لكل السوريين

المطبخ الحلبي… نكهة فريدة تصنعها أيادي نساء حلب وتنقلها إلى العالم

لا يمكن الحديث عن مدينة حلب دون التوقف أمام مطبخها العريق، الذي لا يُعد مجرد وسيلة للطهي بل يمثل انعكاساً حقيقياً لتاريخ المدينة وعمقها الحضاري وتنوعها الثقافي. فالمطبخ الحلبي، الذي يحظى بشهرة واسعة عربياً وعالمياً، يُعرف بغناه بالتوابل والمكونات المحلية والنكهات الأصيلة، ويكاد لا يخلو بيت عربي من وصفة تحمل بصمة حلبية مميزة.

ومن الكبّة النية والمشاوي، إلى المحمرة والملوخية الحلبية والشيخ المحشي، يزخر المطبخ الحلبي بتنوع كبير يعكس تناغماً فريداً بين التراث المحلي والتأثيرات التركية والمشرقية. وتُعد الكبّة الحلبية، بأنواعها التي تتجاوز الستين وصفة، نموذجاً واضحاً على قدرة هذا المطبخ في تحويل مكونات بسيطة إلى أطباق استثنائية.

في هذا السياق، التقى مراسل “السوري” مع الشيف محمد الزين، الذي يعمل في أحد المطاعم الشعبية في حلب القديمة منذ أكثر من 25 عاماً، حيث قال: “المطبخ الحلبي مدرسة بحد ذاتها. نحن لا نطبخ فقط، بل نروي حكايات من خلال الطعام. كل طبق يحمل ذاكرة، وكل نكهة تجسّد طابع العائلة والمنزل”.

من جهتها، أوضحت ليلى الحمصي، وهي هاوية طبخ حلبية وتدير صفحة إلكترونية متخصصة في الأكلات الحلبية، أن هدفها هو تعريف الأجيال الجديدة بتراث المطبخ الحلبي، مضيفة: “الطبخ الحلبي يحتاج وقتاً وحباً. هو أحد أسرار ترابط الأسر هنا، حيث يُعد الطعام وسيلة للحفاظ على هوية المدينة”.

ولم يقتصر عشق المطبخ الحلبي على سكان المدينة فحسب، بل امتد ليشمل زوارها ومحبي مأكولاتها في الخارج. وفي هذا الإطار، تقول ربى حداد، وهي مواطنة سورية مقيمة في بيروت: “في كل زيارة لحلب، أحرص على تذوق الفتة باللبن من أحد مطاعم باب الفرج. النكهة هناك لا تشبه أي مكان آخر”.

ويُشار إلى أن المطاعم الحلبية باتت منتشرة في دول عديدة، لاسيما في الخليج وتركيا والدول الأوروبية، حيث لاقت الأطباق الحلبية رواجاً واسعاً بين الزوار، ما ساهم في تعزيز شهرة المطبخ الحلبي على المستويين الإقليمي والعالمي.

ورغم ما شهدته المدينة من أزمات وحروب خلال السنوات الماضية، ظل المطبخ الحلبي أحد وجوهها المشرقة التي لم تطفئها الصعوبات. ففي كل طبق يُطهى داخل مطبخ من مطابخ حلب، هناك قصة تُروى، وذاكرة تُصان، وهوية تُنقل من جيل إلى آخر.