لكل السوريين

الخبز بين سوء تخطيط الحكومة وبين عوز وفقر المواطنين بطرطوس

طرطوس/ ا ـ ن

قدرت الأمم المتحدة أن أكثر من 90 %من السوريين تحت خط الفقر، فان العديد من العائلات في محافظة طرطوس وريفها تعاني اليوم من هم تأمين لقمة الخبز، حيث أن الكميات المخصصة يستحيل أن تكفي، مع الصعوبة في شراء الخبز السياحي بسعر 3 آلاف ليرة للربطة الواحدة، أو حتى الخبز الحكومي غير المدعوم بسعر 1200 ليرة للربطة، نتيجة تدني الدخل وانخفاض مستوى المعيشة.

وبحسب بيان لبرنامج الأغذية العالمي، يعاني حوالي 12.4 مليون شخص في سوريا من انعدام الأمن الغذائي ولا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية، حوالي 60 % من السوريين لا يصلهم الغذاء بشكل منتظم، بسبب الاقتصاد السوري الهش، ما أدى إلى سوء تغذية مزمن، وبشكل خاص بين نسبة كبيرة من الأطفال الذين أصبحوا يعانون من التقزم، بحسب تقرير للأمم المتحدة مطلع عام 2021.

وحذرت الأمم المتحدة بتقريرها الصادر شهر أيار الماضي، من أن سوء التغذية بين الأطفال السوريين بلغ مستويات قياسية جديدة بعد أكثر من 10 سنوات من الحرب والتهجير، وأوضحت أنه خلال الأشهر الستة الماضية ارتفع إجمالي عدد الأطفال الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بجميع أنحاء البلاد إلى 4.6 مليون طفل.

الحكومة السورية لم تلحظ في خطتها لتقنين الخبز، كيف ستتصرف العائلة في حال النقص والعوز, او حتى المعاناة مع شبكة الانترنت عن جهاز القطع الخاص بالبطاقة الذكية، وينتظر المواطنون الحصول على شحطة التغطية اللازمة لإتمام عملية الشراء، ومن الممكن أن يعودوا إلى منازلهم عدة مرات قبل أن تنجح العملية, يقول أحد العاملين في فرن بريف طرطوس ، إنهم خلال فصل الشتاء السابق عانوا كثيرا من سوء الشبكة، وكانوا يضطرون للانتظار عدة ساعات قبل عودة الشبكة لبيع الناس الخبز عبر البطاقة الذكية, يشار الى أن عملية توطين الخبز سارية في طرطوس وحماة واللاذقية، منذ بداية آب من العام الفائت، وتقضي بأن كل مواطن يحدد فرنا خاصا لا يستطيع الشراء إلا منه، وبالتالي فإن بطاقته لن تكون صالحة في حال أراد استخدامها إن كان بزيارة أقارب بعيدين لعدة أيام.

السيدة ام مجد عائلتها مؤلفة من خمس افراد، وهي مقيمة في مدينة الدريكيش، فهي تحصل يوميا على ربطتي خبز، بمعدل 14 رغيفا، ما يعني أن لكل شخص رغيفين ونصف تقريبا، وهو ما لا يكفيهم خلال اليوم، ولا يستطيع أي واحد منهم تناول رغيف كامل على الفطور او الغداء او العشاء، فتضطر الى طبخ الأرز أو البرغل على الفطور بسبب عدم كفاية الخبز، وهذا ما يكلف العائلة أعباء مادية كبيرة، فهناك فرق بين شراء كيلو أرز بسعر 4 آلاف ليرة، وبين شراء ربطة خبز إضافية بسعر لا يتجاوز 200 ليرة، بدلا من وجبة الحواضر التي اعتادت عليها العائلة أيام زمان ، مما يزيد من الأعباء المادية عليهم.

أبو ثائر يستأجر ويعمل باليومية في طرطوس، عائلته مؤلفة من زوجة وطفلين، يحصل يوميا على أقل من ربطة ونصف من الخبز تبعا للحصص، وبالكاد تكفيهم، مما يضطره يوميا لشراء ربطة خبز حر بسعر 1200 ليرة، لجعل الكميات تكفي عائلته ما أمكن، وهو مبلغ ليس بالبسيط قياسا بدخله الذي لا يزيد عن 10 آلاف يوميا، وأحيانا بلا أي أجر في حال لم يحالفه الحظ بإيجاد عمل في أحد الأيام.

فبعد الاعتماد الى آلية جديدة لتوزيع الخبز المدعوم حددت بموجبها عدد الأرغفة المستحقة للشخص الواحد حسب شرائح، حيث تم تقسيم الأسر إلى شرائح حسب عدد الأفراد فيها، وحسب القرار يحق للشخص الواحد ربطة واحدة كل 3 أيام (الربطة 7 أرغفة)، وبمعدل رغيفين وثلث الرغيف يوميا, فالعائلة المؤلفة من شخصين، يسمح لها بـ6 ربطات أسبوعيا، والثلاث أشخاص 7 ربطات ، والعائلة المؤلفة من 4 أشخاص، 10 ربطات, والمؤلفة من 5 أشخاص 12 ربطة, أما العائلة المؤلفة من 6 أشخاص يحق لها 14 ربطة ، والعائلات التي يتراوح عدد أفرادها بين 7 إلى 8 أشخاص يحق لها الحصول على  18 ربطة أسبوعيا.

ويبلغ سعر ربطة الخبز المدعوم في الأفران الحكومية عبر البطاقة الذكية 250 ليرة سورية، فيما يبلغ سعرها لدى المعتمدين بين 350 و500 ليرة، في ظل عجز الحكومة عن ضبط عمل الأفران ومنعها من تصدير المادة إلى الباعة المتجولين الذين يبيعون الربطة بأضعاف سعرها، حيث يضطر الأهالي لشرائها من الباعة بسبب الازدحام الكبير على المخابز ووقت الانتظار الطويل, يصف غالبية المواطنين في طرطوس، عملية الحصول على لقمة الخبز الأساسية، بالذل الكبير، وهم الذين يقفون في الطوابير منذ ساعات الفجر الأولى للحصول على لقمة لا تكفي حتى أطفالهم الجياع.