لكل السوريين

البعثة الأممية تراوح في مكانها.. وفشلها قد يدخل السودان إلى المجهول

تقرير/ محمد الصالح

أعلن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس، أن المبادرة التي تقدمت بها البعثة الأممية وجدت قبول معظم الأطراف السودانية، وأشار إلى إنها إذا سارت كما تم التخطيط لها، سيتم التوافق حول بعض النقاط، ثم الانتقال إلى النقاط الأخرى.

ودعا جميع الأطراف السودانية إلى الحوار لحل الأزمة، وخص بالذكر لجان المقاومة حيث رفض بعض قادتهم الجلوس مع المكون العسكري.

وحول طبيعة المبادرة أعلن بيرتس أن الأمم المتحدة لم تقدم أي مقترح أو مشروع لأي جانب، واعتبر أن هذا الأمر يخص السودانيين.

وقال في مؤتمر صحفي بالخرطوم، إن “البعثة الأممية في السودان لن تحدد مشروعاً لحل الأزمة السودانية، وإنما ستقدم الدعوة للأطراف السودانية المختلفة، والاستماع لمقترحاتها، ثم ستساعد في جمعهم على طاولة مستديرة يديرها السودانيون للتوصل إلى حل متوافق عليه”.

وأشار إلى أن البعثة أرسلت دعوات لكل الأطراف السودانية للاجتماع معها على انفراد، ومناقشة مقترحاتها قبل أن تقرر الخطوة المقبلة.

ترحيب وتحفظات

وافقت قوى سودانية على المبادرة الأممية، بينما وضعت قوى أخرى بعض التحفظات عليها،

حيث رحب مجلس السيادة الانتقالي بالمبادرة، ودعا إلى إشراك الاتحاد الإفريقي للمساهمة في إنجاح جهود الحوار السوداني، واعتبر أنها “تعمل كمسهل لإنجاز هذا الحوار”.

كما رحبت “الجبهة الثورية” بالمبادرة لتبني حوار رسمي بين المكونات السودانية المختلفة والشركاء الدوليين، للتوصل إلى اتفاق للخروج من الأزمة الحالية.

وفي هذا الاتجاه ذهب “حزب الأمة الفيدرالي” الذي واعتبر المبادرة خطوة في الاتجاه الصحيح لبحث حلول تجنب البلاد تهديد أمنها واستقرارها واستفحال الأزمة السياسية فيها.

وبدوره ثمّن “حزب الأمة القومي” مجهودات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لدعم الشعب السوداني في تحقيق التحول الديمقراطي في البلاد.

لكن الحزب شدد على تمسكه بما وصفه بـ “خيارات الشعب السوداني لإسقاط الانقلاب العسكري، وإلغاء كل القرارات التي ترتبت عليه، وإعادة الحكم المدني والشرعية الدستورية”.

كما وافقت “حركة العدل والمساواة” بمبادرة الأمم المتحدة، شريطة “ألا تتحول إلى تدخل في الشأن السوداني الداخلي، وذريعة لفرض حلول خارجية”.

رفض وشروط

وبالمقابل رفضت قوى سياسية سودانية المبادرة، وتعاملت معها قوى أخرى بفتور وشك.

حيث أعلن “تجمع المهنيين” رفضه لها، وتمسكه باللاءات المعلنة من قبل قوى الثورة وهي لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية، إلى أن يستعيد الشعب السلطة المدنية والشرعية الثورية “التي تتيح العمل الدؤوب لتفكيك الشمولية، وإرساء دعائم التحول المدني الديمقراطي وبناء سودان الحرية والسلام والعدالة”.

وفي ذات الاتجاه، ذهبت الحركة “الشعبية لتحرير السودان”، واعتبرت المبادرة محاولة جديدة للالتفاف على موقف الثوار القائم على الرفض القاطع لمبدأ الحوار مع العسكر.

كما هاجم الحزب الشيوعي السوداني المبادرة، ووجه انتقادات حادة لطريقة رئيس بعثة الأمم المتحدة في تعامله مع الأزمة السياسية السودانية.

وأكد الحزب أنه ليس طرفاً في المبادرة، وسيعلن عن موقفه للرأي العام عندما يتسلمها.

وبدوره قال المتحدث باسم الفصيل الرئيسي في “قوى الحرية والتغيير” التي لعبت دوراً محورياً في التظاهرات ضد نظام عمر البشير “نحن على استعداد للمشاركة في المحادثات بشرط أن يكون الهدف منها استئناف التحول الديمقراطي، وتنحية نظام الانقلاب، ولكننا ضد هذه المبادرة إذا كانت تستهدف إضفاء الشرعية على نظام الانقلاب”.

مستقبل مجهول

وكانت وساطة الأمم المتحدة قد نجحت بإعادة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك إلى منصبه، في الأسابيع التي أعقبت الانقلاب الذي أعلنه الجيش السوداني في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وحل الحكومة بموجبه، واعتقل معظم الوزراء المدنيين في الحكم، ووضع رئيس الوزراء تحت الإقامة الجبرية.

ولكن استقالة حمدوك من رئاسة الوزراء، واستمرار المظاهرات في الشارع السوداني بمئات الآلاف، وتمسك المجلس العسكري السوداني بموقفه، وإشارة المبعوث الخاص للأمم المتحدة، إلى إن “كل الإجراءات التي اتخذت حتى الآن، لم تنجح في استعادة مسار هذا التحول”، عمقت حالة الشك بمستقبل السودان السياسي، والانتقال نحو الانتخابات المقرر إجراؤها في العام القادم.

ويرى المتابعون للشأن السوداني أنه ما لم يتم إرساء مسار جديد لحل الأزمة المستعرة فيه، وإجراء انتخابات ذات مصداقية، ستبقى الأبواب مفتوحة على المجهول داخل السودان وخارجه.