تقرير/ حسن الشيخ
منذ احتلال مدينة منبج وريفها في كانون الأول المنصرم شهدت تصعيداً خطيراً وغير مسبوق وجملة من انتهاكات حقوق الإنسان على يد الفصائل المرتزقة المدعومة من تركيا.
وسببت عملية ما تسمى (فجر الحرية) التي أطلقتها تركيا ومرتزقتها لاحتلال تل رفعت والشهباء وصولاً إلى مدينة منبج إلى مقتل العشرات، بينهم مدنيين، وسط تصاعد العنف والانتهاكات الموثقة التي شملت الإعدامات الميدانية، الاعتقالات التعسفية، التعذيب، ونهب الممتلكات، والتسبب بحملة تهجير ثانية لأهالي عفرين والشهباء وتل رفعت.
من جهة أخرى، تستمر هجمات مرتزقة تركيا بغطاء تركي على مناطق إقليم شمال شرق سوريا، وسط تزايد المخاوف من احتلال المزيد من الأراضي السورية وخاصة في إقليم شمال وشرق سوريا الذي يحتضن أكثر من مليون مهجر داخلي، بينهم عشرات الآلاف من ضحايا جرائم وانتهاكات المرتزقة من عفرين والشهباء وتل رفعت.
التمهيد لاحتلال منبج وارتكاب الانتهاكات
في السابع والعشرين من تشرين الثاني 2024 شنت (هيئة تحرير الشام) وعدة مجموعات مسلحة عملية عسكرية عرفت بـ (ردع العدوان) ضد قوات حكومة دمشق، وتزامناً مع هذه العملية أطلقت مرتزقة تركيا عملية موازية (فجر الحرية) بدعم من المحتل التركي الأمر الذي تسبب باحتلال مناطق (تل رفعت ـ الشهباءـ وعدة مناطق بشمال حلب)، ثم التمهيد لاحتلال منبج في الثامن من كانون الأول 2024 وشهدت المدينة سلسلة من الانتهاكات لحقوق الإنسان من (إعدامات ميدانية ـ اعتقالات تعسفية ـ تعذيب للمدنيين ـ نهب للممتلكات).
ومن المعروف بأن قادة الفصائل المرتزقة التي تشن الهجمات متورطون بجرائم حرب وسلسلة طويلة من الانتهاكات بحق الشعوب السورية، ومنهم (فصيل الحمزات بقيادة سيف بولاد أبو بكر ـ فرقة السلطان مراد وقائدها أحمد الهايس ـ تجمع أحرار الشرقية وقائدها أبو حاتم شقرا المتورط بإعدام السياسية هفرين خلف وسائقهاـ سليمان شاه وقائدها محمد الجاسم أبو عمشة)
إعدامات ميدانية للمدنيين العزل
كانت الإعدامات الميدانية من أبرز الانتهاكات المروعة التي شهدتها مدينة منبج، حيث شهدت إعدام أكثر من 15 أسيراً، بينهم جرحى، وكان الضحايا مدنيين وعناصر من قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي “الأسايش”، وقوات الدفاع الذاتي.
وتظهر الأدلة المصورة مقاطع فيديو لعمليات إعدام ميداني متعددة، بما في ذلك إعدام ميداني لجريحين من قوات “مجلس منبج العسكري” كانا يتلقيان العلاج داخل مستشفى قرب دوار المطاحن، بعد محاصرة المستشفى ومنع إجلاء المصابين. بالإضافة إلى إعدام عدد من الأسرى بالرصاص في مواقع مختلفة ضمن المدينة.
ومع تصاعد المعارك في مدينة منبج، انتشرت الجثث في شوارع منبج، دون أي إجراءات لدفنها أو تسليمها لذويها، تضمنت الحالات المؤلمة مقتل عائلة كاملة داخل سياراتها أثناء الاشتباكات، إضافةً إلى مقتل ثلاث نساء من “تجمع نساء زنوبيا”، إلى جانب ذلك، وُثقت حوادث نهب لأسلحة وهواتف محمولة من جثث القتلى، كما تمّ توثيق مقتل خمسة أشخاص، أربعة منهم بدافع السرقة وآخر بدافع الثأر.
هذا ووثقت “منظمات حقوقية وانسانية” اعتقال ما لا يقل عن 52 مدنياً على يد فصائل المرتزقة، وفيما تمّ الإفراج عن 16 محتجزاً بعد دفع فدى مالية، ويظل مصير الآخرين مجهولاً، وأظهرت إفادات المفرج عنهم والفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي عمليات إذلال وامتهان لكرامة المحتجزين، أبرزها مقطعين يوثقان تعرض ثلاثة مدنيين، بينهم رجل مسن، لإهانات وتعذيب شديد على يد عناصر المرتزقة في إحدى القرى في ريف مدينة منبج، يظهر في الفيديو الأول ثلاثة محتجزين، من بينهم رجل مسن يبلغ من العمر أكثر من 60 عاماً، كان يعمل ضمن لجنة خدمية محلية في القرية، إلى جانب شابين آخرين. ويظهر أحد العناصر وهو يرفع قدمه في وجه المحتجزين، ويوجّه لهم إهانات شديدة ويجبرهم على القيام بأفعال مهينة، مثل تقليد أصوات النباح، بينما ينهال عليهم بوابل من الشتائم والتحريض. أما الفيديو الثاني، الذي صُوّر في الموقع ذاته، فيُظهر 5 إلى 6 محتجزين، من بينهم الرجل المسن والشابان اللذان ظهرا في الفيديو الأول، وهم يتعرضون لتعذيب جسدي وإهانة مستمرة على يد عناصر المرتزقة.
سلب ونهب للممتلكات وخاصة الكرد…!
تعرضت منازل ومحلات المدنيين في منبج لعمليات نهب واسعة النطاق، وخاصة العائدة ملكيتها للشعب الكردي، وشملت الانتهاكات أكثر من 20 منزلاً، مع وضع علامة (مُصادر) على بعضها. دفع الخوف من القتل أو الاعتقال معظم المدنيين الكُرد إلى النزوح الجماعي، بينما ظل آخرون محاصرين داخل المدينة تحت تهديد دائم، وفي ظل الفوضى شهدت المدينة مظاهرات تطالب بتدخل (هيئة تحرير الشام)، وطرد مرتزقة تركيا من المدينة، كما دعت عشائر عربية حكومة دمشق لتحمل مسؤولياتها تجاه الانتهاكات المستمرة.
قصف بالطيران والمسيرات
ومنذ احتلال منبج من قبل تركيا مرتزقتها سقط العشرات من الضحايا المدنيين والجرحى نتيجة القصف التركي بالطائرات المسيّرة والمدفعية على منبج وريفها، وكذلك المناطق التابعة لمقاطعة الفرات، بالإضافة الى ارتكاب مجازر بحق المدنيين كان أشدها دموية يوم 8 كانون الأول 2024، حيث استهدفت طائرة مسيّرة تركية قرية “المستريحة” في ريف عين عيسى، مما أسفر عن مقتل 12 مدنياً، بينهم 6 أطفال، وإصابة آخرين بجروح متفاوتة.
كما استشهد الصحفيان “جيهان بلكي” و “ناظم دشتان” نتيجة هجوم شنته طائرة مسيرة تركية بالقرب من سد تشرين حيث وصف الهجوم بجريمة الحرب.
ولازالت الانتهاكات مستمرة في مدينة منبج ومحيط سد تشرين وجسر قرقوزاق، حيث تتعمد تركيا ومرتزقتها استهداف قوافل المدنيين المساندين لمقاومة قوات سوريا الديمقراطية، والتي أوقعت عدد من الشهداء والجرحى نتيجة لقصفها بالطيران المسير والقذائف المدفعية.