لكل السوريين

“أم الزنار” أقدم كنيسة بُنيت في حمص

حمص/ بسام الحمد

في مدينة حمص السورية أول كنيسة بنيت على وجه الأرض ، وهي كنيسة أم الزنار التي يعود تشييدها إلى عام / 59/ م ، وكانت عبارة عن قبو تحت الأرض تتم العبادة فيه سراً خشية من الحكم الوثني الروماني ، ثم جرى توسيع بنائها في العهد المسيحي .

وتلقب حمص بـ “أمّ الحجارة السود”، وتقع فيها إحدى أقدم كنائس العالم؛ وهي كنيسة أمّ الزنار الأثريّة التي ترقى للقرن الأول، وتحتفظ بزنار ثوب السيدة العذراء المقدس منذ آلاف السنين.

أم الزنار في القرن الأوّل للميلاد (59)، بعد وفاة السيدة العذراء، بحوالي ثلاث سنوات، واسمها الرسمي كاتدرائية السيدة العذراء أم الزنار، وتقع في حمص في منطقة الحميديّة.

وكانت الكنيسة في أواسط القرن العشرين مقر بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، وغدت بعد انتقال الكرسي البطريركي إلى دمشق العاصمة مقر أبرشية حمص وحماه للسريان الأرثوذكس.

تشتهر الكنيسة بنمطها المعماري الفريد، وقد استخدم الحجر البازلتي الأسود في البناء، فضلاً عن القناطر الحجرية.

وكانت الكنيسة القديمة عبارة عن كهف صغير من “الكذان” يتسع لحوالي ثلاثين مصلياً، لا توجد فيها أية علامات دينية من صليب أو أيقونة تشير إلى أنها كنيسة، وذلك بسبب الخوف من الاضطهادات التي كانت تعيشها المسيحية في القرون الأولى من انتشارها، وعلى أثر انتشار المسيحية بُنيت إلى جانب هذه الكنيسة كنيسة أخرى من الحجر الأسود ، مارس فيها المصلون شعائرهم الدينية فترة طويلة من الزمن ، ثم ردموها وبنوا الكنيسة الحالية الضخمة التي تتسع لخمسمائة مصلٍ و تتميز بجمال أقواسها ، وفن بنائها الحجري القديم ، وقناطرها الرائعة ، وقد اهتم السريان بتجديدها عام /1852/ حيث نقلوا الزنار المقدس من الكنيسة القديمة الأولى إليها ، ووضعوه في مذبح الكنيسة وسط الهيكل ، ونقشوا رقيما ًحجرياً كتب بـ (الكرشوني) يدل على تاريخ تجديد البيعة عام /1852/ في عهد( يوليوس بطرس) مطران الأبرشية .

تضم هذه الكنيسة اليوم مجموعة ثمينة من الأيقونات والآثار الفنية لعل من أهمها :

(زنار السيدة العذراء) الذي اُكُتشف في أواسط شهر نيسان من عام / 1953/ م في جرنٍ حجري تحت مذبح الكنيسة .

بناء على المعلومات قام القيمون على الكنيسة بالكشف عن المائدة المقدسة صباح اليوم العشرين من شهر تموز/ 1953/ فوجدوا رقُيماً حجرياً طوله/46/سم وعرضه/44/ سم مكتوباً عليه بـ (الكرشوني) بخط حسن ما يلي :

“إنه في سنة/59/ م بُنيت هذه الكنيسة ، وذلك في زمان البشير ملا المدعو أيضا ” إيليا ” ثم ذُكر تاريخ تجديد الكنيسة سنة /1853/ م في عهد المطران (يوليوس بطرس) ، و أورد الرُقيم أسماء البلدان والقرى التي تبرع أهلها بنفقات العمارة وعُثر خلال ذلك على جرنٍ حجري مغطى بصفحة نحاسية سميكة مدورة قديمة ، وداخله الوعاء ، وعند فتح الوعاء تكسّر لعتقه ، فظهر الزنار ملفوفاً بعضه فوق بعض وإمارات القدم بادية عليه ، ووُجدت أنبوبة من معدن رقيق في طرف الوعاء الأعلى تنطوي على عظم مجوف يظهر أن في داخله قطعة ورق تُركت على حالتها وجُمعت أجزاء الوعاء لحفظها ، ويبلغ طول هذا الزنار المقدس /74/ سم وعرضه /5/ سم وسمكه /2/ مم ، وهو مصنوع من خيوط الحرير الخالص ومطرز بخيوط الذهب على سطحه الخارجي ، ولونه الذي يميل إلى البيج الفاتح .

في العام 2014، عادت بعدها الكنيسة ومنطقتها آمنة من الأحداث الحربية.

الجدير بالذكر أن كنيسة أم الزنار الحالية مقامة على ستة عشر عامودا ضخما منها ثمانية أعمدة وسط الكنيسة والباقي ضمن جدرانها وفي وسطها قبة نصف اسطوانية مزخرفة كما تزين جدرانها الحجرية ايقونات قديمة وحديثة للسيدة مريم العذراء.

وأهم مرجع تاريخي تحدث عن تاريخ الكنيسة فهو منشور بعنوان “اللؤلؤ المنثور” للبطريرك إفرام برصوم.