لكل السوريين

بعد الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية.. استمرار التوتر في تونس وتمديد حالة الطوارئ

تقاربت نسبة المشاركة المتدنية في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية التونسية مع النسبة التي شهدتها الجولة الأولى في كانون الأول العام الماضي، وقد تسفر هذه المشاركة المنخفضة في الانتخابات عن تشكيل برلمان صوري، حسب المعارضة.

بينما قلل الرئيس التونسي من أهمية انخفاض هذه النسبة، وأشار إلى أن معظم التونسيين قاطعوا التصويت لأن البرلمان لم يعد يعني لهم شيئاً، ورفضوا المشاركة في التصويت رغم تغيير طريقة الاقتراع “لأن السنوات العشر الماضية جعلت البرلمان مؤسسة تعبث بالدولة”.

وقال إن “نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع يجب أن تقرأ لا بنسبة التصويت، ولكن بنسبة العزوف عن التصويت”.

بيمنا أرجع منتقدوه ضعف المشاركة في التصويت إلى استياء الرأي العام من سيطرته على سلطات واسعة في الدولة منذ منتصف عام 2021.

ومع صعوبة التكهن بملامح البرلمان القادم، من المرجح أن تسيطر عليه أسماء مستقلة داعمة لمشروع الرئيس قيس سعيّد.

وسيحل البرلمان الجديد الذي سيتم الإعلان عنه خلال الأيام المقبلة، محل البرلمان الذي قام سعيّد بتجميده وحلّه.

برلمان صوري

ترى المعارضة التونسية أن البرلمان الجديد في حال تشكيله، سيكون صورياً، إذ لن تكون له سلطة رقابية على الرئيس وعلى الحكومة، وكان النظام السابق يقضي بأن يكون للبرلمان سلطة اختيار الحكومات التي تضع سياسة الدولة وتدير شؤون البلاد اليومية.

لكن القواعد التي وضعها الرئيس سعيّد تجعل البرلمان خاضعاً لسلطة الرئيس الذي يضطلع بمسؤولية تشكيل الحكومة وإقالتها، وتحدّ من دور الأحزاب السياسية، إذ لن تكون ممثلة فيه كأحزاب، ويذكر المرشحون للبرلمان بأسمائهم دون قوائم حزبية أو إشارة إلى انتمائهم الحزبي.

واعتبر معارضون أن البرلمان المقبل لا يمثل الشعب التونسي، ولن تكون لرئيسه كتلة صلبة تسانده، كما أن الأحزاب المعارضة غير ممثلة فيه، وإنما هو عبارة عن أفراد مشتتين وضعفاء.

وفي المقابل، يرى أنصار الرئيس أن البرلمان الجديد سيكون تجربة فريدة من نوعها، لأنها تستند إلى سلطة الشعب ولا تستند إلى التكتلات الحزبية، وأن الأفراد الذين سيصلون إليه سيحاولون ترجمة آراء الشعب إلى قرارات، وتبني سياسات تنحاز لمصالحه.

ويشيرون إلى أن هذا البرلمان لا يستند على قوة المال للوصول إلى السلطة التشريعية، بل يستند على مصلحة الشعب ومطالبه.

معارضة منقسمة

دعت المعارضة الرئيس قيس سعيّد إلى الاستقالة بعد نسبة الامتناع الكبيرة عن التصويت خلال الجولة الأولى والثانية من الانتخابات، ولكن دور هذه المعارضة غير مؤثر بشكل فعلي على الوضع في تونس بسبب استمرار انقسامها إلى ثلاث كتل مختلفة التوجّهات، وهي جبهة الخلاص الوطني التي يتزعمها حزب النهضة، والحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي الذي يدافع عن نظام بن علي، وبعض الأحزاب اليسارية.

ورغم محاولات ناشطين من المعارضة لرأب الصدع بين مكوناتها والعمل على توحيد صفوفها، والتنسيق مع المكونات السياسية التونسية الأخرى، وقيامها بتنظيم تظاهرات للتنديد بقرارات سعيد منذ أن أقرها، واستمرار نشاطها وتظاهراتها، لا يعوّل المراقبون على دورها، ويرون أن الأمل الوحيد لتجاوز الأزمة السياسية في تونس يتمثل في “مبادرة الإنقاذ” التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للمحامين، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، من أجل تقديم مقترحات ستعرضها على سعيّد للخروج من الأزمة.

تمديد حالة الطوارئ

مع استمرار التوتر في البلاد، قرر الرئيس التونسي تمديد حالة الطوارئ فيها حتى نهاية العام الحالي.

وتعطي حالة الطوارئ وزارة الداخلية التونسية صلاحيات منع الاجتماعات، وحظر التجوال والإضرابات العمالية، وتفتيش المحلات، ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية وغيرها، دون الحصول على إذن مسبق من القضاء.

ودعا الرئيس قيادات الحرس الوطني إلى “التصدي لمن تآمر على الدولة”، وشدد على أنه “لا يمكن أن يُترك أعداء الدولة وأعداء الوطن خارج المساءلة”.

وتبدي قوى المعارضة التونسية تخوفاتها من إساءة استخدام حالة الطوارئ ضد الرافضين للإجراءات الاستثنائية التي فرضها رئيس الجمهورية، وفاقمت الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، وأدت إلى أزمة اقتصادية خانقة.

وتخضع تونس لحالة الطوارئ منذ عام 2015 بعد الهجوم الانتحاري الذي استهدف حافلة للحرس الرئاسي وسط العاصمة تونس، وتبناه تنظيم الدولة الإسلامية، وأسفر عن مقتل 12 من أفراد حرس الرئاسة وإصابة 20 آخرين.