لكل السوريين

الأمر لا يقتصر على الشباب.. فتيات يبعن ممتلكات أهاليهن للهجرة

حماة/ جمانة خالد

“أصبحت البلاد لا تطاق تبحث عن فرصة عمل لتحسن وضعك لتلاقي حالك تدفع من جيبتك” هكذا عبرت بتول الراغبة بالهجرة عن استيائها من قلة فرص العمل وسوء الواقع المعيشي الذي دعا الكثير من أقرانها شبابا وفتيات للتفكير بالهجرة للبحث عن عمل، بتول تقول أن العامل في سوريا كمن لا يعمل.

أسباب كثيرة تدفع المرأة إلى أخذ قرار الهجرة اليوم، وللهجرة القسرية والهرب من انعدام الأمل بتحسن أوضاع بلادهن الحصة الأكبر منها، فالأزمات والحروب والاضطهاد الذي تعرضت وتتعرض له المرأة وغيرها من الأسباب كلها دفعت المرأة إلى الرحيل بحثا عن الأمن والأمان والحرية والاستقلالية.

بتول فندي (24عاماً) فتاة من حمص، تهيأ نفسها للهجرة لتأمين فرصة عمل لها ولتحسين واقعها المعيشي في سوريا، إذ لا يسمح لها عملها في إلا بتأمين تكلفة الأكل والشرب، مستعينة بحوالة مالية شهرية تصل إليها من أخيها المقيم في الخارح، لدفع بقية تكاليف المعيشة من مصاريف ضرورية.

وتقول: “إن قرار الهجرة للسويد لم يكن خياراً، ولكن الظروف المحيطة بي أجبرتني على التفكير بالبحث عن فرصة أخرى للعمل والحياة خارج الحدود، لتأمين مستقبل أفضل، وخلاصاً من الركض وراء لقمة العيش وتوظيف الطاقة التي كنت أبذلها يومياً لتأمين الاستقرار”.

وتضيف بتول أن أكثر ما ستفتقده في الغربة هو طبخ والدتها والسهرات مع أصدقائها ولكن عندما تتذكر الوقوف لساعات للحصول على مقعد بالسرفيس والبحث الطويل عن محل يبيع الملابس بنصف القيمة، والجلوس أيام من دون كهرباء وماء، لا تندم على الخطوة التي أقدمت عليها، بحسب ما تقول.

هي ليست الوحيدة من الشابات السوريات اللواتي اخترن حزم حقائبهن وسلك درب الغربة، للبحث عن حياة مستقرة، أصبح تحقيقها في سوريا شبه مستحيل، فالبقاء في البلاد أصبح كابوساً يلازم الجميع شباب وشابات، “لا حل إلا التفكير في الهجرة؛ فاليوم أعمل لساعات طويلة مقابل مبلغ مالي جيد أحتاج إلى أشهر كي أجمعه في سوريا” تقول يارا المغتربة في الإمارات.

وتتابع الشابة: “تم تأمين مسكن لي مع فتيات يعملن مثلي في مجال الحلاقة النسائية وبالتالي لا يوجد لدينا مصاريف سوى الطعام والشراب، لذلك أقوم بإرسال مبلغ لوالدتي ووالدي القاطنين في محافظة حمص لمساعدتهم في الغلاء الجنوني الذي يصيب سوريا”.

قالت يارا أنها كانت تعمل 8 ساعات يومياً براتب لا يتعدى 200 ألف شهرياً وهو لا يكفي ما بين إيجار منزل وأكل وشرب، فتقول: “كنت مضطرة لأخذ مصروف إضافي من أهلي، وهو ما زاد الأعباء عليهم، ولا سيما بعد رفع الدعم عن معظم المواد والسلع وانقطاع التيار الكهربائي بشكل كبير وانعدام وسائل النقل وغيرها الكثير من أسباب لا تعد ولا تحصى، لذلك فإن الهجرة تستحق تلك المغامرة، آملة بأن كل ما يحدث في الغربة، ينسى بعد أيام قليلة من الوصول إلى الهدف”.

يعتبر الهروب من الظروف المعيشية الصعبة داخل سوريا، والتي ازدادت خلال العامين الماضيين السبب الرئيس للتفكير في الهجرة إضافة للرواتب المنخفضة جداً، وتدهور القدرة الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار غير المنطقي، وانعدام الخدمات العامة إضافة لانخفاض نسبة الزواج بشكل كبير.

وبالنسبة إلى الكثير من الفتيات، مثل بعض الشبان تماما، أصبحت الهجرة ضرورة حتمية تعيد بداخلهن الرغبة في الحياة، لا تهم السبل لذلك ولا الوسائل، المهم أن يجدن أنفسهن في مجتمعات تقدر المرأة وكفاءتها وتحمي حقوقها بقوة القانون، ومثلما يتهور بعض الشباب وحتى النساء بركوب قوارب الموت.

ويؤكد مختصون اجتماعيون أن ارتفاع نسبة العنوسة في سوريا أدى إلى فقدان الأمل لدى 60% من الفتيات، لذلك يلجأن للهروب من حياتهن المليئة بالضغوط الاقتصادية والاجتماعية على أمل إيجاد حياة جديدة بعد كل الدمار والخراب، ومعظم الفتيات قادرة على التأقلم في الغربة لذلك لا يجدن أمامهن سوى المخاطرة بحياتهن وعائلاتهن من أجل الوصول إلى دولة أجنبية.

ومعظم الفتيات يحاولن الخروج من الدوامة وخاصة المستجدات بالدراسة، حيث أن العائلات السورية باتت تتقبل فكرة سفر الفتاة مثل الشاب ولا توجد عوائق كي تعتمد على نفسها في العمل والتعلم وتكوين مستقبلها بعيداً عن العائلة.

ومع ازدياد الرغبة بالهجرة من سوريا، وتدهور الوضع المعيشي، لجأ الكثير من السوريين لبيع ما يمتلكونه من عقارات كالمنازل والأراضي الزراعية والمحال التجارية كي يهاجروا، وبالأخص بعدما فتحت العديد من الدول العربية والأجنبية أبوابها لاستقطاب السوريين، وبحسب إحصائيات أن معظم الفتيات اللواتي يهاجرن يتراوح أعمارهن ما بين 22- 40 عاماً ومعظمهن غير متزوجات، وقد تم تسجيل العديد من الحالات الزواج ما بين فتاة سورية وشاب أجنبي.