لكل السوريين

طبيب نفسي في حوار مع “السوري”: “الإدمان ينهي حياة المتعاطي مهنيا واجتماعيا، ويجب لعب دور فاعل لوقاية مجتمعنا من المخدرات”

حاوره/ أحمد سلامة

أوضح الدكتور عبد الصمد عيسى، أن الإدمان هو الاستسلام الجسدي والنفسي لعادة أو أدوية، بحيث يصبح العيش متوقفا عليها عضويا ونفسيا ويصعب تركها، ويؤثر الإدمان على عمل الجسم والدماغ، ويترتب عليه أضرار ومشاكل وخيمة نصيب العائلات والمجتمع بالكامل، ويصبح الشخص المدمن مدمرا مهنيا وجسديا ونفسيا ويصبح هذا الشخص يكرر النشاط الإدماني على الرغم من المشاكل الكبيرة التي تترب عليه.

وللحديث أكثر عن الإدمان ومخاطرة أجرت صحيفتنا حوارا مطولا مع الدكتور عبد الصمد عيسى الحاج جاسم أخصائي الصحة النفسية والمجتمعية لمنظمة داري وجاء نص الحوار كما يلي:

ـ بداية ما هو الإدمان؛ وبماذا يعرف؟

الإدمان هو عبارة عن اضطراب واقع في الدماغ، يتسم بارتباط قهري بمحفزات نظام المكافأة في الدماغ بالرغم من النتائج الضارة، رغم تورط عدد من العوامل النفسية والاجتماعية في الإدمان، إلا أن العملية الحيوية يسببها التعرض المتكرر لمحفز الإدمان وهي العلة المرضية الأساسية، وهي التي تدفع الإدمان واستمراره لدى الشخص المتعاطي لهذا النوع من المحفزات.

ـ ماهي الأضرار التي تلحقها المخدرات بدماغ المراهق؟

بالنسبة لدماغ المراهق كما هو معروف خرج من مرحلة الطفولة، فالدماغ هنا يستوعب أكثر من جزئية إذ كان احادي يصبح ثنائي أو ثلاثي ويصبح في مرحلة ما بعد العمليات، بذلك أثناء دخول المخدرات يرجع دماغ المراهق بالعودة إلى احادية التفكير، وهي الجزئية قليل من الإخصائيين يلاحظها.

وأكثر أذى للمخدرات هو الادمان على اشياء بسيطة مثل “السيجارة”، فهي تعود بالمراهق إلى مرحلة الطفولة، ناهيك عن المشاكل التي تقع في النواقل العصبية وهي حزمة كبيرة تقع داخل الدماغ، وبالتالي أصبح هناك تفخيم على ناقل معين وتشوه النواقل الأخرى، والتلف الذي سوف يصيب الخلايا العصبية نتيجة هذا الأمر.

ـ كيف تعمل مجموعات المساعدة الذاتية ومراكز إعادة التأهيل؟

عند حضور المستفيد يجب أن يكون لدى فريق العمل تأني بالعمل ودراسة موسعة، الحالة أقرب ما تكون سريرية فكل حالة يجب أن تشرف عليها لجنة من أعضاء مختصين ومتفرقين من علم اجتماع وعلم نفس، وبذلك يصبح لدينا خطة شاملة فهناك أعمال وطريقة علاج عامة وهناك طرق علاج خاصة، فالعمل له أفق غريض وأفق عامودي عالي وحيثية صغيرة وجزئيات تساعد في فهم الحالة، ومراكز التأهيل من أنجح طرق التغيير وأسرعها وأكثرها فاعلية.

هذا وتعتمد في المقام الأول على تغيير البيئة المحيطة بالمدمن حيث تبعده تماما عن كل محفز، وهو ما يطلق عليه الاسعافات الاولية للعقل فمراكز التأهيل تساعد في خروج المدمن من هذه الحالة التي يعيشها ضمن برنامج معين نفسي وسلوكي، والبدء بحياة جديدة خالية من المشكلات النفسية والمادية والاجتماعية واعادة التأهيل النفسي والسلوكي للمدمن.

ـ هل تنجح برامج التعافي المنزلي؟

البرامج المنزلي لا تجدي نفعا أبدا فالمدمن أتى من البيئة المنزلية وهو بهذه الحالة، فالحقيقة يجب أن تكون هناك مراكز ومصحات تقوم بعملها من أجل الوصول لنتيجة ايجابية، فالبرامج المنزلي تصبح معها الحالة أكثر صعوبة، والدليل أن المتعاطي والمدمن نتيجة الظروف العائلية وصل لهذا النوع من المشاكل النفسية والسلوكية.

ومن هنا فعلاج المدمن يحتاج إلى فترة طويلة وفريق متكامل ومعد على أحسن حالة ومتأهب في أي لحظة، حتى منظمات المجتمع المدني غير قادرة وحده، بل يجب التشارك من الجهات المختصة للوصول إلى نتائج ايجابية، وبذلك مع هذه التشاركية بين منظمات المجتمع المدني والجهات الحاكمة المختصة تصبح لدينا خطوة جبارة قادرة على تتصرف بهذه الجزئيات، ألية الحل والدعم الي رح يحصل عليه المدمن من حجر وعلاج للخلايا العصبية وقدرته على تحمل السحب وألية العلاج.

ـ كيف يمكن حماية المدمن من الانتكاس؟

لا يمكن وضع خطة من قبلنا كفريق استشاري وهذا أفضل، لان الشخص المدمن كلما كان متعاون  نضع له ساحة من الخيارات والاحتمالات، وبالتالي سوف نعمل على الخطة التي يضعه الشخص المدمن، لأنه بالتأكيد هو أدرى بكمية الطاقة التي توجد لديه من أجل متابعة العلاج.

لكن يمكن أن نوضح له بعض الأمور والأشياء التي يمكن ان يكون لديه بعض الاخطاء في فهمها بالشكل الصحيح، والعلاج المعرفي السلوكي هو عميق جدا ونحن نعمل على نظم العادات الجيدة، ويمكن ان تعمل على الجانب الديني، أيضا وجودنا على الارض أو ضمن مجتمع معين وكونه شخص نافع، فهناك قوائم كثيرة يمكن ان نعمل عليه تساعد في وصولنا إلى الغاية المنشودة والمرجوة الا وهي الشفاء وعدم الانتكاس لهذا الشخص.

ـ إلى من يجب أن يلجأ المدمن أولا؟

نحن كاستشاريين واخصائيين قمنا بحملات توعية كبيرة، ونحن في نهاية كل المحاضرات والمؤتمرات التي نعطيها في مسائل الاضطرابات النفسية وحالات الادمان نقوم بتوزيع الارقام لتسهيل الوصول إلينا، والشخص المدمن والمريض النفسي المتصل أقولها وبكل شفافية هو محمي من الجميع من الأب والأم والاصدقاء فهو في سرية مطلقة تماما، دائما المصارحة للأهل ترتبط بردة فعل قاسية ويكون توصيلك للرسالة منقوص، بينما اتصالك بأخصائي رح تكتشف أمور بسيطة وتقنيات نحن نقوم بها، ودائما هناك علاقة ثقة بين المريض والطبيب في هذه الحالات فنقطة بداية الحل تكون من الثقة المتبادلة بين الطرفين “المدمن والاستشاري”.

ـ ماهي تأثيرات الإدمان على المدى القصير والمدى الطويل؟

على المدى القصير هو الانشغال التام بهذه المسألة وإشباع الإدمان، ويصبح العقل مشوش وعدم القدرة على الاستمتاع في أي جانب من جوانب الحياة، وتدمير المتعاطي مهنيا واجتماعيا ونفسيا والهم الاكبر كيف تحصل على هذه المادة، أما على المدى البعيد تصبح تتعلق بالمادة أكثر وبعدك عن الاصدقاء والاهل أكثر وتزداد لديك الجرعة أكثر وتصبح متورط وليس لديك القدرة على الخروج من هذه الدوامة، فالمدمن يصبح مدمرا في الحاضر والمستقبل وكلما مر الوقت يصبح الأمر أكثر صعوبة، لذلك يجب ان يتوقف عن التعاطي مهمة كانت الحالة ومهما كانت الدرجة التي وصلت اليها وبشتى الوسائل يجب أن تحاول من خلال التواصل مع من يقدمون لك المساعدة والقدرة على الإقلاع عن المخدرات.

ـ كيف يتم تقليل الإدمان والمواد المخدرة من وجهة نظرك؟

أولا من المفترض أن نعطي الآباء والأمهات والقياديين والمختصين بهذا البلد، يجب الحد من وصول هذا النوع من الحبوب المخدرة، وهذا الأمر مسؤولية الجميع من قبل السلطات من ناحية ومن جانب الاهل ناحية أخرى، فيجب متابعة الأبناء من أجل الكشف المبكر عن هذه المسالة وكشفها من خلال متابعة بعض المقاطع التوعوية.

ومن جهة أخرى يجب متابعة علاقة الأبناء وصداقاته وعمل ثقافة الأنسان الناجح في المجتمع ليصبح إنسان سوي، نتيجة التوتر التوتر وصراعات في المنطقة والوضع الصعب نحن بحاجة لوعي وفهم شامل لأهمية الانسان وصحته الجسدية والنفسية، ومن ناحية أخرى نأمل من السلطات أيضا المساعدة متى ما أردنا ذلك وفي الوقت المناسب بطرق حضارية، ونحتاج ايضا إلى فعاليات وحملات توعية عن مخاطر المخدرات، فالأمر يحتاج إلى تكاتف الجميع من منظمات المجتمع المدني والجهات المعنية لأننا بحاجة لخطة كبيرة وجهد عظيم للحد من هذه الجنحة، وتوفير فرص عمل للشباب المراهقين لعدم وصولهم للإحباط والتعب النفسي الذي بدوره يوصلهم لهذه الحالات والمشاكل والاضطرابات النفسية والسلوكية.