كل عام (ذروة موسم الكمأة) أعدادًا من القتلى والجرحى للمزارعين الباحثين عن الكمأة في المنطقة.

وقتل 53 مدنيًا، على الأقل، بهجوم استهدفهم خلال عملهم في جمع نبتة الكمأة، إلى جانب العشرات من المفقودين بينهم عناصر من قوات الشرطة، جنوب شرق مدينة السخنة بريف حمص الشرقي.

جاء الإعلان عن وفاتهم عقب ستة أيام على وقوعها، إذ اختفت المجموعة في 11 من شباط، بعد توجههم بشاحنات وسيارات لجمع الكمأة، بينما عثر على جثثهم، يوم الجمعة، بعد تمشيط المنطقة.

وسائل تابعة للحكومة قالت إن تنظيم “داعش” هو من يقف خلف الهجوم، بينما لم يعلن التنظيم مسؤوليته عن العملية، وتنشط في البادية السورية، الممتدة إلى محاذاة الحدود العراقية- السورية، خلايا تنظيم داعش ويعتبر جامعو الكمأة أهدافًا لهذه الخلايا.

الكمين الأحدث أعاد للذاكرة ما شهدته بلدة السعن شرقي حماة مطلع عام 2021، عندما اختطف مجهولون نحو 70 مزارعًا، في يوم واحد بالقرب من مدينة سلمية، وعلى الرغم من عدم تبني أي جهة خطف المزارعين أو إخفاءهم، اتهمت شبكات محلية التنظيم، بخطفهم.

بات جمع الكمأة في البادية السورية من أكثر الأعمال خطراً، عدا عن اعتبار هؤلاء أهدافاً لتنظيم داعش، فإنهم يواجهون خطر الألغام المزروعة في الأرض، استمرار المزارعين باعتماد نبتة الكمأة كمصدر دخل صار يعتبر إحدى المهن الخطرة، التي من الممكن أن تكلّف المزارع حياته.

وتكررت حالات انفجار الألغام التي خلفتها المعارك بين الجيش السوري وتنظيم “داعش” في منطقة البادية، والتي أودت بحياة العشرات منذ بداية العام الحالي، وعمليات الخطف التي طالت “جامعي الكمأة”.

ورغم محاولات ضبط وتنظيم عمليات جمع الكمأة، لم ينخفض إقبال المزارعين رغم مخاطر انتشار الألغام، والوعيد الذي أصدرته الحكومة لجامعي الكمأة في غير الأوقات المعلَن عنها.

ويدفعهم لتحمل المخاطر غلاء أسعارها، إذ أن فطر الكمأة هو أحد النباتات المرتفعة السعر في سوريا، وتتفاوت أسعار هذا الفطر مع اختلاف التصنيفات التي يطلقها السوريون عليه.

فمثلًا، يعتبر أغلى أنواع الكمأة ما يسمى بـ”الزبيدي”، الذي يصل سعره إلى 200 ألف ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، بينما تعتبر الكمأة الحمراء أرخصها، والتي يبلغ سعر الكيلو منها قرابة الـ100 ألف ليرة.

 

وترجع أسباب ارتفاع سعر فطر الكمأة إلى عدم إمكانية زراعته بالطرق التقليدية، إذ ينمو هذا النوع من الفطر بعد الأمطار في المناطق الصحراوية.

وعادة، يبدأ موسم جمع الكمأة في سوريا في منتصف آذار، لكن مع غزارة الأمطار، جاء هذا الموسم مبكرًا.

ومع أن وزن حبة الكمأة العادية يتراوح بين 30 و300 غرام، سجلت هذا الموسم أوزانًا أكبر، وصلت في بعض المحافظات إلى كيلوغرام واحد.

ويلاحق المزارعون فطر الكمأة على وجه الخصوص كونه الأسرع ربحًا، وخاصة المزارعين الذين كانوا يعملون في القطاف أو الزراعة، وتوقفت أعمالهم خلال السنوات الأخيرة التي شهدت فيها البادية معارك بين التنظيم والجيش السوري.

بالإضافة إلى عدم وجود بديل أو عمل آخر لهؤلاء المزارعين كمصدر رزق ثابت، في بلد يعيش 90% من سكانه تحت خط الفقر بحسب “الأمم المتحدة“.

وبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الكمأة في محافظة حماة مع بداية موسمها، أكثر من 200 ألف ليرة سورية، ولا تزال أعمال البحث عن الكمأة مستمرة على شكل مجموعات من المزارعين الذين ينتشرون في المناطق الصحراوية بحثًا عنها.