لكل السوريين

“مناطق التسويات” بحمص.. لا شيء يشبه الحياة

حمص/ بسام الحمد

“لا شيء يشبه الحياة هنا، نعيش في جحيم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى”، بهذه الكلمات وصف أحد سكان ريف حمص الشمالي الواقع الذي تعيشه المنطقة بعد مرور أربع سنوات على توقيع “اتفاق التسوية”، وتهجير عشرات الآلاف من سكان الريف إلى مناطق الشمال السوري.

يعاني سكان حمص – كبرى المحافظات السورية – لا سيما في الريف الشمالي من انتهاكات كثيرة من جانب الجيش السوري وقواته الرديفة والأفرع الأمنية التي تتغلغل في المنطقة بطرق متعددة، وتخوض حرباً غير معلنة ضد المدنيين هناك.
ربما ينطبق واقع ريف حمص الشمالي على بقية مناطق “التسويات” في سوريا، مثل درعا، والغوطة الشرقية بريف دمشق، لكن ما يزيد من معاناة المدنيين في الريف، غياب المنبر أو الجهة الإعلامية التي تنقل مآسيهم، وتفضح الانتهاكات الممارسة عليهم بشكل يومي، لذلك سيبحث هذا التقرير في أسباب عدم إنشاء جسم إعلامي يعنى بهذه المهمة، وأهمية الخطوة، والعوائق المحتملة بحسب ما يراه سكان الريف الشمالي.
يقول أحدهم “لم تكد الحافلات الخضراء تنتهي من نقل المهجرين قسرياً من ريف حمص الشمالي نحو الشمال السوري، في ربيع عام 2018، حتى بدأت العمليات الانتقامية من قبل الجهات الأمنية التابعة بحق الكثير ممن بقي هناك”.
يقول عبدالرحمن منيب (اسم مستعار) قاطن في ريف حمص الشمالي، إن المدنيين بشكل عام يعانون من انتهاكات يومية، أبرزها الابتزاز والتهديد بالاعتقال مقابل الحصول على مبالغ مالية، إذ يتم استدعاء الشخص إلى الفروع الأمنية بمدينة حمص، من باب الضغط عليه، وإجباره على دفع المال، مقابل العودة إلى أهله سالماً.
ويؤكد الرجل أن مدن وبلدات ريف حمص الشمالي تشهد موتاً بطيئاً، وقتلاً لكافة أشكال الحياة، لا سيما أن فرص العمل شبه معدومة، وحالة الفقر أصابت أكثر من 97 في المئة من سكان المنطقة، في ظل صعود أشخاص استفادوا من علاقتهم مع ضباط، لتمرير مشاريعهم التجارية، وضمان استمراريتها.
ويضيف: “القهر يعمّ مختلف المناطق في الريف، خلال السنوات الأربع الماضية عانينا من ظلم وتسلط الفروع الأمنية وما زلنا نعاني، وأنا كنت شاهداً على عمليات دهم لمنازل في المنطقة، وسرقة سيارات ودراجات نارية وأجهزة محمولة وأموال، وذهب للنساء، بحجة دعم الضحايا للجيش الحر سابقاً والوقوف إلى جانبه”.
وأشار إلى أن الاحتياجات الأساسية شبه مفقودة في ريف حمص الشمالي، حيث لا يتوفر التيار الكهربائي سوى نصف ساعة كل خمس ساعات، كما أن الإنترنت محصور في شركات الاتصال ذات التقربات مع الأمن، والمعروفة بسوء خدمتها.
يضع الآلاف في حمص وريفها آمالهم على الصحفيين والناشطين المنحدرين من المحافظة، والمهجرين إلى الشمال السوري أو إلى خارج البلاد، لنقل صوتهم ومعاناتهم اليومية، وفضح الانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل الأفرع الأمنية والاستخبارات.
وكما هو معروف، فإن الإعلام من الأسلحة الفعالة في الوقت الحالي، وقد أسهمت الصفحات والمواقع المحلية في محافظة درعا على سبيل المثال، في دعم صمود المدنيين هناك، وكشف مخططات الرامية إلى اغتيال العاملين في فصائل المعارضة سابقاً.
لا يكاد يمر أسبوع دون أن تُنشر أنباء من قبل الصفحات المحلية في دمشق وريفها ودرعا والسويداء ودير الزور وغيرها، عن مقتل أحد المدنيين في السجون السورية، أو تعرض بلدة ما لعمليات دهم واعتقال، على عكس مناطق حمص التي تفتقد للمنبر المكلف بنقل الصوت والصورة إلى بقية العالم.
وقال أحد السكان: “ما نحتاجه وندعو له، أن يعي الصحفيون خارج المحافظة، خطورة ما يجري في المنطقة من توسع إيراني، وقتل لأحلام المدنيين، ويبادروا على وجه السرعة إلى تشكيل منصة إعلامية لنقل الواقع والأحداث اليومية في المنطقة، مع التركيز على الجرائم المرتكبة بحق السكان”.