تقرير/ مرجانة إسماعيل
تشهد سوريا أزمة في سوق الصرف، وسط انخفاض قيمة العملات الأجنبية (الدولار واليورو والليرة التركية والريال السعودي وغيرهم) مقابل الليرة التي تشهد تحسناً في الظاهر، إلا أن خلف ذلك أزمة مالية وغياب توضيحات من مصرف سوريا المركزي.
وتراجعت قيمة الدولار أمام الليرة السورية لأدنى مستوياتها إذا وصل إلى قرابة 7 آلاف ليرة لكل دولار بالسوق السوداء يوم الثلاثاء الماضي قبل أن يتحسن سعره من جديد الأسبوع الماضي ويصل إلى 9600 ليرة لكل دولار.
ويوم الخميس الماضي، استقر سعر صرف الليرة أمام الدولار عند هذا الحد حيث يصرف الدولار بـ 9000 ليرة بالسوق السوداء وسط تراجع حركة السوق بالشراء والبيع.
يعيش جزء كبير من الشعب السوري على الحوالات الخارجية، وأدى “تحسن” سعر صرف الليرة أمام الدولار وبقية العملات إلى انخفاض السيولة بأيديهم وتراجع إمكانية شراء حاجياتهم رغم انخفاض أسعار بعض السلع.
ويرى أحد أصحاب محلات الصرافة بساحة المرجة في دمشق أن سعر الصرف الحالي وهمي، وهذه الأسعار لا تعبر عن السعر الحقيقي مشيراً إلا أن هناك طلب أكثر من العرض على الليرة السورية ما جعل قيمتها ترتفع.
ويخسر المواطن في كل 100 دولار ما بين 300 ألف إلى 500 ألف ليرة من قيمتها في حال كان التصريف أقل بكثير من نشرة المركزي.
وكانت الليرة السورية قد استقرت عند سعر 11500 ليرة بالسوق السوداء مقابل 13000 ليرة بالمركزي وبدا هامش الألفين ليرة مقبولاً لأنه كان يحافظ على استقرار الأسعار بالأسواق.
وقال أحد السوريين الذين جاؤوا لصرافة 200 دولار حوالة من ابنه المقيم في تركيا، قائلاً إن المبلغ الحالي أقل من المبلغ الرسمي بالنصف تقريباً. وأضاف أن السوريين يعيشون على الحوالات، وكان مبلغ 200 دولار يساوي 2.8 ملايين ليرة قبل سقوط النظام، اليوم لا يصل المبلغ إلى 1.8 مليون ليرة، ولو قبلت التصريف بسعر 7000 لكل دولار لكانت الخسارة أكبر بكثير.
ويطالب سوريون أنه يجب على الدولة منع سرقة المواطنين، كون غالبيتهم يعيشون على هذه الحوالات التي لا تتجاوز الـ 300 دولار شهرياً، ويطالبون بالمساعدة فقط بأن يكون السعر ثابت.
ويرى محللون اقتصاديون أن هناك أزمة سيولة في الليرة السورية، خصوصاً بعد أنباء عن تهريب قرابة 5 مليارات ليرة سورية من حدود العراق أواخر شهر كانون الثاني الماضي.
في الوقت نفسه يشتكي مصرفيون من عدم صرف الحكومة الجديدة للرواتب التي وعدت بها والتي من المتوقع أن تسهم في تحريك السوق وزيادة الليرة السورية في الأسواق مقابل الدولار.
وذكرت مجلة الإيكونوميست في الحوار الذي نشرته مع الرئيس السوري أحمد الشرع، أنه وفقاً لمصرفيين فإن شحنات الليرة السورية تأخرت في قدومها من روسيا.
ولا يعرف على وجه الحقيقة ما الذي يجري في الأسواق السورية بما يخص السياسة المالية التي ما زالت في حالة من عدم الوضوح.
يصدر مصرف سوريا المركزي نشرة صرف يومية، وتقرير خاص لحركة السوق وأسعار الصرف وأسعار العملات عالمياً مع التطرق لأسعار الذهب وأسعار الطاقة:
وفي آخر تقاريره الصادر يوم الخميس (06.02.2025) أوضح المركزي: أن قيمة الليرة السورية أمام الدولار انخفضت بنسبة 2.17% ليصل إلى 9,400 ليرة سورية للدولار الأميركي مقارنة مع 9,200 ليرة للدولار مطلع شباط الحالي.
واستقر السعر الرسمي للدولار عند 13,065 ليرة سورية في البنك المركزي في فروق وصلت إلى 4000 ليرة تقريباً.
وتراجعت قيمة الليرة السورية أمام اليورو بنسبة 2.07% لتسجل 9,763 ليرة سورية لليورو مقارنةً بـ 9,565 ليرة سورية لليورو في يوم الأربعاء.
السعر الرسمي لليورو بلغ 13,642 ليرة سورية مقارنةً بـ 13,557 ليرة سورية لليورو مطلع شباط الحالي.
وتراجعت قيمة الليرة السورية أمام الليرة التركية في السوق الموازية لتسجل 256 ليرة سورية لليرة التركية مقارنةً بـ 242 ليرة سورية لليرة التركية مطلع شباط الحالي.
السعر الرسمي تراجع إلى 363.29 ليرة سورية لليرة التركية مقارنةً بـ 362.82 ليرة سورية لليرة التركية. وتراجع سعر الصرف بنسبة 262 ليرة سورية لليرة التركية ليصل إلى 256 ليرة سورية لليرة التركية.
والسعر الرسمي وفق نشرة المصارف والصرافة عند 365.56 ليرة سورية لليرة التركية مقارنة مع 363.29 ليرة سورية لليوم السابق.
وفي بيان لحاكمة مصرف سوريا المركزي د. ميساء صابرين، أصدرت فيه قراراً يحدد ضوابط تعامل المصارف العامة المرخصة ببيع القطع الأجنبي، إذ يسمح لها ببيع القطع للأغراض التجارية وغير التجارية من مواردها الذاتية. كما تم تنظيم آلية تمويل المستوردات ببيع الدولار نقداً أو لحساب العميل بسعر الصرف الرسمي.
وأكد القرار على إعطاء الأولوية لتنفيذ الحوالات الخاصة بالمنظمات الإنسانية ومنظمات الأمم المتحدة، تليها مبيعات القطع لحسابات العملاء وفق جدول زمني أقصاه سنة. كما أُلزمت المصارف بتقديم بيانات مفصلة لمديرية مفوضية الحكومة لدى المصارف حول العمليات المالية المنفذة.
وعن البيان الصادر يقول اقتصاديون إن “قرار المصرف متوقع منذ فترة بعد تنامي ضغوط التجار الذين أودعوا أموالهم في منصة تمويل المستوردات، وكذلك بعد تفاقم أزمة سيولة الليرة السورية في ظل تقييد عمليات السحب من الحسابات المصرفية”.
فبعد شهرين على سقوط النظام السوري، لا تزال عجلة الاقتصاد السوري شبه متوقفة بالكامل. فالاستيراد متوقف وتمويل المستوردات الحيوية – مثل النفط والقمح والسكر والأرز ومتطلبات إعادة الإعمار – يتطلب سيولة نقدية كبيرة. أما حركة الاستيراد الحالية للبضائع الاستهلاكية التركية الصنع التي تنتشر في الأسواق السورية فهي لا تمثل سوى تفصيل هامشي بالمقارنة مع حركة الاستيراد للمواد الغذائية الحيوية والمواد الأولية للصناعة والبناء.
والسوريون يعيشون على الحوالات وسعر الصرف يؤثر عليهم بشكل سلبي للغاية، ما الحل الواجب اتخاذه من المركزي لوقف التدهور؟
من الواجبات الأساسية للمصرف المركزي هي حماية استقرار قيمة النقد وحركته، وحماية مدخرات المواطنين بما في ذلك عبر التدخل لحماية النظام المصرفي عندما يواجه أي أزمة.
والحل المثالي الذي يجب على المصرف المركزي القيام به هو إلزام شركات الحوالات بتسليم الحوالات بالنقد الأجنبي (أو بالدولار كبديل عن العملات المختلفة مثل الريال السعودي والليرة التركية). والحل الذي يكفل الحد الأدنى من الضمانات لمتلقي الحوالات هو إلزام شركات الحوالات بتسليم الحوالات وفق سعر الصرف الرسمي فهذا السعر هو الذي يضمن حقوق الطرفين.
وأشار رؤوس فروع البنوك الأربعة إلى أن من حق كل صاحب حساب أن يسحب ما قيمته نصف مليون ليرة سورية من حسابه يومياً، وأحياناً يكون المبلغ أكبر في حال كان هناك سيولة، أما بما يخص المبلغ الذي صرفه عبر حسابه بالبنك فيمكنه استخدامه من خلال الشراء عبر بطاقة البنك من أي سوبر ماركت أو مطعم أو محال تجارية تفعل خدمة الدفع الإلكتروني.