لكل السوريين

صالح مسلم عن “التسويات: “النظام يريد تفتيت التلاحم وبذر الفتنة بين مكونات الإدارة:

أكد عضو هيئة الرئاسة المشتركة في حزب الاتحاد الديموقراطي، صالح مسلم، أن المصالحات التي تجريها حكومة دمشق والمخابرات السورية ما هي إلا محاولة للالتفاف على مطالب الشعب السوري المطالب بالحرية والديمقراطية، لافتا إلى أن أهالي المنطقة هم من يغيروا مصيرهم ولن يكونوا كباقي المناطق الأخرى التي وقعت في حبائل المصالحات أمثال درعا وباقي مناطق الجنوب السوري وبعض المناطق السورية الأخرى.

وبدأت حكومة دمشق المركزية قبل أيام بإجراء ما أسمتها بـ “التسويات لتصحيح من أخطأ عن الصواب وحمل السلاح بوجه الدولة السورية”، وشملت أهالي محافظتي دير الزور والرقة.

ورغم الزخم الإعلامي الذي أطلقه الإعلام الموالي للحكومة السورية إلا أن الموضوع لم يلقى اهتمام كبير من قبل الأهالي، حيث قوبل برفض واسع خرج على إثره الأهالي في مظاهرات رافضة لما أسموها “محاولة يائسة لخلق فتن جديدة”.

ولا يثق الكثير من السوريين بالتسويات التي تجريها حكومة دمشق المركزية، حيث أن التجربة التي كانت تجري بإشراف روسي في محافظات الجنوب السوري لاقى مصيرها الفشل، وتعرض الذين أجروا تسويات بمعظمهم للاغتيال على أيادي ضباط سوريين، ما جعل الأهالي ينظرون للموضوع على أنه أشبه بخديعة تحاك للإيقاع بهم، وثنيهم عن ما كانوا يسعون إليه.

وللحديث عن “التسويات” التي تقام على مقربة من المناطق التي حررتها قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرقي سوريا، وعن الدور الروسي والإيراني، والهدف الحقيقي من كل هذه المحاولات وتوقيتها؛ أجرت صحيفتنا لقاء مع عضو الهيئة الرئاسية في حزب الاتحاد الديمقراطي، الأستاذ صالح مسلم.

وجاء نص الحوار كما يلي:

ـ لماذا أقدمت الحكومة السورية على إجراء ما أسمتها بـ “المصالحات والتسويات” بهذا التوقيت، وما الهدف منها؟

من سمات الأنظمة المستبدة عدم قبولها بالشعب المنظم وعملها على تفتيت المجتمع مهما كان التنظيم سياسياً أو اجتماعياً، ولا يسمح سوى بأشكال التنظيم التي يتحكم بها ويوجهها حسبما يريد النظام، أي خلق مجتمع القطيع. فمن البديهي عندما يكون المجتمع مشتتاً يسهل التحكم بالأفراد والمجموعات التابعة للفرد مثل العشائر ومشيخات الطرق الدينية.

ولهذا يلجأ النظام إلى إغراء الأشخاص من البارزين في المجتمع بإغرائهم بالمال أو الجاه أو النفوذ لإبعادهم عن التيارات التي لا تخضع للنظام وخاصة من شيوخ العشائر ووجهاء المجتمع.

بالنسبة للمصالحة فهي تعني أن يغفر لك النظام لذنوب ارتكبتها بحقه أو خرجت عن طاعته، وهو سيسامحك إذا وعدت بأن لا تعود إلى القيام بما فعلته مرة أخرى أي التوبة!!! أي تجديد الولاء والطاعة.

وفي الحالة السورية أن لا تطالب بحقوقك الديموقراطية ولا الحرية وأن تعود لتكون رقماً ضمن القطيع الذي يريده النظام.

أما بالنسبة للتوقيت فهو مهم أيضاً بالنسبة لشمال وشرق سوريا، فالإدارة الذاتية أثبتت أنها موجودة وحققت اللحمة المجتمعية إلى درجة كبيرة بين المكونات التي ارتضت بالعيش المشترك وأصبح لها ثقل سياسي في معادلة الحل السوري، وهي قادرة على الدفاع عن مكوناتها، والنظام حاول تفتيت هذا التلاحم بوسائل كثيرة ولم يفلح.

في هذه المرحلة تضغط القوى المعنية بالحل السوري على النظام لقبول الحل السياسي والتعامل مع ممثلي شمال وشرق سوريا، والنظام يرفض كل ذلك.

وأيضا يريد تفكيك هذا التماسك والالتحام وبذر بذور الفتنة والشقاق بين مكونات الإدارة الذاتية، وأسهل وسيلة هي إغراء بعض الشخصيات ليقتدي بها آخرون.

بينما يرى الشعب أولئك الذين وقعوا في حبائل المصالحات في درعا والأماكن الأخرى، حيث وجدوا النظام لم يتغير رغم عشرة أعوام من الحرب والكوارث، والمحسوبيات والفساد والقمع والاستبداد هو مثلما كان قبل أحد عشر عاماً.

لهذا فإن المصالحات ليست تهرباً من الواقع السوري فقط، وإنما التفاف على مطالب الشعب السوري بالحرية والديموقراطية وإعادة المواطن السوري إلى حظيرة البعث، وبث الكره والحقد بين مكونات الشعب السوري مرة أخرى ليتمكن من التحكم به.

ـ هل المصالحات خطوة أولية يلعب عليها النظام السوري للالتفاف على المعضلة السورية؟

في الحقيقة المصالحات التي يسعى إليها النظام في شمال وشرق سوريا قد تمت تجربتها في مناطق أخرى من قبل، في حمص ودرعا والسويداء ومناطق أخرى.

ولكن كل الذين تم خدعهم بالمصالحات نادمون أو مستسلمون للبعث تماماً، لأن كثيراً منهم اعتقلوا لمشاركتهم في ثورة الشعب السوري، وتعرضوا للتحقيق والتعذيب في أقبية المخابرات وجرى تجنيد الشباب منهم للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية وتم سوقهم لجبهات القتال.

ـ لماذا لم تجر المصالحات حين سيطرة داعش؟

أما المصالحات في مرحلة سيطرة داعش فكان من المفروض أن يقوم النظام بحماية المواطنين من بطش وظلم داعش وكان النظام يحتاج إلى أفراد يحاربون في جبهته ضد الفصائل الأخرى التي كانت تحاصر مناطق النظام وتضيق الخناق عليه.

النظام يعلم علم اليقين بأن المواطن كان يتطلع إلى الخلاص من النظام ومن تلك الفصائل الجهادية معاً، أما الآن فيظن أنه قد انتصر وهو قادر على كتم أنفاس الشعب السوري مرة أخرى، ولهذا يحاول إغراءهم أو تهديدهم لفرض الاستسلام عليهم.

المصالحات الجارية تساهم فيها ثلاثة أطراف، النظام السوري يريد أن يعود السوريون إلى حظيرته، والنظام الإيراني يمارس التشيع لقبول العيش مع العناصر الشيعية التي جلبها من الخارج أي غير السوريين، وروسيا التي ترى مصلحتها في إضعاف الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديموقراطية التي تحمي الإدارة الذاتية، لأن هذه الإدارة وقواتها تقف حجر عثرة في طريق تحقيق أطماعها.

ولهذا يمكن القول أن المصالحات تساعد مخططات التغيير الديموغرافي.

ـ هل النظام يرفض أي مفاوضات مع الإدارة؟

نعم النظام إلى الآن يرفض الحوار والتفاوض مع الإدارة الذاتية الديموقراطية لأنه لا يملك أي مشروع لمنح الشعب السوري أية حقوق ديموقراطية ولا حتى رمقاً من الحرية، ولا زال يعتقد أنه يستطيع فرض الرضوخ على الشعب السوري بالقوة العسكرية والقمع كما كان يفعل سابقاً.

رغم أن الإدارة الذاتية طالبت ولا زالت تطالب بالحوار ولكن النظام يرفض أي شكل من الحوار البناء لإخراج سوريا من أزمتها والتوصل إلى حل سياسي شامل.

ـ ما هو موقف الإدارة من المصالحات، وهل هي مؤثرة في مناطقنا؟

موقف الإدارة من المصالحات ظهر جلياً من البيانات التي أدلت بها الإدارة ومؤسساتها. وهو الرفض التام ودعوة أبناء الشعب السوري إلى اليقظة من الخداع الذي يمارسه النظام، فالمصالحات لعبة خطيرة لزرع المتواطئين مع النظام ضمن الإدارة الذاتية، وخاصة أن الخديعة قد انكشفت في درعا والمناطق السورية الأخرى.

وإذا نظرنا إلى ردود الفعل الشعبية التي ظهرت في المناطق التي استطاع النظام الوصول إليها من خلال العملاء، نرى أن الشعب يرفض مبدأ المصالحات ويسميها بالاستسلام، أي أنه بات يدرك أبعاد الخديعة واللعبة التي يمارسها النظام، وعندما تنكشف اللعبة يبطل مفعولها.