لكل السوريين

العيد لا يمرّ من هنا

لطفي توفيق

أقبل العيد..

وعباد الله في زمن..

تتزاحم فيه الضرورات والمتطلبات..

وتتلاطم النفقات.. والفواتير والمصروفات

وتتفاقم المنغصات.. واللطم والحسرات..

فتختفي معظم المسرات والمبرات.. والزيارات والبركات..

في ظل ارتفاع محموم.. غير مسبوق ولا مفهوم..

ولا مستوعب ولا مهضموم..

لمعظم أنواع المأكولات.. والحبوب الخضروات..

أما الفواكه والمُفكهات..

ومثيلاتها من الحلويات والطيبات..

فلا علاقة لها مع غالبية عباد الله الصابرين والصابرات.

وتسابقت وسائل إعلام.. متنافرة ومتآزرة..

إلى الحديث عن هذه الظاهرة القاهرة..

وتحليلها.. وتفكيكها.. وتفتيتها..

وخلص بعضها إلى إلقاء اللوم على رؤوس عباد الله الذين يتقنون ثقافة التذمر..

ولا يتقنون ثقافة الشكوى..

الشكوى قد تخفف من مخالفة هنا.. وتحد من تجاوز تسعيرة هناك..

ولم تفطن وسيلة إعلامية.. متنافرة أو متآزرة.. إلى أن الخلل ليس في غياب ثقافة الشكوى، ولكن في حضور ثقافة عدم الجدوى من الشكوى..

لدرجة أعادت الحياة إلى القول المأثور: الشكوى لغير الله مذلّة.

ولم تتحدث وسيلة إعلامية واحدة.. عن ثقافة الغضب.. والرفض.. والفعل..

كضرورة لتجاوز المآسي التي عصفت.. وتعصف بالأعياد.. والعباد.

إذا استمر الوضع على ما هو عليه.. وهو مرشح للتصاعد..

فقد نرى معظم عباد الله يلتقطون صوراً تذكارية إلى جانب حبات البندورة والبطاطا التي تنتجها أرضنا المخردقة بالتفجيرات العشوائية.. والقذائف المُحرقة..

وإذا طال هذا الوضع.. وهو مرشح ليطول ويتطاول..

سيلتقطون في العيد صوراً تذكارية إلى جانب قطعة حلوى، أو حبة ملبس..

العيد لا يمرّ من هنا

فإذا مرّ يوم دون قهر ومنغصات جوهرية..  فهو عيد

وإذا مرّ يوم تراجعت فيه ثقافة الكراهية..  فهو عيد

وإذا جاء يوم استعادت فيه ثقافة المحبة ألقها.. فهو عيد

وها نحن نحلم.. بعيد.. أو بيوم لا يصادر فيه إنسانيتنا أحد..

ولا جهة.. ولا معتقد..

وماذا بقي لنا سوى حلم.. لا تراوده الأحقاد عن براءته..

ولا تقلّص القضبان حدود فضاءاته..

ولا يحدّد “المؤدلجون” أبجدياته..

كثيرة هي الأعياد في تاريخنا.. وفي لغتنا

وعلى أوراقنا..

وفي خزائن حديثي النعمة.

ونادرة في أحلامنا.. وأعماقنا..

وفي بريق عيون أطفالنا.