لكل السوريين

رغم الظروف السيئة، الحماصنة يحافظون على خميسهم

حمص/ بسام الحمد

تتميز مدينة حمص بإحيائه السبعة خميسات وهي الخميس التايه والضايع، وهو مرتبط بانتظار أن يهل هلال شهر شباط أي حائر بين موعده المفترض أنه حلّ والهلال الذي لم يظهر بعد، والخميس الثاني هو خميس”الشعنونة”ويبدو أنَّ لاسمه علاقة بتقلبات مناخ شهر شباط (شهر شباط اللي ما عَ كلامه رباط).

وعلى الرغم من الحالة العامة السائدة في العالم والبلد ولكن هذا العام ليس كالأعوام الماضية حيث كانت تمتلئ واجهات المحلات بطرابيش الحلاوة الحمصية الحمراء والبيضاء وما يعرف ب بلاط جهنم والغريبا و السمسمية والبشمينا والراحة.

وبعيداً عما يحصل من توترات في الشارع السوري الآن بسبب الوباء الذي حل على بلادنا إلا أن حمص لم تنسا الاحتفال بيومها المميز والذي تنفرد به عن جميع المحافظات السورية و يحدث غالباً في الخميس الثاني من شهر نيسان من كل عام والذي يصادف اليوم التاسع من شهر نيسان من كل عام أنه خميس الاموات أو(خميس الحلاوة ).

تبهر العين بأشكال قمعية ضخمة ملونة باللونين الزهري والأبيض وكأنها تغار من زهور الربيع .

والخميس الرابع هو خميس”القطاط”وفيه كان يحل موسم تزاوج الهررة. والخميس الخامس هو خميس”النبات”وهو مرتبط بنبات الحظ الذي يرمى في جب قلعة حمص، ولكن الفرنسيين منعوه خوفاً من المشاكل.

وخميس الحلاوة، والبعض يسميه “خميس الأموات “وكان ينطلق الناس فيه إلى المقابر مزودين بالحلاوة، للتّنزه، وزيارة الموتى وغرس الآس وسعف النخل على القبور.

والخميس الأخير وهو خميس المشايخ وذكر الباحث نهاد بأنَّ خميس المشايخ وحسب بعض الدراسات يوجد في كل من القدس وبلدة برزة، بينما باقي الخميسات موجودة في حمص فقط.

وتنفرد مدينة حمص السورية بإحياء ما يسمّى بـ”خميس الحلاوة”، كتقليدٍ شعبيٍّ متوارثٍ منذ زمنٍ بعيد. وعلى عكس الأعياد الدينية، تتشارك الطوائف المتنوّعة في المدينة في إحياء هذه المناسبة، فيشتري الناس أنواع الحلاوة ويوزّعونها على الآخرين في تجمّعات العمل والمدارس والمقاهي. كما يزور الكثيرون قبور الموتى خلال ساعات الصباح الباكرة لقراءة الفاتحة، وهو ما يجعل البعض يطلقون عليه أيضاً “عيد الأموات.”

وتشير رامية خضر، وهي معلمةٌ من حمص، إلى أنّ “أهالي المدينة متمسّكون بهذا التقليد حتى اليوم”. وتذكر أنّ حوالي 5 أنواعٍ من الحلاوة تتوافر في الأسواق في هذا العيد، وهي (الخبزية) و(السمسمية) و(بشمينة) و(راحة فستقية) و(بلاط جهنم). وتضفي أنواع الحلاوة المعروضة على الأسواق ألواناً من الفرح، وهو طابعٌ يغيب عن المدينة معظم أيام السنة بسبب الحرب.

تقول أم أحمد: “حافظت الأسواق على هذا التقليد عشرات السنين. تحتفل به عائلتي منذ أن كنت صغيرة. تبعث ألوان الحلويات الفرح في نفوس الأطفال والكبار على حدٍّ سواء”.

وترى أم أحمد أن “الفضل الأساسيّ في الحفاظ على هذا التقليد يعود إلى البائعين، فهم أصحاب المصلحة الأولى فيه”. وتضيف: “كانت زيارة المقابر أحد الطقوس الرئيسية لهذا اليوم، فكانت تكتظّ بالزوار، تماماً كأوّل أيام الأعياد. كما كان الكثير من الفقراء والمحتاجين يحظون بكمياتٍ من الحلوى.”

عادةً ما يثير موعد هذا الخميس بعض الجدل في كلّ عام، فيما يتفق الجميع أنه خميسٌ من نيسان. وتبعاً لأحد المؤرّخين فهو “الخميس الذي يسبق عيد الفصح المجيد بأكثر من أسبوع”. وتروي حميدة: “من ناحية الباعة، فهم يفترشون الأسواق بالحلاوة منذ اليوم الأوّل من نيسان، أما نحن فنحتفل به حسبما يشاع في كلّ سنة”. وتضيف بروح الدعابة: “ليس ذلك غريباً علينا، فنحن حماصنة.”

ولم يمنع انخفاض المستوى المعيشيّ، الذي يعاني منه معظم الأهالي هذه الأيام، أحداً من شراء الحلاوة. فأسعارها، تبعاً لحميدة: “منخفضةٌ نسبياً، وهي في متناول الجميع.”