دمشق/ مرجانة إسماعيل
تغزو ظاهرة البطالة المقنّعة مناطق سيطرة النظام بنسبة تصل إلى 85%، وذلك يرجع إلى انخفاض مستويات الإنتاج في مختلف القطاعات الخدمية والصناعية، وتوظيف قوى عاملة فائضة عن الحاجة.
ويرى خبراء أن البطالة المقنعة هي تعبير عن انخفاض كبير في إنتاجية القوى العاملة، أو عدم مساهمة هذه الإنتاجية بشكل فعال في الناتج الإجمالي، وتظهر البطالة المقنعة عندما يتجاوز عدد الموظفين العدد اللازم للقيام بالمهام الوظيفية نفسها، أو عندما يكون عدد الموظفين أكثر مما هو مطلوب لتحقيق نفس المستوى من الإنتاجية.
كان كل شيء في عهد نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد غير طبيعي بالمَرّة، فالفوضى والمحسوبية هي السائدة في كل مفاصل ومؤسسات الدولة السورية إبان حكم الأسد. وبعد سقوط نظامه البائد، تكشّفت الكثير من الأمور التي كانت مخفيّة في ظل سلطة دكتاتورية قمعية.
من بين الأمور التي تكشّفت مع وصول تحالف عدد من فصائل المرتزقة المدعومة من قبل تركية بقيادة هيئة تحرير الشام إلى قيادة سوريا بعد سقوط نظام “البعث”، هي المفاجأة بحجم البطالة المقنعة في المؤسّسات السورية على أيام وسنوات النظام السوري السابق، إذ شكّلت صدمة للإدارة السورية الجديدة.
وكشفت إدارة هيئة تحرير الشام، في دمشق، بأن الإدارة ومع قيامها بإعادة تشكيل وعمل الوزارات والمؤسسات، تفاجأت وانصدمت من حجم البطالة المقنعة المنتشرة في كل وزارة ومديرية ومؤسسة، فيما أكدت، تحرك الإدارة الجديدة لمعالجة الملف.
وقالت مصادر إن وزارة التربية السورية من أبرز المؤسسات التي تنتشر فيها البطالة المقنعة، موضّحا أن النظام السابق وظّف 200 كاتب في الوزارة، بينما الوزارة بأكملها تحتاج إلى 5 كُتّاب فقط لا غير، وهذا أمر كارثي وغير معقول، على حد قوله.
مصدر آخر كشف عن البطالة المقنعة في إدارة الجمارك، قائلاً، إن إدارة الجمارك فيها 40 موظفاً، لكن الأمر الصادم، أن إدارة الجمارك نفسها بها 50 مستخدماً، بينما الحاجة الفعلية فيها هي 3 “مستخدمين”، والمستخدم هو “المنظّف والقائم بتقديم الضيافة”.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ كشف مصدر في وزارة الصحة بإدارة هيئة تحرير الشام أن البطالة المقنعة بلغت ذروتها في مستشفى طرطوس، مُبيّناً، أنه في المستشفى 4 آلاف موظف، بينما سعة المشفى الكلية هي 300 سرير فقط، وبالتالي فإن المشفى مكتظة بالموظفين بنحو 7 أضعاف مقارنة بأسَرّة المخصّصة للمرضى.
المؤسسات السورية في ظل الحكومة الجديدة التابعة لهيئة تحرير الشام بدأت تتحرك لمعالجة ملف البطالة المقنعة، بعد الصدمة من حجم انتشارها داخل كل وزارة ومديرية ومؤسسة، إذ أكّد مصدر في حكومة الهيئة، أن الحكومة انتهجت إجراء عاجلا لإعادة تقييم الموظفين داخل المؤسسات السورية.
وقال المصدر، إن كل وزارة شكّلت لجنة لإعادة تقييم الموظفين في مؤسساتها ودوائرها، حيث سيتم نقل الموظفين الفائضين، أي الذين يشكّلون عبئا وزيادة عدد لا أكثر داخل المؤسّسة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، كإجراء وخطوة أولى.
في الخطوة التالية، ستقوم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بإعادة تأهيل الموظف في حال كان كفؤا ومهنيا، حيث سيتم إعادة تأهيله وتوظيفه في مكان مناسب آخر، أما إن كان غير كفء فسيتم فصله عن العمل بشكل نهائي.
ولفت المصدر، إلى أن نحو 70 % من الموظفين من الذين يمثّلون البطالة المقنعة في المؤسسات السورية، جرى توظيفهم من خلال “المحسوبية والواسطات” في عهد النظام السابق، والكثير منهم لا يعمل في مكان وظيفته مطلقا، ويذهب إلى مقر مؤسسته أو دائرته فقط في موعد استلام الراتب الشهري.
في إطار البطالة أيضا، وبحسب منصة “معلومات”، ارتفعت معدلات البطالة بصورة كبيرة “خلال سنوات الحرب” حيث بلغت 8.6 % عام 2010 ووصلت إلى حدود 22 % في العام 2021، وبحسب المحافظات بلغ أعلى معدل بطالة في العام 2010 بمحافظات اللاذقية والحسكة وطرطوس بنحو 16 %، وفي العام 2021 بلغ أعلى معدل بطالة في محافظة القنيطرة بنحو 58.3 %.
وفي عام 2024، تجاوزت نسبة البطالة المقنعة في مناطق سيطرة النظام السوري السابق، 85 %، فيما تجاوزت نسبة البطالة بنفس العام 37 %، وذلك وفق أكاديميين في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق.