لكل السوريين

’’الحنة’’.. الطقس القديم الذي تختلف تسمياته باختلاف مناطق ممارسته

تعد ظاهرة الحنة من أقدم العادات التي لا تزال تمارس كطقوس أفراح في بعض مدن شمال شرق سوريا، وعلى الرغم من التطور الكبير إلا أنها لا تزال طاغية على مشهد الفرح وبالأخص الزواج.

ويسمي أهالي دير الزور والرقة ومنبج هذه الطقس من طقوس الأفراح بعدة تسميات ’’الحنة، الوداع، الدفعة’’، وطقس الزواج هذا في الثقافات المختلفة يعتبر من الطقوس القديمة، وتحديدا منذ أيام الاحتلال العثماني لسوريا، والذي مضى على زواله قرابة القرن من الزمان.

وتستحوذ الحنة على مكانة متقدمة بين أكثر الطقوس في الثقافة العربية، وخصوصا بالنسبة للعروس وقومها، حيث أنها هي المعنية بالحنة، على غرار العريس وأهله الذي يختص بطقوس أخرى.

و”الحنة” ماتزال تمارس بكثرة عند المكون العربي، وقد يخطر للقارئ أن يسأل من أين جاءت هذه الثقافة، وهل هو طقس مرتبط بالمكون العربي أم أنه يختلف من حضارة لأخرى.

لو رجعنا إلى تاريخ “الحنة” لبان لنا، أن “الحنة”, هي عبارة عن نبات قديم كان ينمو في حوض البحر الأبيض المتوسط بـ “المصر، المغرب، السودان، الصين، والهند”.

وهذا النبات كان يستخدم كلون في الرسومات الفرعونية، واستخدام الحنة في الأظافر، وصبغة الشعر، وعلاج الجروح، وأبانت الكشوفات الأثرية المصرية وجود الحنة في عدد من “المومياء”, وعلى ما يبدو أن المصريين قد راق لهم لون الحنة، فقاموا بالحفاظ عليها واستخدموها للزينة، قاصدين من وراء ذلك طرد الشر، كأسلوب التحصن من العين.

ومن ذلك الحين اعتمدت النساء في صبغ أيديهن بالحنة، وللحنة فوائد طبية كثيرة: للشعر، الأظافر، مكافحة الشيخوخة، شفاء الجروح، خفض الحمى، التخفيف آلام الصداع، محاربة الالتهابات، مشكلات النوم، إزالة السموم من الجسم، خفض ضغط الدم.

العرس في الريف والمدنية تتشابه طقوس بشكل متقارب جدا.. وتقام له حفلات تتباين من منطقة لأخرى حسب العادات والتقاليد ذات النمط الموحد في جميع أنحاء المنطقة. ويعتبر طقس “الحنة” من أجمل ليالي العروس والعريس.

كان توقيت “حنة” العروس في الرقة ودير الزور يتم قبل الزفاف بيومين، وجرت العادة أن يكون يوم الخميس، فإن كانت العروس من نفس الحي أو من نفس القرية، يتهيأ أهل العريس عصر ذلك اليوم شباب وبنات من الأقرباء والأصدقاء وأهل القرية، مشكلين تجمع كبير يتقدم الجمع حامل “الدفوف” وعازف “الزمارة” ضمن مسيرة احتفالية مشياً على الأقدام من بيت العريس إلى بيت العروس يتخلل الموكب الرقص والغناء بكل ألوانه.

ومن ناحية أخرى يتكفل أهل العريس بكافة مصاريف حفل الحنة، وبعد وصول موكب الحفل إلى بيت العروس سواء كان مشياً على الأقدام أو بواسطة السيارات، تكون العروس بكامل زينتها، ومن عادات الفتيات ارتداء أفضل الثياب لأن تلك الليلة ممكن أن تكون فرصة لاصطياد عريس للفتاة ويتم خطبتها لأن بعض النسوة يحضرن تلك الليلة من أجل انتقاء عروس لأبنائهن. ثم يأتي دور الحنة.

وتجهيز الحنة تقوم الحنانة، وهي المرأة التي تقوم بعجن الحنة صينية الحناء المزين بالشموع، والورد ليعطيها منظر جميل، وتحنية العروس وبعدها تقوم بحمل صينية سيدة من أقارب العروس تطوف به على كل الحاضرات من أجل وضع الحنة في الكف.

وبعد انتهاء البنات من وضع الحناء تستمر الأغاني الخاصة بليلة الحنة حتى الساعات الأولى من الصباح، ويقيم حفلاً سامراً بالمزمار يرقص الحضور عليه وطبعا بتكون ليلة مميزة لكل عروسة، وعريس في الليلة، ويجتمع اصدقاء وصديقات وأقاربها وجيرانها ومعارفها من البنات.

تقرير/ عبير العلي