لكل السوريين

“لا يعرفون سوى التعنيف، أبي زوّجني بصديقه”.. جانب من معاناة ضحايا زواج القاصر في إدلب

“كانت حياتي معه أشبه بالجحيم، لا يعرف سوى التعنيف والضرب، وكلما هربت منه لأعود إلى منزل أهلي، كان أبي يضربني أيضاً للعودة إلى منزل زوجي ويردد أنه لا يجب أن أخرج منه سوى إلى قبري.”

بهذه الكلمات، افتتحت أماني، وهو اسم مستعار لنازحة من إحدى بلدات ريف إدلب الشمالي، وتسكن مع عائلتها في منزل غير مجهز، أجبرت على الزواج وهي في الـ 17 من عمرها بصديق أبوها الذي يكبرها بـ 17 عاما.

وأشارت “اليوسف” إلى أنها أفصحت لأمها عن نيتها بالانتحار لأن حياتها “لم تعد تطاق”، فبادرت الأم بإقناع والدها أن طلاق البنت أفضل من موتها، فكان لها الطلاق، لكنها كانت بالشهر الخامس من حملها الأول.

تقول: “معاناتي لم تنته بعد، فحين أتممت أشهر الحمل وولدت صغيري لم يسمح لي والدي حتى برؤيته، حيث حمله إلى زوجي وحرمت من رؤيته.”

وتُجبر فتيات في إدلب وريفها على الزواج المبكر نتيجة عادات وتقاليد، إضافة إلى أعباء اقتصادية تدفع عائلاتهن لتزويجهن حيث سيتكفل الزوج بها.”

وفي آذار/ مارس 2019، قال القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي، في تصريح لجريدة “الوطن” شبه الرسمية، إن نسبة زواج القاصرات خلال سنوات الأزمة ارتفعت إلى 13بالمئة، بعد أن كانت لا تتجاوز ثلاثة بالمئة، وأغلبها وفق عقود عرفية.

وقبل أيام، فارقت ميساء، وهو اسم مستعار لطفلة تبلغ من العمر13عاماً، الحياة بعد ما يقارب 24 ساعة من ولادتها “المعسرة”.

وقبل نحو عام، أقدمت العائلة على تزويج ابنتها الصغيرة، لتصبح إحدى ضحايا الزواج المبكر في إدلب، شمال غربي سوريا، والذي ينتشر على نطاق واسع.

وقالت والدة ميساء، وهي نازحة من مدينة سراقب وتقيم في إدلب المدينة، إن طفلتها عانت بعد زواجها من ضغوطات نفسية بعد تحمل أعباء الحياة الزوجية، “لكن أحوالها الصحية ساءت بشكل كبير بعد الحمل، فأصيبت بفقدان الشهية ونحول شديد وبعد ولادة مبكرة ومعسرة فارقت الحياة.”

وأضافت: “كنت أجهل نتائج هذا الزواج، لكن الندم لا ينفع الآن.”

وقبل عامين، تزوجت عامرة الطه، وهو اسم مستعار لطفلة تبلغ (16عاماً) وهي نازحة من ريف معرة النعمان إلى مخيم على أطراف مدينة أطمة.

وبعد زواجها، أدى الحمل لثلاث حالات إجهاض متتالية، وتخضع حاليا للعلاج لدى طبيبة نسائية نصحتها بتأخير الحمل إلى ما بعد سن الثامنة عشرة.

وقالت رهف العبود، وهي طبيبة نسائية في مدينة سرمدا شمال إدلب، إنه الفتاة القاصر حتى لو أخذت شكل الأنثى الكاملة، “إلا أن نموها العضوي لا يكون مكتملاً بعد، لذلك لا يمكنها أن تتحمل آثار الحمل والولادة.”

وأشارت الطبيبة إلى أن زواج القاصر يعرضها لمخاطر ومضاعفات خطيرة منها عسر الولادة أو النزف الذي قد يؤدي إلى الوفاة، إلى جانب اضطرابات الحمل والسكري والإجهاض.

وتجد ناديا السماحي (15عاماً)، وهي من سكان بلدة حزانو بريف إدلب الشمالي، صعوبة في العناية بطفلها الأول الذي رزقت به منذ ستة أشهر.

وقالت إنها تلجأ لوالدتها أو والدة زوجها “لمساعدتي في العناية بصغيري، لأنني أعجز في معظم الأوقات عن معرفة سبب بكائه الدائم.”

وأشارت إلى أن ولدها كاد يفقد حياته منذ أيام، “أثناء الرضاعة بدأ بالسعال والاختناق، أخذه زوجي لإسعافه إلى جارنا الممرض الذي قام بإسعافات أولية له.”