لكل السوريين

باحث ومحلل سياسي: “إضفاء صفة الإرهاب على قسد باتت مكشوفة، والحفاظ على سوريا يكون بالحوار بين قسد ودمشق”

حاوره/ مجد محمد 

اعتبر الباحث السياسي، عبد المجيد حسو، أن ما شماعة تركيا بمحاربة الإرهاب باتت مكشوفة، وأن قوات سوريا الديمقراطية، هي قوات وطنية سورية، تشكلت من أبناء المنطقة، الذين تكاتفوا وتلاحموا لمحاربة الإرهاب بكافة أشكاله، ولن تفلح تركيا في الوصول لما تريده.

ولفت حسو إلى أن مصطلح المنطقة الآمنة الذي أوجدته تركيا والتي تتحدث عن ما أسمتها عودة طوعية، هو في الحقيقة ترويج للحملة الانتخابية التي يستعد حزب العدالة والتنمية الحاكم لخوضها، لا سيما وأنه يلقى معارضة كبيرة وشرسة في الداخل التركي.

تتوالى تصريحات رأس النظام التركي أر دوغان في كل مدة حول القيام بعملية عسكرية في شمال وشرق سوريا، فبعد احتلاله مدن رأس العين وتل أبيض، قبل أكثر من سنتين يقوم الآن بأنشاء مستوطنات فيها من أجل تسكين السوريين المرتزقة الذين باعوا أنفسهم له.

وما أن تتنفس المنطقة الصعداء ونفض تربة الإرهاب وخلاياه النائمة يعود من جديد أردوغان بتهديد المنطقة بإقامة حملة عسكرية، ستستهدف مدن منبج وتل رفعت في البداية وصولاً لتأمين حدود تركيا إلى ٣٠ كلم في سوريا، في ظل سبات عميق من طرف حكومة دمشق التي باتت عاجزة عن تنديد حتى بدور الاحتلال التركي ومحاولته احتلال أراضي جديدة في سوريا.

وحول هذا الموضوع، أجرت “السوري” حوارا مع الأستاذ والباحث السياسي المستقل عبد المجيد حسو، وجاء نص الحوار كما يلي:

ـ دائما ما يختلق أردوغان من الحجج الواهية لأي عملية عسكرية في المنطقة بشكل خاص وفي العالم أجمع، لماذا؟

قوات قسد كيان مستقل تشكل من أبناء المنطقة السوريين باختلاف طوائفهم ومكوناتهم، حاربوا وحموا مناطقهم ودحروا أكبر تنظيم إرهابي في العالم وكذلك الإدارة الذاتية ومؤسساتها المدنية، فحجج أردوغان مجرد حجج واهية لا أصل لها وهو يتخذها شماعة من أجل قضم المزيد من الأراضي السورية وإلحاقها بتركيا.

ـ الولايات المتحدة الأمريكية هي الحليف الرئيسي، ويمكننا قول الوحيد لقوات سوريا الديمقراطية، ماذا بشأنها؟

بعد احتلال تركيا لمدينتي تل أبيض ورأس العين، عادت تصريحات أر دوغان لإكمال احتلاله، وقتها صرح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إنه أذا استمرت تركيا باحتلالها فأنه سوف يدمر اقتصادها، وموقف اليوم يمكننا القول بأنه موقف مشابه لما حصل سابقاً، فأرد وغان صرح مؤخراً أن أنقرة لا تنتظر اذنا من الولايات المتحدة الأمريكية لشن عملية عسكرية جديدة في سوريا، والتصريحات الأمريكية خجولة جدا، ولكن من هنا أؤكد أن أي حملة جديدة على شمال وشرق سوريا، فأن المنطقة ستتوقف في حربها ضد داعش وتواجه المحتل التركي.

ـ هل ترى أن هناك لعبة سياسية بين الدول العظمى بشأن شمال وشرق سوريا؟

نعم بالتأكيد، فأنا أرجح أن قيام حملة عسكرية جديدة على شمال وشرق سورية، أو عدم قيامها مرتبط حالياً بانضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فتركيا ترفض انضمامهم لأن من الطبيعي سوف يتضارب مع مصالحها الاستعمارية، وأمريكا تريد انضمامهم للحد من حجم روسيا وتحجيمها وفتح جبهة مع روسيا بطول ١٣٠٠ كلم من خلال فنلندا، فأن أقنعت أمريكا تركيا بالقبول بانضمام السويد وفنلندا للحلف، فبالتأكيد سوف تقدم لها تسهيلات ومنحها الأذن للقيام بحملتها في شمال وشرق سورية.

ـ هل يروج أر دوغان لحملته الانتخابية من خلال حملته على شمال وشرق سوريا في ظل كثرة معارضيه ومشاكله الداخلية؟

نعم بالتأكيد، يريد أردوغان أن يعيد اللاجئين السوريين في تركيا “طوعا”، وكلمة طوعا محط كذب وافتراء، لتخفيف العبء السياسي والاقتصادي الذي يواجه قبل موعد الاستحقاق الانتخابي المقلق بالنسبة له بعد نحو عام، ويبدو أن أر دوغان يرى أن الظروف الحالية تشكل توقيتا مناسبا لتوجيه ضربة قاصمة لقوات سوريا الديمقراطية، سواء بقطع صلاتهم مع واشنطن والغرب، ونزع أسلحتهم، وإنهاء أي حلم يراودهم لتأسيس دولة على حدود بلاده الجنوبية.

هو حلم لطالما أزعج أنقرة، وأثار مخاوفها من أن تشجع هذه الخطوة، في حال تمت، الأكراد في تركيا لأن يحذو حذو أبناء جلدتهم في الجانب السوري من الحدود.

ـ وهنا مربط الفرس، النظام السوري ماذا بشأنه من كل هذا؟

في البداية يجب التنويه إلى أن النظام السوري، وقواته مجرد أداة بيد روسيا وإيران، فهم لا يمتلكون من أمرهم شيئا ففي أوج التصريحات من أرد وغان، صرحت قيادات من قوات سورية الديمقراطية، ومسؤولي من مجلس سورية الديمقراطية بضرورة وجود النظام في المنطقة للوقوف بوجه أي اعتداء، وكذلك للدفاع عن المنطقة في حال وقوعه، وكذلك تصريحات للنظام حول السيادة السورية وضرورة احترام تركيا للسيادة السورية وعدم احتلالها الأراضي السورية.

ـ هل تتوقع حصول تقارب بين النظام السوري والإدارة الذاتية؟

الإدارة الذاتية وقوات سورية الديمقراطية، في حاجة إلى حليف قوي، ولم يبق لهم خيار في حال انسحاب القوات الأمريكية، غير اللجوء إلى دمشق لمواجهة ثاني أقوى دولة في الحلف الأطلسي، ولا شك النظام السوري يريد انتهاز فرصة انسحاب الأمريكيين، لتثبيت أقدامه في المنطقة، حتى وأن كان الاتفاق مع قوات سورية الديمقراطية ذي طبيعة عسكرية وليس سياسيا، وقسد إذا ما خيّروا بين تركيا والنظام السوري، فإنهم سيفضلون النظام السوري، لأنه بالإمكان في النهاية إيجاد اتفاق بين الإدارة الذاتية والنظام لإدارة مشتركة لشمال سوريا، وهذا ما حصل بالفعل في الماضي، إذ عندما شعر النظام بصعوبة السيطرة على كل الأراضي السورية ،انسحب من الشمال ليترك المساحة لتمدد قوات سورية الديمقراطية.

ـ هل هناك أمل في الوصول إلى سلام مع تركيا؟

بشكل عام نريد حل خلافاتنا مع تركيا بالحوار، فقوات سورية الديمقراطية وضحت مراراً أنهم ليسوا طرف في الحرب التي تخاف منها تركيا على حدودها التي كان داعش دائما ما يسرح ويمرح فيها، فالمشكلة الرئيسية في الحكومة الحالية في أنقرة حيث أن التقارب الحالي بين حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية بقيادة بخجلي يهدف إلى شن حرب على الأكراد، وهم يرفضون وجود كيان كردي في سورية وقالوا أنهم لن يكرروا خطأ العراق، لكن اعتقد أن هذا النهج العدواني لن يدوم، وحالياً هم يزدادون ضعفاً، وفي النهاية وتحت الضغط الداخلي والدولي إذا أصبح جدياً، سيبدؤون بالخطوة التالية وهي الحوار

ـ وفي النهاية، إلى أين نتجه، سوريا إلى أين؟

بالنسبة للنظام السوري مجبر على تغير مواقفه، فالوضع الداخلي والاقتصادي والدولي لا يسمح له بالعودة إلى عام ٢٠١١، كذلك القوى الدولية بدأت تشعر أن المشكلة السورية لا بد أن تحل، الجهات التي تريد خيار الحرب كتركيا  لا مستقبل لها، لأن الجهات التي تنادي بالحوار هي التي تتقدم، في حال البدء بذاك الحوار سنكون موجودين ضمنه كوننا واقع ملموس هنا منذ أكثر من عشرة سنوات، فالمنطقة تحتاج إلى رعاية أكبر من التحالف الدولي، للتصدي للعداء التركي الغير مفهوم ضد مناطقنا، وتثبيط الرغبات الروسية المناوئة في سورية، والضغط للوصول إلى حل دستوري مع دمشق وردع كافة أشكال الاحتلال التركي.