لكل السوريين

الحرب الاقتصادية.. منحىً جديد للضغط على شمال شرق سوريا، والإدارة الذاتية تواصل الصمود

عبر الوسائل والأدوات الاقتصادية العديدة يلقى على عاتق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا عبئاً اقتصادياً جديداً يرهق المجتمع عموماً، خاصة بعد أن هزم الإرهاب العالمي على أيدي أبناء سوريا الذين وقفوا إلى جانب الانتماء للأرض السورية.

أخذت الحرب في سوريا منحى جديدا في شمال شرق سوريا تحديدا، بعدما تحولت تلك الحرب لحرب اقتصادية بعد أن أخفق الطامعون باحتلال المزيد من الأراضي السورية، لكن السوريون وإدارتهم الذاتية وقفوا صفا واحدا لإفشالها.

وحاول الإرهاب خلال السنوات الثمانية السابقة تدمير المنطقة اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، لكن كل ذلك أعطى قوة لصمود السوريين الذين أوقفوا التدمير والقتل وأعادوا بناء الاقتصاد المحلي، لتبدأ خطوة التوجه السوري نحو إعادة الإعمار.

الدور التركي في الحرب الاقتصادية

وقفت الإدارة الذاتية عقبة في وجه الحكومة التركية العدائية، والتي استمرت في خرق الاتفاقيات بعد أن أعادت الانتخابات البلدية ومارست تهديداتها لمناطق شمال وشرق سوريا، فبعد أن مارست الانتهاكات في شمال غرب سوريا نقلت الحرب الاقتصادية إلى الشمال الشرقي من سوريا.

تلعب الدولة التركية من جديد بالنار، وتحاول التحكم بقوت الشعب السوري بوسائل عديدة، فهي تمارس العمل بالحرب الاقتصادية والاستمرار بذلك ومتابعة احتلال مناطق جديدة من الأراضي السورية بحجج واهية بذريعة مكافحة الارهاب، ما يفاقم من أزمة الشعب السوري الذي يعود مصمماً ليقف في وجه التحديات التي فرضتها الدول الاستعمارية عليه تارة بالاحتلال وتارة بالاقتصاد وتارة أخرى لتكون سوريا مسرحاً ضمن الحروب الخارجية.

وتلعب تركيا دورا كبيرا في انهيار الاقتصاد السوري من خلال سعيها للوصول إلى الطريق الدولي المشهور بـ ’’أم ـ فور’’، الذي يعد العصب الرئيس للاقتصاد في سوريا ككل.

ومنذ احتلالها للمنطقة الممتدة بين رأس العين وتل أبيض باشرت القوات التركية الغازية بسرقة المعامل وصوامع الحبوب وإدخالها إلى تركيا بمساعدة مرتزقتها ممن تسميهم هي بـ ’’الجيش الوطني السوري’’، ويعد هذا الإجراء خير دليل على سعيها لتدمير الاقتصاد السوري.

وكانت تركيا ومن خلال دعمها للتنظيمات الإرهابية تدخل الآلاف من صهاريج النفط، وذلك عندما كان الإرهاب مسيطرا على منابع النفط الرئيسية في شمال شرق سوريا.

وفي شمال غرب سوريا، وتحديدا في عفرين وفور احتلالها أقدمت حكومة العدالة والتنمية على سرقة الزيتون السوري من بساتين عفرين التي تعد الأولى سورياً في إنتاج زيت الزيتون.

كما وسرقت العديد من ال

معامل الصناعية في إدلب وأريافها والمنطقة الممتدة بين إدلب وحلب، حيث تم توثيق سرقة أكثر من 40 معملا متنوعا.

الإدارة الذاتية عملت على صياغة الاقتصاد

تشهد مناطق شمال شرق سوريا واقعاً اقتصادياً منظماً فُعّل بعد التحرير، وتشكيل الإدارة الذاتية، بالإضافة إلى تفعيل الإدارات المدنية في شمال شرق سوريا ككل. حيث أن التنظيم اقتصاديا بدأ بعد تشكيل لجان اقتصاد فرعية للنهوض بالواقع الاقتصادي.

وبدأت الإدارة الذاتية تعتمد على الخبرات التي عملت على تدريبها وإيجاد البدلاء الجدد في الإدارات المدنية والمؤسسات الخدمية، حيث أنها تدرك غنى المنطقة بالموارد الزراعية، وتحتاج لكفاءات عالية للاستقرار اقتصاديا.

الحرائق تؤكد حجم المؤامرة الاقتصادية

تعرضت مئات الآلاف من الدونمات من الأراضي المزروعة بالقمح والشعير لحرائق مفتعلة، وعملت الإدارة الذاتية على مجابهتها، لكن الأيادي التي سعت لحرق المحاصيل كانت مجندة لكثيرين، مما أدى إلى عدم قدرة استيعاب هذه الحرائق.

الحرائق التي التهمت المحاصيل كان الهدف منها هو خلق فتنة تمهد لحرب أهلية في المنطقة، للقضاء على الاستقرار الذي كانت تنعم به منطقة شمال شرق سوريا.

وكان تنظيم داعش الإرهابي قد تبنى حرق عدة أراضي زراعية في سوريا والعراق، ويؤكد أهالي المنطقة أن تركيا هي من افتعلت تلك الحرائق بشكل غير مباشر في الداخل السوري، وبشكل مباشر من خلال استهدافها للأراضي الزراعية بقنابل حارقة.

وتعتمد منطقة شمال شرق سوريا على الزراعة بشكل كبير، حيث أن أكثر من 75% من السكان المحليين يعتمدون على الزراعة، وتؤكد تركيا بافتعالها للحرائق تلك أنها تسعى لحصار اقتصادي خانق على الشعب السوري بعد التفافهم الكبير حول قوات سوريا الديمقراطية.

تشتهر منطقة الجزيرة السورية بكثرة آبار النفط والتي تعد الاقتصاد الرئيسي لسوريا هي مصدر آخر لنمو الاقتصاد في المنطقة، وعملت الإدارة الذاتية على حمايته من الإرهاب الذي لم يكن يتردد يوما في نقله إلى تركيا المحرومة من استخراج النفط من أراضيها.

النظام لعب دوره

منذ بدء الأزمة السورية لم يبد النظام السوري أي خطوة جدية للحل في سوريا، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية التي بات يعانيها الشعب السوري الآن، وعلى الرغم من أن الإدارة الذاتية حاولت مرارا وتكرارا السعي لحل سياسي مستدام للأزمة في سوريا عبر تقديمها دعوات للنظام للحوار، مما يمهد لحل 

الأزمة الاقتصادية في البلاد، إلا أن النظام أصر على تعنته في عدم قبول الحوار.

كما ووجهت أصابع الاتهام للنظام السوري في ضلوعه في الحرائق التي حدثت العام الماضي، والغرض من هذا العمل هو محاولة افتعال فتن في المنطقة. حيث شنت وسائل الإعلام التابعة للنظام حربا خاصة لتوجيه الرأي العام صوب أن الإدارة الذاتية هي من تفتعل الحرائق، مع العلم أن الحرائق ساهمت في تراجع اقتصاد الإدارة الذاتية الذي يعد جزءا من الاقتصاد السوري.

الاقتصاد الاجتماعي في وجه الحرب الاقتصادية

ويعود الحديث مجدداً عن الحرب الاقتصادية التي تستهدف المنطقة بالعمل على تحديد الموارد الاقتصادية التي تمد هذه المنطقة بالخيرات وتحقق الأمن ا

لغذائي لها، فبعد أن حققت هذه المنطقة نمواً اقتصادياً كبيراً بدعم من الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، تتعرض اليوم هذه المناطق إلى الضغوط الاقتصادية والسياس

ية والهدف من ذلك التأثير على واقع الحياة اليومية.

ويرزح أبناء سوريا من جديد تحت نير الاعتداء والفشل الاقتصادي التي تبثه الحكومة التركية في وسائلها الإعلامية، لكن أبناء المنطقة لايزالون وقفاً لتدخل الدول المجاورة والاقليمية تحت مسميات عدة بهدف سرقة اقتصاد المنطقة وتفتيتها ليعود منطق العجز الاقتصادي قائماً.

بعد الخلاص ممن عاثوا بالأرض التدمير تعود حكومة تركيا لتحاصر أبناء المنطقة اقتصادياً ويستمر الدعم التركي للإرهاب وإرهاق الاقتصاد المحلي فتعتاش المكونات السورية على الفتات والقلة ويستمر انهيار الاقتصاد وعجزه، إلا أن الاقتصاد الاجتماعي الذي دعت له الإدارة الذاتية في إداراتها المختلفة وضمن الإدارة المدنية في شمال وشرق سوريا وجد كحل للشعب السوري لمواجهة الأعباء الاقتصادية وارتفاع الدولار.

ولولا ذلك لخسرت المنطقة اقتصادياً الكثير من وفرة انتاجها بسبب التآمر الاقليمي على ضرب منشآت واقتصاد مناطق الشمال والشرق السوري، باعتبار أن الحرب التي حدثت في المنطقة لم تثنِ أطياف سوريا عن البقاء صامدين في وجه التحديات رغم سياسات الرضوخ وابتزاز الشعب في قوت يومه.

الحرب الاقتصادية وصلت إلى ذروتها بعد ارتفاع سعر الدولار وأثره وتأثيره على المواد الأولية والمعيشية لحياة المواطن، والسؤال هنا من المنتصر أهو صمود الشعب السوري أم الحرب الاقتصادية التي تفقره وتنهكه؟، وهل الاقتصاد وسيلة لخطف قوت السوريين، أم أن الاقتصاد له خفايا سياسية لتلك الدول لن تخيف الشعب ولن يخضع لها وسيحمي قوته بشتى الوسائل؟.

تقرير/ ماهر زكريا