لكل السوريين

المرأة في التجربة البرلمانية السورية 2

رغم تواجد المرأة السورية المبكر والفاعل في مختلف جوانب الحياة، واستجابتها لدعوات النهضة والتحرر من الجهل والتخلف خلال سيطرة العثمانيين على مقدرات البلاد والعباد،

ورغم مساهمتها بالنضال ضد الاستعمار الفرنسي، وخروجها بمسيرة نسائية كبرى بدمشق في ثلاثينيات القرن الماضي رافضة لوجوده.

ومساهمتها الكبيرة في الحياة الثقافية والأدبية حيث أنشأت العديد من الأديبات السوريات منتديات ثقافية يتردد عليها السياسيون والأدباء والشعراء، وتناقش من خلالها جوانب الحياة السورية كافة.

إلا أن المرأة غيبت عن ساحة البرلمان والحياة التشريعية لفترة طويلة بسبب الظروف الاجتماعية والسياسية كانت سائدة آنذاك.

رائدات الترشح

تشير الوثائق البرلمانية إلى أن المرأة السورية ترشحت أكثر من مرة لانتخابات البرلمان، ولكنها لم تتمكن من الفوز بأي مقعد فيه قبل مرحلة الوحدة السورية مع مصر عام 1958.

وأول امرأة رشحت نفسها للبرلمان هي ثريا الحافظ، من مواليد دمشق عام 1912، وهي ابنة الأمير أمين لطفي الحافظ، أحد الشهداء الذين أعدمهم العثمانيون في السادس من أيار عام  1916، وكانت في الخامسة من عمرها، فنشأت يتيمة في كنف أمها، ورعاية عمها.

وهي زوجة الصحفي والكاتب منير الريس رئيس تحرير جريدة “بردى” التي صدرت أواخر الأربعينيات واستمرّت حتى مطلع الستينيات.

حصلت على شهادة دار المعلمات بدمشق عام 1928، وعملت في المجال الأهلي والخيري، فكانت أمينة سر جمعية خريجات دور المعلمات، ودار كفالة الفتاة، ورئيسة جمعيتي رعاية الجندي، ومنتدى سكينة.

وقادت المظاهرة النسائية بدمشق ضد الاستعمار الفرنسي عام 1928، وجابت شوارع دمشق دون غطاء للرأس، بحماية من بعض الشباب الجامعيين والمثقفين.

وناضلت من أجل حق المرأة في الانتخاب، ورشحت نفسها لتؤكد أحقية المرأة في ممارسة دورها السياسي.

ولكنها لم تتمكن من النجاح بسبب الظروف الاجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع السوري آنذاك، وتعتبر الدور الرئيسي للمرأة في الزواج والإنجاب وخدمة العائلة.

ومن النساء اللاتي رشحن أنفسهن للبرلمان عام 1954، الدكتورة طلعت الرفاعي، وهي شاعرة تمحور شعرها حول النضال الوطني.

ولدت في مدينة حمص سنة 1922، ودرست الحقوق في الجامعة السورية، ثم حازت على شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية والاجتماعية والحقوق الجنائية، من جامعة السوربون.

وكانت أول سيدة تشغل منصباً سياسياً رفيعاً بدرجة وزير في الجامعة العربية.

وقالت الدكتورة الرفاعي عندما رشحت نفسها “إني أرشح نفسي اليوم للانتخابات ويدفعني إلى ذلك شعور قوي أفاخر به، شعور المرأة العربية، شخصيتها الجريئة، تحملها للجهد، وطنيّتها العجيبة، ذكاؤها العجيب، وثقافتها على وجه العموم،.. وأنا شخصياً فضلت طريق النضال منذ أول عمري، كنت أستطيع أن أقبع في بيتي مكتفية بعملي وبما وهبني الله، ولكن هذا يعدّ جبناً وتمرداً على أمتنا التي وهبتنا المعرفة والعلم والرزق، وهبتنا كل شيء، فحقّ علينا أن نرد دينها بشتى الطرق والألوان”.