لكل السوريين

اضاءة صغيرة على شركات النصب والاحتيال وفخاخها

سلاف العلي

نحن محظوظين في هذا البلد بالرسالات السماوية والأديان التوحيدية والإرهاب والعنف والسجون وأنواع مختلفة من اشكال النصب والاحتيال واخيرا ففي كل فترة من الزمن يرسل لنا كبهارات مشكلة لإضافة نكهات جديدة على حياتنا البائسة أساسا وقهرا, فقد توجهت تلك الهدايا بشركات وأفراد بارعين بالنصب والاحتيال والإنسانية ودائما بخدمة عملائهم من خلال الترويج لاستثمارات وهمية مقابل أرباح خيالية سهلة ومريحة مستغلين المتعاملين الضحايا وحاجتهم الماسة ووضعهم البائس كي يقعوا فريسة سهلة لكمائنها بعد ان يقعوا في كمين الإنسانية وتزيينه بتغيير الحال والاغناء السريع، عن طريق الإغراءات والتطمينات الشفوية وصناعة الوهم والحلم بالثراء السريع، كي يركض المتعامل نحو خيار الإيداع المالي لتحسين الوضع المعاشي والمغامرة بدفع تحويشة عمره و كل ما يملك لهذه الشركة الشيطانية، تحت تأثير مسكنات الحلم بأن ليلة القدر قد نزلت عليه وعلى عائلته وان طاقة الفرج والرزق قد فتحت له أبوابها عبر عوائد وجوائز أولية ولفترة تجعله يطمئن ويثق بالشركة ويطمئن على انسانيتهم فتغفل عينه عن المخاطر المحتملة، حتى تقع الواقعة،  يبدأ الندم حين لا ينفع، لكنه يعود ويتلمس ذيله هل ما زال مخلوقا معه, فالقانون لا يحمي المغفلين.

شركات الاحتيال رأسمالها هو الوعود الكاذبة والموثقة باغلظ الإيمانات وهي وهمية غير مرخصة، وتعمل خارج القانون والدستور الا قانونها وهو البحث السهل عن المغفلين والجدبان ، وهي تستغل ظروف الناس وتعتمد جمع الأموال على أنها شركات تجارية استثمارية وتعتمد الإنسانية والدين وتتوكل دائما على الله ، ولكنها في الحقيقة مافيات لتداول العملات وتدويرها، وتنتهي دائما بالإفلاس وضياع أموال المودعين لديها، ولهذا لا تقوم بالتراخيص اللازمة أصولا لنشوئها وإشهارها كي تبقى خارج المحاسبة والقانون ومتهربة من الضريبة، فهي خارج دورة الاقتصاد  ومعظم طموحها وشرفها  العمل على تجميع ما يمكن من أموال ومن ثم الهرب خارج البلاد، أو الاحتماء بمافيات وميليشيات مرتبطة بشخصيات سلطوية او إرهابية حكومية وغير حكومية.

تعتمد شركات التداول هذه في بنيتها وتخطيطها وطريقة عملها على منهجية المخطط البونزي هو نظام بيع هرمي، وشكلا من أشكال الاحتيال من قبل فرسان تعمل على شكل كرة الثلج، والتي تتمثل في وعد بالربح كبير، ويمول هذا الربح من تدفق رأس مال نفسها لتستثمر تدريجيا حتى انفجار فقاعة المضاربة. هذا النظام يحمل اسم تشارلز بونزي الذي اشتهر بعد القيام بعملية تزوير عقاري في ولاية كاليفورنيا على أساس هذا المبدأ وتم الترويج للشركة الاستثمارية على أنها تستثمر في قطاعات مختلفة كالعملات، النفط والغاز، وأنك إذا استثمرت مبلغا معينا، ستحصل على أكثر منه بعد فترة محددة.

ما يحدث هو أن الشركة في البداية تحصل على الكثير من الأموال من المستثمرين، وفي بداية الأمر تدفع بالفعل للمستثمرين لكن من أموال المستثمرين الذين استثمروا بعدهم. بهذه الطريقة لا شك أن الشركة ستصل إلى مرحلة لن تتمكن خلالها من دفع المبالغ التي وعدت المستثمرين بها. لكن بما أنها دفعت لكثير من الناس، فهذا يعني أن ثقتهم بها زادت وسيستثمرون مبالغ أكبر بكثير. عندما يثق الناس بهذه الشركة ويستثمرون فيها مبالغ هائلة، وكل ما ربِحوه منها من قبل. فجأة تنصب الشركة ولا تدفع لأحد ويهرب صاحبها بكل الأموال.

إنها شركات وهمية برأسمال وهمي بدون أساس مادي أي أنه يبقى قيمة بشكل ائتمان -أسهم ديون بورصة مضاربة- ويمكن أن يتحقق على شكل سلع استهلاكية، وهو مناقض ومخرب للرأسمال “الحقيقي” الداخل في عملية الإنتاج ودورة الاقتصاد.

وبعد تفاقم الأزمة الاقتصادية في سورية، وتنامي عجز الدولة عن انتهاج سياسات حمائية قادرة على التعافي، لأسباب داخلية وخارجية، ذاتية وموضوعية، استمر تجميد الأجور رغم تنامي التضخم بشكلٍ مضطرد، وتخفيض الدعم لدرجة رفعه عن المواد الأساسية ورفع أسعار المحروقات، وانخفاض عائدات القطع الأجنبي وعدم القدرة على التحكّم به، وتكسير وإفقار الطبقة الوسطى وازدياد حالة الفقر المدقع.

لا بدّ من الإشارة للحالة القانونية لهذه الشركات في القانون السوري، حيث أن الوصف القانوني لجريمة النصب والاحتيال يعتبر: جريمة جنحيه يعاقب مرتكبها بعقوبة الحبس، والغرامة المالية، ويصار إلى حجز أمواله -أو أموال الشركة- المنقولة والثابتة، ويعين حارس قضائي عليها وتقسم أموالها -بعد التصفية- على المودعين، قسمة غرماء أي لكلٍّ بنسبة ما أودع.

والحمد لله ليس لدينا تحويشة عمر مادية انما نملك رأسمال رمزي وتحويشة عمر غير مادية لا يمكن توظفيها مع هؤلاء النصابين.