لكل السوريين

تطور الدساتير السورية “تشكيل حزب البعث”

تقرير/ لطفي توفيق

احتضنت الحضارة السورية الضاربة في القدم أولى الشرائع المكتوبة في تاريخ البشرية، حيث اكتشف علماء الآثار الكثير من القوانين المكتوبة في منطقة سوريا التاريخية، تعود إلى مراحل وحضارات تاريخية مختلفة، ويعود أقدمها إلى تاريخ 2360 قبل الميلاد، في مملكة ماري التي تأسست في الألف الثالث قبل الميلاد على ضفاف نهر الفرات في الجزيرة السورية.

ومع التطور الاجتماعي، عبر التاريخ المعاصر بقيت مركز التشريع والتقنين في محيطها الجغرافي رغم التقلبات السياسية والاجتماعية والانقلابات العسكرية التي عصفت بها.

ولعبت الأحزاب والقوى السياسية المستقلة دوراً بارزاً في تطور الدساتير السورية، وخاصة الكتلة الوطنية التي انقسمت فيما بعد إلى حزبين، حزب الشعب والحزب الوطني الذي استمر بالعمل إلى أن تم حل الأحزاب خلال فترة الوحدة بين سوريا ومصر، وعاد الحزب إلى العمل بعد الانفصال، وفاز بالأغلبية في انتخابات العام 1961.

حزب البعث

يذكر بعض المؤرخين أن حزب البعث تأسس عام 1947، بينما يرجع بعضهم تأسيسه إلى عام 1940، بسبب وجود نواتين له، الأولى مجموعة عفلق والبيطار، والثانية مجموعة الأرسوزي.

فقد اكتشف ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار فكرة الاشتراكية خلال فترة دراستهما في باريس منذ  عام 1929 وحتى عام 1934، وعندما عادا إلى سوريا عمل عفلق بتدريس التاريخ والبيطار بتدريس الفيزياء في إحدى ثانويات دمشق، فيما عمل زكي الأرسوزي مدرساً للفلسفة في ثانوية انطاكية.

وكان الأرسوزي عضواً بارزاً في عصبة العمل القومي لكنه استقال منها عام 1939، وقرر إنشاء حزب قومي جديد يقوم على منظمتين: منظمة فكرية هي “البعث العربي” تضم مثقفين للتوعية والتنوير، ومنظمة سياسة هي “الحزب القومي العربي”.

وفي 29 تشرين الثاني 1940عام  تأسس حزب من ستة أشخاص بزعامة الأرسوزي باسم “حزب البعث العربي” واتخذ لنفسة رمز النمر، لكن هذا الحزب لم يستمر طويلاً، فترك الأرسوزي العمل الحزبي نهائياً، إلا أن تأثير أفكاره بقي فاعلاً خاصة خلال أزمات الحزب.

ومن المؤكد أن عفلق والبيطار استفادا من اسم الحزب الذي أطلقه الأرسوزي ومن أفكاره ومبادئه التي كانت تتقاطع مع أفكارهما.

ومع بداية عام 1940 أخذت أفكارهما تأخذ شكلها المستقل، وعقدا عدة اجتماعات سياسية لمجموعات صغيرة من الطلاب، وأصدرا أول كراسة لهما في بداية عام 1941 تبعتها ست أخريات في شباط بمناسبة الإضراب ضد سلطة الانتداب الفرنسي، وتم توقيعها باسم “الإحياء العربي”.

وشكلت ثورة رشيد عالي الكيلاني بالعراق في شهر أيار عام 1941، فرصة مناسبة لإظهار انتماء مجموعة “الإحياء العربي” للقضايا العربية، فتبنت حركة “نصرة العراق”.

وفي نهاية العام  بدأت المجموعة تعمل تحت اسم “الحزب العربي القومي”.

وفي العام التالي ترك كل من عفلق والبيطار مهنة التدريس ليتفرّع للعمل السياسي واستمرا في بناء تنظيمهما في أواخر أعوام الحرب العالمية الثانية، وفي الفترة التي تلت الاستقلال مباشرة مستقطبين الطلاب في المدارس الثانوية والجامعات.