لكل السوريين

سلام حسين: “التطرف لا يرتبط بدين أو مذهب قومي، وداعش تبنى هذا الفكر، وتركيا مهدّت لنشره في سوريا بشكل سريع”

حاوره/ أحمد سلامة 

أوضح عضو المكتب السياسي في حزب التحالف الوطني الديمقراطي سلام حسين، بأن التطرف هو تعبير نسبي يستعمل لوصف أفكار أو أعمال غير منطقية تحت إيدلوجية مذهبية أو دينية أو غيرها، وهو التعصب لفكر معين أو حتى مذهب معين، وفي السنوات الأخيرة.

وخلال الأزمة السورية التي بدأت منذ 11 سنة، ظهرت الكثير من الحركات والتنظيمات الإرهابية المتطرفة وعلى رأسها داعش، من خلال فكر متطرف يقوم على نشر الهلع والذعر بين الناس بقصد إجبارهم لتبني فكر رجعي لا يمد للإسلام بصلة، وقد شاهدنا ما حدث في سجن غويران مؤخرا والأعمال الإرهابية التي نتجت عن هذه الأحداث من ذعر وخوف وحالات نزوح لتلك الأحياء، والفكر المتطرف ينشط ويكبر بالخلافات وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي.

وحول ها الموضوع أجرت صحيفتنا حوارا مع سلام حسين عضو المكتب السياسي في حزب التحالف الوطني الديمقراطي، وجاء نص الحوار كما يلي:

ـ فكر داعش فكر متطرف ورجعي ترك أثار سلبية اجتماعية وفكرية؟

عند الحديث عن الفكر المتطرف لا يجب أن نشمل داعش فقط، فكل فكر اقصائي يقوم على محاربة الأخر هو فكر متطرف، فالأمر ليس مرتبط بالجانب الديني فقط، بل مرتبط بجميع الجوانب سواء كانت قومية أو غيرها، فالفكر الذي يتقوقع به الانسان حول نفسه ويرفض الأخر انطلاقا من صحة اعتقاده أن ما لديه صحيح تماما وأن ما لدى الأخر خاطئ تماما، هو فكر يدمر المجتمعات بالكامل  مثل ما حصل مع سورية مع داعش، وقد تبنى داعش هذا الفكر فقد رفض المختلف ورفض التنوع ، ونستطيع أن نقول أن فكر داعش هو فكر رجعي ومتطرف ويدمر المجتمع.

ـ مخيم الهول يحتاج إلى معالجة دولية لماذا تحملت الإدارة الذاتية المسؤولية وحدها في ظل سكوت المجتمع الدولي؟

مخيم الهول جاء ضرورة إذ لابد من الإدارة الذاتية إنشاء هذا المخيم، لأن هناك الألاف من عوائل الدواعش الذين تم القبض عليهم، فهؤلاء لأيمكن تركهم في المجتمع لانهم يشكلون خطر على المجتمع بالكامل، لأنهم يرفضون الأخر ولأنهم يعتمدون على العنف في محاربة الأخرين، فكان لابد من إعادة تأهيلهم ولكن ليس بهذه الشكل لأن إعادة التأهيل لاتكن عبر المخيمات، بل يجب أن تكون هناك محاكم دولية للذين ارتكبوا جرائم وأن يأخذوا أحكامهم، والذين مضت عليهم فترات وغيروا من أفكارهم يتم إطلاق سراحهم بعد التأكد من حقيقتهم، المجتمع الدولي لا يتحمل مسؤولياته ويسكت عن هذا الأمر، ويتهرب من إيجاد حل لمخيم الهول ويترك الأمر للإدارة الذاتية ويجعلها في موقف حرج، لذلك يجب أن تقوم الدول التي ينتمي إليها هؤلاء الإرهابين باستعادة من أنظموا لتنظيم داعش المتطرف  فلابد من معالجة سريعة لموضوع مخيم الهول.

ـ تحرير الباغوز يعني الانتصار على الإرهاب عسكريا هل يعني ذلك القضاء على فكر داعش وخطره؟

بالتأكيد تمر علينا الذكرى الثالثة لتحرير الباغوز والقضاء على  داعش بشكل كامل عسكريا، ولكن بل تأكيد لأيمكن القول بأنه تم القضاء على الإرهاب وتم القضاء على فكر داعش بشكل كامل في المجتمع، الارهاب الفكري هو الإرهاب الذي يفرض نفسه عن طريق القوة وقتل الأخر المخالف لهذه الفكرة ومحاربته، لذلك يجب تحرير ذهنية المجتمع من هذه الأفكار الخطيرة، ليست هي فقط أفكار دينية بل كافة الأفكار التي ترفض الأخر سواء كانت قومية أو دينية أو أفكار أخرى، لذلك نحتاج إلى عمل دؤوب في كافة المؤسسات في الادارة الذاتية والمؤسسات السورية ووسائل الاعلام عبر منظمات المجتمع المدنية عبر الأحزاب على نشر الفكر الديمقراطي ونشر التسامح بين المجتمع، ومحاربة هذا الفكر بالطرق السلمية وليس بالطرق العسكرية وإلا لن نختلف عن الفكر المتطرف فهناك طرق سلمي لمحاربة هذا الفكر بنشر الفكر الديمقراطي بين أفراد المجتمع.

ـ ما هو المطلوب من الإدارة الذاتية ومكونات الشعوب في شمال شرق سوريا في المرحلة الحالية لمحاربة الفكر المتطرف؟

الفكر المتطرف ينشأ عن طريق تردي الوضع الاقتصادي الذي يجعل الشباب يندفع لهذا الفكر، لذلك يجب توفير بيئية أمنة من خلال توفير فرص عمل للشباب لإبعادهم عن شبكات الحركات المتطرفة، والقضاء على فكر الإرهاب لان هناك بعض الدول التي تدعم هكذا فكر، فيجب وضع حد لتدخل هذه الدول من خلال تحقيق اللحمة في الداخل وتأمين رخاء اقتصادي حتى يتم قطع الطريق أمام هذا الفكر المتطرف سواء كان لمذهب معين أو لدين أو لغير ذلك.

ـ في ظل محاولة النظام التركي إعادة تجنيد المرتزقة ما مدى تأثيره في زعزعة الاستقرار وتهيئة الظروف لإعادة الفكر الإرهابي؟

طبعا عندما نتحدث عن الدور التركي في نشر الارهاب في المنطقة، لا يخفى على أحد أنها فتحت حدودها في بداية الازمة السورية أمام الإرهابين من كافة أصقاع العالم، فقد كان هناك معسكرات لتدريب هؤلاء المرتزقة، تركيا قامت بزراعة هذه الخلايا الإرهابية في المنطقة، من خلال تدريبهم ونشر فكرهم عبر الفصائل المتواجدة حاليا في المناطق المحتلة من قبلها، وهي تحاول إعادة انتاج وتدوير فكر داعش المتطرف بطريقة أخرى وبشكل أخر، فهي تسعى لمحاربة الإدارة الذاتية لأن الإدارة الذاتية تسعى لمشروع ديمقراطي والوصول لحل سياسي في سورية، إضافة لتبني الفكر الديمقراطي والانتقال للحل الديمقراطي، وهذا المشروع يشكل خطرا على الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية مثل النظام التركي، لذلك يقومون بدعم تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى للقضاء على أي أمل في تحرر المنطقة من هذا الفكر المتطرف.

ـ تعمل أطراف خارجية على نشر الفكر المتطرف محاولة استغلال الجانب العاطفي والديني للمجتمع ما الهدف من ذلك؟

نعم هناك أطراف خارجية وأطراف اقليمية تعمل على عدم الوصول إلى حالة استقرار في المنطقة، وهم دائما يصنعون البلبلة والنزاعات في هذه المناطق مثل أفغانستان والعراق واليمن وسوريا وليبيا، من خلال نشر الفكر المتطرف وأصبحت هذه أداتهم في خلق الأزمات في هذه الدول، ليكون مبررا لدخولهم لهذه الدول بحجة محاربة الإرهاب ودعم طرف على حساب طرف أخر بحجج واهية، ويستغلون الجانب العاطفي للشعوب الإسلامية مستغلين قلة وعيهم في الجانب الديني، فكل ذلك يعطيهم ذريعة في التدخل في شؤون البلاد بحجة محاربة الإرهاب أو محاربة فكر معين، وفي حال تجاوز هذا الأمر ووصولنا لوعي وطني سوري وفهم ديننا بشكل صحيح فأننا سوف نغلق الباب أمام تدخل هذه الدول، وعدم قدرتهم التحكم بشبابنا وإغراءهم للدخول في مثل هذه الحجج والافكار التي يتبنونها.

ـ استطاعت شعوب شمال شرق سوريا أن تثبت للعالم من خلال مشاركتها بالفعاليات المجتمعية إلى أي مدى يكن لتلك اللحمة أن تثبت فاعلية تطبيق الأمة الديمقراطية؟

يمكننا أن ننظر إلى تجربة الإدارة الذاتية بجدية، فقد استطاعت الإدارة الذاتية أن تحد من نبرة الفكر المتطرف، فجميع الشعوب تتكاتف في المنطقة وتعيش بشكل منسجم المختلفون فكريا سواء بالانتماءات السياسية أو المختلفون دينيا كلهم يعيشون في رقعة جغرافية واحدة، يعيشون حياتهم ويلتقون في المناسبات ويتشاركون أفراحهم واحزانهم، فتم خلق حالة وطنية جيدة ولحمة قوية التي لا يمكن العمل على تقسيمها، هذه الحالة نتجت بسب التأثير الكبير لفكر الأمة الديمقراطية التي كانت حالة جامعة للتأكيد على أن الاختلافات تشكل القوة لأي مجتمع، وأن أي مجتمع يتشكل من هذه الاختلافات هي التي تصنع الهوية الأساسية للمجتمع، وهذه التجربة يجب أن تعمم على كافة المناطق السورية، من خلال التأكيد على روح التسامح والقدرة على العيش ضمن بقعة جغرافية واحدة بدون محاربة الأخر أو تدميره.

ـ كيف يمكن أن تلخص الفكر المتطرف من وجهة نظرك؟

هناك أمرين للتخلص من الفكر المتطرف والإقصائي، الأمر الأول هو تحسين الوضع الاقتصادي بالمنطقة، لكي لا يصبح الشباب عاطلين عن العمل ويصبحون هدف للتنظيمات الارهابية المتطرفة، والأمر الأخر مرتبط بالحل السياسي مادام هناك خلل في الوضع السياسي سيجعل الساجة مفتوحة أمام التنظيمات الارهابية لكي تنشط وتستغل هذا الواقع الغير مستقر، يجب العمل على تأمين الاستقرار السياسي ودعم أي حل سياسي في المنطقة، فالوصول إلى حل سياسي يمكن تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على هذه الخلايا الارهابية، أيضا محاربة التنظيمات التي تنشر الفكر المتطرف الإقصائي لذلك يجب العمل بشكل جاد على تحسين الوضع الاقتصادي وإيجاد حل سياسي شامل للمنطقة.