لكل السوريين

“من رمضان لرمضان لنشبع اللحم”.. سوريون يتراجعون عن استهلاك اللحوم

تقرير/ جمانة الخالد

شهدت أسواق وسط سوريا تراجعاً ملحوظاً في استهلاك اللحوم بعد انتهاء شهر رمضان، وسط استقرار نسبي في الأسعار مقارنةً بفترة ما قبل العيد.

وأكد سكان في حمص وحماة انخفاض سعر الفروج الحي خلال رمضان إلى نصف سعره مقارنةً بالعام الماضي، في حين تراجعت أسعار قطع لحم الفروج المنظف إلى الثلث، ما أسهم في تناوله بشكل شبه يومي.

وقال أحد السكان: “شبع أولادنا دجاجاً هذا الرمضان”، في إشارة إلى كثرة الاعتماد عليه.

كما تراجع سعر لحم العجل والغنم بنسبة قاربت النصف، ما شجّع الأسر على شرائه. وقال قصاب إنه باع خلال رمضان ضعف ما كان يبيعه سابقاً. كما لاقت الأسماك، خصوصاً المجمدة، رواجاً بفضل انخفاض أسعارها.

وانخفض الإقبال بعد العيد مع عودة العادات الغذائية إلى طبيعتها، وتراجع دخل الأسر الذي كان معزّزاً في رمضان بالحوالات والمساعدات والمِنح.

ولطالما كانت الطبقة الوسطى في المجتمع السوري هي الطبقة الأهم والأوسع والتي كانت تسبب استقرارا اقتصاديا واجتماعيا، وتُعتبر الطبقة الوسطى عادة المحرك الأهم لعجلة أي اقتصاد، ولكنها بدأت بالتلاشي شيئا فشيئا خلال سنوات الماضية.

كما وألغت معظم العائلات السورية اللحوم الحمراء، من قائمة المواد الغذائية في منازلهم، واتجهوا إلى البدائل، لا سيما لحم الدجاج الأبيض الذي يُعد أرخص، نوعا ما، من اللحوم الحمراء، فيما يؤكد البعض أنه لا يقوى حتى على شراء لحم الدجاج في ظل الارتفاع المستمر، في أسعاره هو الآخر.
وما تزال اللحوم بأنواعها خارجة عن قدرة المواطن الشرائية، مع ازدياد الفجوة بين قوة الراتب الشرائية وأسعار اللحوم الرائجة في الأسواق، حيث أكد عدد من المواطنين أنهم تراجعوا عن شراء اللحـوم الحمراء منذ مدة، على حين أوضح أصحاب المحال أن عددا من الزبائن بات يلجأ إلى شراء كميات قليلة تتناسب مع المبلغ الذي يمكن أن يدفعوه.

اليوم العديد من السوريين يتحسرون على الأوضاع المعيشية التي وصلت إليه البلاد، حيث يضطر السوريون إلى التخلي عن العديد من المواد الغذائية التي كانت ضرورية في الماضي، ولم تعد كذلك مع الارتفاع المستمر في الأسعار مقابل ظهور عادات غذائية جديدة أدت إلى انتشار أصناف لم يتم بيعها من قبل في الأسواق.

وقال طبيب بيطري إن المربين استعدوا لرمضان برفع عدد الأفواج، لكنه لفت إلى أن دخول الفروج المجمد من دول الجوار خفّض الأسعار وأضرّ بالمنتج المحلي.

وطالب المقداد بوضع ضوابط على استيراد اللحوم، منعاً لإلحاق الخسائر بالمربين المحليين، ما قد يدفعهم إلى الخروج من سوق الإنتاج.

بدورها، تشهد أسواق حماة استقراراً في أسعار المواد الغذائية، ما أراح الأهالي وخفّف من أعبائهم اليومية، بعد سنوات من الارتفاعات الكبيرة.

ولفت سكان إلى أن أسعار الزيت، البيض، السكر، العدس، الأرز، الفاصولياء والمتة انخفضت إلى أكثر من النصف مقارنةً بأشهر سابقة.

وأوضح خبير اقتصادي أن استقرار سعر الصرف، ووقف الأتاوات على البضائع، وتسهيل الاستيراد، ساعد في خفض الأسعار. كما أن توفّر كميات كبيرة في الأسواق خلق منافسة بين التجار وخفّف من ظاهرة الاحتكار.

وبعد سقوط النظام في سوريا، بدأت بوادر التحسّن تظهر تدريجياً على الواقع المعيشي، إذ شهدت الأسواق انخفاضاً ملحوظاً في أسعار المواد الغذائية الأساسية بعد سنوات من الغلاء الفاحش.

وتحررت حركة الاستيراد والتصدير من القيود السابقة، ما أتاح تدفّق البضائع من دول الجوار بأسعار منافسة، وأسهم في كسر الاحتكار الذي كانت تفرضه شبكات محسوبة على النظام.

في الوقت ذاته، أُعيد فتح المعابر الحدودية أمام المبادرات التجارية، وبدأت المجالس المحلية المؤقتة بتنظيم الأسواق ومنع التلاعب بالأسعار، مما أسهم في إعادة التوازن بين العرض والطلب.

ومع تحسّن سعر صرف العملة تدريجياً وعودة بعض رؤوس الأموال من الخارج، ارتفعت القدرة الشرائية للأهالي، في خطوة أولى نحو التعافي الاقتصادي بعد أزمة امتدت لأكثر من عقد.