لكل السوريين

وسط “شللٍ” حكوميّ.. حمص تحت وطأة غلاءٍ أسود!

السوري/ حمص ـ بهمّته التي لا تعرف اليأس، يسعى العمّ “أبو محمد” الحمصيّ، 57 عاماً، عامل بناء، إلى تأمين أساسيات قوته اليومي، وقد تخلّى كما نوّه عن (الكماليات بشكل نهائي) بقوله: طلب مني ابني سندويشة شاورما، يبلغ سعرها 2000 ليرة، تغاضيتُ عن الأمر، وتحايلتُ عليه بأشياء أخرى حتى ينسى، فتلك الأشياء أصبحت صعبة المنال وأنا أتقاضى أجراً يومياً يتراوح ما بين 2000 و4000 ليرة بأحسن الأحوال.

بدورها تؤكد “راما”، 33 عاماً، مدرّسة لغة إنكليزية، أنها ليست أفضل حالاً، فتأمين المستلزمات الأساسية للمنزل أصبح مهمة شاقة لا تقدر عليها في أكثر الأيام، “استغنيت عن الكثير من المواد، اتجهت للبالة بدلا للألبسة الجديدة، حتى الشاي والقهوة أصبحتا من المواد المقننة، لكن أن يصل الموضوع لرغيف الخبز فهذا أمرٌ لا يطاق”.

الغلاء يوميّ ولا تحرّك حكومي!

فارتفاع الأسعار الجنوني وتقلباته اليومية، هو الحديث الذي يشغل عقول السوريين وألسنتهم في حياتهم اليومية أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ومما زاد الوضع سوءاً؛ ارتفاع سعر المازوت الصناعي والبنزين والذي جعل أسعار المواد الأساسية تصل إلى حدود خيالية تفوق القدرة الشرائية للغالبية العظمى من المواطنين.

فتكلفة أصناف بسيطة من الطعام باتت تبلغ أرقاماً كبيرة قياساً بمدخل معظم السوريين، فكل المواد الأساسية اللازمة للعيش اليومي كالخضار والفواكه اللحوم والبيض والزيوت والحبوب تضاعفت أسعارها خلال الفترة القصيرة الماضية وسط شلل حكومي واضح بإجراء أي تغيير يحسّن من واقع المعيشة بشكل فعليّ.

هل مِن حلول أمام المواطن؟

ومن الأمور التي اتبعتها الكثير من الأسر لضبط نفقاتها، تخفيض جودة المستلزمات الغذائية، والنزول بها إلى الأصناف الأقل سعراً ولو كانت الجودة متدنية، وبخاصة القهوة والشاي والمتة، فسعر أوقية القهوة 1800 ليرة وعلبة المتة 2500 ليرة، وسعر 250 غ من الشاي 3500 ليرة، واستبدال السمنة “التي يبلغ سعر الكيلو النباتي منها 3900 ليرة بمادة الزيت” زيت الصويا بدلاً من عباد الشمس أيضا والذي يبلغ سعر الليتر منه 3575 ليرة.

وهذا ما أشارت إليه “أم رامي”، ربّة منزل، في حديثها “باتت معظم تلك العائلات تعتمد أسلوب الشراء بـ “الفرط”، أي شراء المستلزمات تبعاً للحاجة اليومية فقط، ليستطيعوا ضبط النفقات قدر الإمكان، من مبدأ الشراء بالقيمة السابقة ذاتها للمواد ولو بكميات أقل، ويطبق هذا المبدأ على المنظفات، والمحارم، وأية مستلزمات يومية أخرى يمكن شراؤها بهذا الأسلوب”.

إذ توجه الكثير من الباعة أيضاً للبيع بهذه الطريقة لتحسين حركة البيع في ظل الركود، وأصبحت بعض الأسر تعتمد على الاشتراك مع بعضها في شراء السلع الغذائية الرئيسية من سوق الجملة للحصول على أسعار أرخص وعروض متعددة، وبعدها تقسيم المشتريات فيما بينه.

ضبوط وسحب عينات مخالفة

أكد رئيس شعبة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية المهندس “بسام مشعل” لصحيفة محلّية، أن جولات عناصر المديرية مستمرة على جميع المحال والفعاليات التجارية للتأكد من عدم قيام أصحاب المحال برفع الأسعار خاصة خلال الأيام الماضية والتي ارتفعت بشكل كبير.

فحمص هي صورةٌ مصغّرة لواقع جميع المدن السوريّة التي ترزخ تحت معاناة الفقر والغلاء والطوابير وكلّ أصناف الذل في سبيل تامين لقمة العيش، فربّما النداء الوحيد هو إلى متى؟!، وعلى أمل أن يُسمع النداء يوماً ما قبل أن يغلب الجوع على النفوس المنهكة.