لكل السوريين

المرأة.. أيقونة كل الأوقات

بقلم/ فاطمة محمد 

عادةً، يتمُّ اعتبار الحروب فعلًا من أفعال الرجال، ولا يُسمح للنساء بدخول ميدان المعركة، ولكن على الجانب الآخر تتواجد المرأة في المعركة بأشكال متعددة بعيدًا عن الصواريخ والقنابل.

في سياق موازٍ، وككل الحروب التي يشهدها العالم، تكون المرأة أكثر من تقع عليها المعاناة والكفاح، فبالإضافة إلى ما تعانيه من الصواريخ والمدافع، هناك معاناة أخرى تتعرض لها، وبالتزامن مع احتفال العالم باليوم العالمي للمرأة كيف تعيش المرأة في ظل تلك الحروب، مؤخرًا، وفى ظل الصراع القائم بين روسيا وأوكرانيا، تم تدوين فصل جديد من فصول معاناة المرأة، فمع بداية إطلاق الصواريخ فرت مجموعة من النساء والأطفال سيرًا على الأقدام إلى البلاد المجاورة، وهو المشهد الذى رصدته الكاميرات، حيث ظهرت أمهات يحاولن تهدئة أطفالهن، وفتيان وفتيات يساعدون كبار السن الذين بالكاد يستطيعون الممشى.

التقارير الواردة من منظمات مثل الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، تظهر أن النساء والفتيات يعانين بشكل غير متناسب، حيث تنهار الشبكات الاجتماعية، ما يجعلهن أكثر عرضة للعنف والاستغلال، علاوة على ذلك، يتم استبعاد النساء من جهود منع النزاعات وحفظ السلام.

وفى تقرير جديد لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية، تم التطرق إلى ظهور العصابات الإجرامية التي بدأت بالفعل نشاطها في استغلال النساء، وقال التقرير إن هذه العصابات تستفيد من موجة اللاجئين الفارين من أوكرانيا التي مزقتها الحرب وتستهدفهم للعمل بالجنس.

وحذرت المنظمات العالمية من أن ينتهي المطاف ببعض الهاربات إلى العمل في مجال الجنس، أو المشاركة في نشاط إجرامي، أو العبودية المنزلية، أو العمل القسري، ومن المحتمل أن ينتهي المطاف بالعديد منهن في المملكة المتحدة، إذ كانت هناك بالفعل تقارير عن نساء وعائلات قبلوا عروض النقل المجاني مرة واحدة عبر الحدود من بلادهم للبلدان المجاورة فقط حتى يصبحوا في أيدي العصابات الإجرامية التي تطالبهم بالدفع.

وفى تقرير آخر، تم تسليط الضوء على قصة الأوكرانية، أولينا تسيبنكو، إخصائية اجتماعية، 31 عامًا، والتي اضطرت في الشهر التاسع من الحمل لعبور الحدود إلى بولندا دون أدنى فكرة عن مكان ولادة طفلها، ومع ذلك، ابتسمت وهي تتحدث عن الطفلة، قائلة: «نطلق عليها اسم فيرا، وهو ما يعنى الأمل».

وطبقًا لتقرير نشرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تم تسليط الضوء على معاناة المرأة في الحرب، وخاصة في العراق، إذ قالت ماري فيرنتز، نائب مدير العمليات في اللجنة الدولية للصليب الأحمر: «أعتقد أنه في كثير من حالات النزاعات تضطر النساء إلى أن يأخذن مسؤولية الأسرة أو مسؤولية الاعتناء بالمناطق الزراعية، وقد تضطر النساء لأن يعملن بظروف صعبة بالإضافة إلى رعاية الأطفال».

وأضافت: «النساء هن رائدات التغيير، حيث يمثلن مصدرًا رئيسيًّا للاستقرار في المناطق المتأثرة بالنزاعات، وأنهن لا يجمعن فقط عائلاتهن بل هن قادرات أيضًا على تجميع مجتمعاتهن، وآمل أن نكون جميعًا، بمن في ذلك العاملون في المجال الإنساني، قادرين على النظر إلى النساء ككيانات متكاملة وليس كضحايا فقط».

كانت سوزان ميخائيل، المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، أوضحت خلال كلمتها أثناء جلسة المسؤولية الدولية في إعادة إعمار مناطق ما بعد الصراعات ضمن فعاليات منتدى شباب العالم، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، يناير الماضي، أن الصراعات والحروب تؤثر على المرأة بالتحديد بطرق عدة، مشيرة إلى أنه منذ 50 عامًا كانت الحروب تدار بشكل مختلف، حيث كانت عبارة عن معارك في مناطق مأهولة بالسكان.

وتابعت: «النساء في الحروب هن الأكثر تأثرًا، وهناك أدلة على ذلك من كافة أنحاء العالم، سواء في سوريا، أو في العراق، أو فى ليبيا»، لافتة إلى أن ذلك ينعكس على العنف الذي يرتكز على نوع الجنس نتيجة هذه الحروب، مشيرة إلى أن الأطفال يتأثرون بشكل خاص حين يتعلق الأمر بتعذيب وتجنيد الأطفال في الجماعات الإرهابية والمتطرفة؛ لذا نجد أنه لا توجد حماية للأطفال والمرأة كما كان يحدث في الماضي.

بدورها أشارت القائمة بأعمال الإنابة للمراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، فداء عبد الهادي ناصر، إلى أن النساء الفلسطينيات طورن مهارات التأقلم المنقذة للحياة، وتعلمن رعاية وتغذية أسرهن في أحلك الظروف، وبحسب دائرة الإحصاء الفلسطينية، فإن أكثر من عُشر المنازل في فلسطين تعيلها نساء فقط.

ولفتت إلى أن النساء الفلسطينيات تعلمن تقديم الدعم النفسي والعاطفي لأطفالهن الذين يعانون من العنف بسبب السلطة القائمة بالاحتلال والاعتقالات والترهيب بسبب المستوطنين المتطرفين، ليس هذا فقط، بل للمرأة الفلسطينية سجل حافل في أعمال المقاومة العسكرية ضد العدو، وقد نفذت عددًا من العمليات العسكرية البطولية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومن ضمن تلك المشاهد توفير الطعام للثوار، بجانب استخدام المرأة الفلسطينية للتعليم المنزلي، من أجل استكمال تعليم الأطفال الصغار، وجعل العلم سلاحًا في وجه الاحتلال بجانب تقديمها للمساعدات الصحية.

وفى تقرير تم رصده من قبل مكتب منظمة الصحة العالمية فى ليبيا، تمت الإشارة إلى أن أكثر من 200 ألف سيدة نازحة في سن الإنجاب بحاجة إلى مساعدة إنسانية، وقدّر مكتب الأمين العام للأمم المتحدة عدد النازحين بسبب حرب العاصمة طرابلس، بأكثر من 140 ألف شخص، ولوحظ أن كثيرًا من الذين رحلوا عن ديارهم هربًا من شدة الاشتباكات نساء وأطفال صغار، بعد مقتل عائلهم، أو اشتباكات مسلحة سابقة كانت الميليشيات ضالعة فيها.

وفى سوريا، تجسدت المعاناة في شكل آخر، إذ أصبحت النساء مضطرات لإنهاء الزواج بسبب غياب الرجال لفترات طويلة في أماكن غير محددة، على الرغم من أنه لا يوجد رقم دقيق لأعداد المفقودين أو الذين فروا واختفوا، إلا أن تقريرا نشر في 2020 للأمم المتحدة، وعدد من المنظمات الحقوقية، يقول إن هناك ما بين 20 و100 ألف مختف ومفقود، معظمهم من الرجال، وعقب تلك الأرقام بدأت المنظمات الحقوقية تحاول مساعدة الكثير من السيدات في إنهاء زواجهن فضلًا من بقائهن لمصير مجهول.

ووفقًا لتقرير قناة العربية بث العام الماضي، نقلًا عن المرصد السوري لحقوق الإنسان، تمت الإشارة إلى تعرض النساء النازحات إلى ابتزاز جنسي ضمن مختلف المناطق السورية من قبل أصحاب السلطة والعاملين في الجمعيات الخيرية المحلية، وبنسبة أقل في المنظمات الإغاثية المدعومة، مقابل خدمة ما، أو الحصول على مواد غذائية إضافية أو خدمات إضافية بطريقة غير مشروعة.

وكالة أخبار المرأة