لكل السوريين

من عامودا إلى العالمية.. الفنان السوري إبراهيم كيفو يحلم أن يعزف بأزقة دمشق

الحسكة/ مجد محمد

القرية التي ولد فيها كانت الداعم الأكبر والمحفز لتكون بوابة العبور إلى العالمية، لا ينسى فضلها ويذكر جميلها حتى اليوم، يعاهد نفسه أن يعود إليها يوماً يحتفي على مسرحها ويغني ويعزف فوق ترابها الغالي.

الفنان “إبراهيم كيفو” الذي تقلد العالمية بعد جهد ومثابرة، وفي زيارة لصحيفتنا إلى منزل أخيه بالحسكة وحديثنا في الفنان عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمقيم حالياً في المانيا، ذكر لنا في بداية حديثه يخبرنا إنه “يحن لقريته، ويذكر حجم فضلها عليه، فيقول: بدأت وتطورت علاقتي مع الفن من خلال قريتي (دوكر) التابعة لناحية (عامودا) في محافظة الحسكة فالقرية يسكنها أكراد إيزيدية، لذلك الموسيقا مقدسة عندهم، شجعوني الكبار والنساء والشباب والصغار”.

وأضاف، “قديماً وفي أماكن أخرى كان التوجه للموسيقا يشعرك بخجل وتردد، أما بقريتي هناك تشجيع وتحفيز، كان قدري رائعاً، في عمر ١٠ سنوات عندما تأثرت وتابعت الحفلات، وتأثر كبير بالفنان الكبير الراحل (سعيد كاباري) وأغلب فناني المنطقة الشعبيين، شغف هائل ومراقبة حركاتهم بالعزف، وتجوال معهم هنا وهناك لمتابعة الحفلات وأنا طفل”.

ويتاعب “عندما حظيت بالدعم والتشجيع، انتقلت لمرحلة أخرى، بدأت اصنع آلات موسيقية من ادوات بسيطة جداً لتوالف البيئة، طورتها أكثر من مرة، لكنها جدون مستوى الطموح، فهي توالف البيئة، وعمري لا يساعدني لصنع آلة موسيقية مناسبة، حتى تلك الآلة التي جلبها لي شقيقي الأكبر، لم تكن مناسبة لأنطلق بها”.

ويكمل، “فيما بعد تمكن والدهي من شراء آلة موسيقية من قرية مجاورة بمبلغ كبير حينها تحديداً عام ١٩٧٦، كل التفاصيل التي مرت لم تكن أكثر من عامين، عندما كسبت الآلة المناسبة باشرت بالعزف والغناء لأهل القرية والمقربين، وأكملت دراستي في الصف السابع بمدينة الحسكة”.

وعن وصوله الحسكة قال: مع وصولي “للحسكة” لإكمال الدراسة، قدمني السيد “جميل برو” للمشاركة في إنجاز حفلة فنية في نادي رياضي، ثم جاء دور السيد “عصام المانع” أخذني للمشاركة بمهرجان فني مركزي في المركز الثقافي عام ١٩٧٩ كان أول لقاء مع الجمهور وأنا صف سابع، كانت انطلاقة جيدة، حفزني للمضي قدماً الجمهور الذي وجدني لأول مرة، بعدها تابعت بالمهرجانات المحلية في مختلف مناطق المحافظة، وشاركت على مستوى القطر في “دمشق وحمص واللاذقية” ومحافظات أخرى ضمن مهرجانات مركزية، حتّى وصولي بالدراسة للمعهد الموسيقي بحلب.

وأشار إلى أنه، “أشرف على دراسته نخبة من الأساتذة الكبار في المعهد الموسيقي، منهم وأهمهم وهو من ساعده بالتطور والمضي نحو مراحل أكثر تقدماً الموسيقيّ الكبير “نوري اسكندر” حيث شارك معه بمهرجانات مختلفة، أهمها مهرجانات الأغنية السورية باحترافية كبيرة، خلالها حصل على أهم جائزتين للأغنية السورية أيام الفنان الكبير “دريد لحام” مدير المهرجان في قلعة “حلب” حسب كلامه.

ويستطرد كيفو: “تعد من المهرجانات العظيمة على مستوى القطر، ضيوفها من الوطن العربي والعالم، حصلت بالدورة الرابعة للأغنية السورية على جائزة “أورنينا” لأفضل أداء غنائي تراثي بأغاني جزراوية، بفقرة بانوراما الأغنية السورية، بعدها في الدورة الخامسة جائزة “أورنينا الذهبية” لأفضل أداء ولحن وكلمات عن أغنية “مسا الخير” حتى الآن تعرض على القناة السورية، طبعا عملتها بلهجة يفهمها كل أبناء الوطن، اشتهرت الأغنية كثيراً، وانتشرت على نطاق واسع، من ذلك الوقت وتم منحي اللقب الأجمل والأغلى من جمهوري بأني سفير الأغنية الجرزراوية”.

بعد أن شارك عمراً طويلاً في مختلف المهرجانات الغنائية والفنية في القطر، أبرزها مهرجانات الأغنية السورية، انطلق للمسارح العربية والعالمية، يحدثنا عنها: «بدءاً من عام ٢٠٠٢ شاركت مع الموسيقي “نوري” وفنانين آخرين من المعهد وهم: “نعمة عمران، باسم الخوري، لؤي حناوي، ديما أورشو”، تجولنا العالم مع فرقة فنية لمسرح “هولندا”، بأكثر من ٣٠ عرضاً موسيقياً في مختلف الدول منها: “أثينا، امستردام، كولن، بلجيكا” على مسارحها العالمية، بعدها شاركت على الصعيد الشخصي، بتلقي الدعوات من المسارح الأوربية والعالمية، في تلك الدول يقدموني ممثل الأغنية الجزراوية، وفي فرنسا عندما قدموني في بيت الثقافات العالمية عرضوا لي قرص CD يعدونه من أهم الأعمال الثقافية الموجودة على مستوى القطر، فيها خمس لغات محكية بلغات الجزيرة “العربي، الأرمني، السرياني، والأشوري، والكردي” والتراتيل الدينية، ولأني الوحيد من يقدم تراتيل اليزيدية”.

ويعزف الفنان العالمي “إبراهيم كيفو” على مختلف الآلات الموسيقية كالبزق والطنبور والعود والجمبش والبغلمة، والكمنجة الفلكلورية، ويؤكد بأن البداية الناجحة والتحفيز يؤدي لنتائج طيبة، هو لا ينسى جائزة أحسن عازف بزق في الثمانينيات أثناء مشاركته في مهرجان على مستوى القطر بمدينة “حمص” وهو طالب.

وكذلك يشير إلى مشاركته بمهرجانات عالمية في “دمشق” في دار “الأوبرا” عازفاً ومغنياً ومحاضراً، ومشاركة مهمة عندما اختيرت “دمشق عاصمة للثقافة العربية”، بمهرجان كبير في كلية الفنون الجميلة.

وله مشاركات أخرى عديدة وكثيرة في دول عربية وأجنبية، يقول عنها: “وقفت على مسارح عربية عديدة منها، مسرح بيت الدين في لبنان، وهي من أهم مهرجانات تلك الدولة، وفي الكويت والإمارات وإقليم كردستان العراق، والأردن مع فرقة سويسرية، ومشاركات ومهرجانات على مستوى العالم مثل كازاخستان، اسبانيا، فرنسا، السويد، المانيا، على أهم المسارح العالمية”.

وله أيضاً خلال مسيرته جوائز وشهادات كثيرة أبرزها: تكريم وتقدير من اتحاد كتاب العرب فرع “الحسكة”، من نقابة المعلمين بالحسكة أيضاً، من مؤسسات مجتمعية عديدة، من مؤسسات إيزيدية في العالم، جائزة الشاعر الكردي الكبير “جكر خوين”، غيرها الكثير.

وختاماً ذكر لنا إن أمله وشغفه وحلمه أن يعزف ويغني في أي بقعة وزقاق في دمشق، والأمل بأن ينطلق منها إلى قريته الريفية البسيطة ويغمي لأهله وناسه هناك، سيحقق حلمه ولن يطول هذا الحلم حسب كلامه، فالجمهور الكبير الذي يملكه هو رأسماله وأكبر رصيد له، وهو على تواصل يومي معهم بكل أشكال وطرق التواصل الاجتماعي وقنوات وإذاعات العالم المهتمة بمجال الفن حسب ما أضافه.