لكل السوريين

في حمص.. أصحاب محلات يغلقون محلاتهم للتحكم بالأسعار المتقلبة

حمص/ بسام الحمد

اعتاد الأهالي في حمص على أن أصحاب المحال التجارية، أن يكونوا محط ثقة الناس في تأمين احتياجاتهم اليومية، لكن الآن أصبحوا هم الذين يهددون هذه الثقة، فإغلاق المحلات والانقطاع عن تزويد المواطنين بالسلع الأساسية يكشف الستار عن وجوههم الحقيقية، تلك الوجوه التي تجرأت على خيانة الثقة واستغلال المعاناة، بينما يحاول المواطنون مواجهة هذه الكارثة المالية، يكتشفون أن هناك من يسعى للربح من كربهم، ولكن بأساليب غير مألوفة.

وبات أصحاب المحلات يتلهفون وراء الأرباح السريعة، ولكن الطريقة المختارة لتحقيق ذلك هي ما تثير التساؤلات والشكوك. حيث تشير الدلائل لوجود ضوء أخضر يسمح لهؤلاء بالتحكم بأسعار السلع وتهديد ميزانية المواطن البسيط.

تأرجح سعر الصرف بشكل غير مسبوق أعطى بعض التجار دافعا لتحقيق مكاسب مالية سريعة، حيث قاموا باللهث وراء الفُرص لسحب المزيد من الأموال من جيوب المواطنين، ومع إدراك بعض التجار مدى التقلبات التي حدثت في الأسواق المحلية، فقد ساهم قسم منهم لرفع أسعار السلع بشكل غير مسبوق، حتى بلغت مضاعفاتها مرتين يوميا.

بالتزامن مع هذا الوضع شهدت الأسواق إغلاق بعض التجار لمحالهم بأسرع ما يكون. وفي ظل هذا التخبط الاقتصادي، أصبح المواطنون في حالة توهان، حيث لا يمكنهم التأقلم مع هذه التحولات المفاجئة للأسعار، ومن يضطر للشراء يكتفي بالقليل فقط.

على سبيل المثال، شهد الزيت ارتفاعا مذهلا بشكل يومي، فقد كان سعره لا يتجاوز 15 ألف ليرة سورية لليتر، ولكن اليوم أصبح بـ 25 ألف ليرة، وليس هو وحده، فالسكر أيضا ارتفع بصورة مدهشة، حيث قفز سعر الكيلو الواحد منه إلى 15 ألف ليرة، وليس ذلك فحسب، بل رز الكبسة أيضا شهد زيادة غير مسبوقة ليصل إلى 26 ألف ليرة للكيلو الواحد.

الأمر لا يتعلق ببضع مواد فقط، بل يشمل كافة السلع الضرورية، والمخيف أن هذه الزيادات لا تزال تتوالى وسط توقعات بمزيد من الارتفاعات في الأيام المقبلة، ويبدو أن الأوقات الصعبة تحمل معها ألغازا معقدة، دون كشف الحكومة عن طريقة لتهدئة هذه الزيادات المتواصلة وتحمي الأُسر السورية من التضخم المتصاعد.

يبدو أن الأسعار المتبدّلة باستمرار للمواد الغذائية وغيرها لم يكن مزعجا فقط للمتسوقين، بل أثار أيضا استياءً لدى بعض أصحاب المحال، فقد أصبح الأمر مرهقا بالنسبة لهم، حيث يجدون أنفسهم مضطرين لتكييف أسعار البضائع باستمرار وفقا لتقلبات السوق، دون أن تكون لهم القدرة على السيطرة على هذه العملية.

إغلاق البعض لمحالهم، لم يكن تهرّبا من المبيعات، بل كان خوفا من فقدان رأس المال حسب وصفهم، فالتّحكم بالأسعار والتكاليف أصبح أمرا صعبا للغاية، حيث تستند تلك الأسعار إلى نشرات سعرية متغيرة تصدرها الشركات الموردة، بالإضافة إلى ذلك، ارتفاع أجور النقل وصل إلى مستويات كبيرة، حيث بلغت أكثر من مليون ليرة للنقلة الواحدة.

هذا الواقع جعل التجار يجدون أنفسهم مضطرين للتكيف الفوري مع الظروف الراهنة، وتعديل الأسعار بشكل لحظي للمحافظة على مشاركتهم في سوق البيع والشراء الذي يعاني من تحديات غير مسبوقة وأسعار مرتفعة بشكل غير مسبوق.

في زمن التقلبات المالية، تتلاشى ثقة الناس بقدرتهم على تأمين احتياجاتهم، وتنتشر الحيرة حول كيفية تجنب الانهيار الاقتصادي المحتمل، إلا أن مؤسسات الدولة السورية كان لها رأي آخر.

تفاقم الأزمة المعيشية في سوريا، وتغير الوضع الاجتماعي بالنسبة لمعظم العائلات السورية نتيجة الحرب منذ أكثر من 12 سنة، أفضت إلى تغيير كبير حتى في أجواء العطلة الأسبوعية.

مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأكلات الشعبية، فقد أصبح “الفطور الجماعي” الذي اعتادت العائلات على تنظيمه يوم الجمعة من كل أسبوع، يشكل عبئا اقتصاديا على السوريين، حيث اتجهت معظم العائلات إلى إلغائه أو على الأقل الاستغناء عن التنوع الذي كان يتمتع به هذا الفطور سابقاً.