لكل السوريين

خادمات المنازل يعاملن كعبيد في اللاذقية

اللاذقية/ سلاف العلي

تنامت ظاهرة المربيات في محافظة اللاذقية، متزامنة مع انهيار سلم الرواتب وزيادة معدلات البطالة، ومع انتشار ظاهرة فقدان المعيل في ظل استنزاف شريحة الشباب من الذكور، ما بين هجرة، وعسكرة، وإصابات، إلخ، وهو ما دفع نساء كثيرات إلى البحث عن أي عمل يوفر الدخل.

وترافقت مع ظهور طبقة أمراء الحرب، والتي اسهمت في شيوع وظيفة مربية الأطفال، وتنظر كثير من عائلات تلك الطبقة إلى المسألة على أنها نوع من البريستيج الذي يوفر لهم نظرة مجتمعية أكثر رقيا، ورغم ما تتيحه المهنة من مصدر للرزق، فإن كثيرا من المربيات يعانين من إهانات تلك العائلات وسوء معاملة الأطفال.

ترى السيدة ياسمين وهي ام لطفلتين وزوجها عسكري تعرض للخطف والاختفاء القسري في خان العسل بريف حلب2012, وأصبحت هي المعيلة والمربية للطفلتين، ووجدت وظيفة مربية براتب شهري قدره 150الف ليرة، وهو مبلغ لا يحصل عليه خريجو الجامعات في الوظائف الحكومية, لكنها اصطدمت بطبيعة العمل. تقول: ظننت أن علي أن أرعى الطفلين أبناء العائلة، وأهتم بشؤونهما كإطعامهما أو تعليمهما القراءة والكتابة، أو حتى ترتيب غرفتهما، غير أن الأمر كان أبسط وأعقد من ذلك بكثير. في الحقيقة أنا أشبه بدمية يلهو بها الطفلان لينشغلا عن والديهما لا أكثر.

تنعكس معاملة الأهل للمربيات بطريقة فوقية على سلوك الأطفال، وتشرح ياسمين: أحب الطفلين رغم أنهما يعاملانني كخادمة شأنهما شأن والديهما، أنا فقط أشفق عليهما، لكنهما يحتاجان إلى والديهما أكثر مني. أستطيع تلبية حاجاتهما المادية ومتطلباتهما لكنني لن أستطيع تعويض غياب الأهل، وانا ابحث عن عمل آخر حتى ولو براتب أقل، لكنني أبحث عن عمل بساعات محددة أحصل فيه مع الراتب على بعض التقدير. يتراوح راتب المربيات باللاذقية ما بين 150 الى 200 ألف ليرة.

ليلى وهي شابة من ريف اللاذقية، ومعها بكالوريا، وجت فرصة عمل عند عائلة، ولديهم ثلاثة أطفال ترافقهم خلال الرحلات العائلية الأسبوعية إلى المسابح والمنتجعات، وهناك تعرفت إلى خادمات أخريات، واكتشفت أن بعضهن يعملن برواتب لا تتجاوز 100 الف ليرة ، وفوق ذلك تتضمن أعمالهن مهمات منزلية لا علاقة لها بالأطفال مثل التنظيف وحتى إعداد الطعام في بعض الأوقات، وشطف الأدراج ورمي القمامة.

انغام سيدة في ال36سنة وتعمل مربية لدى عائلة منذ أكثر من 15سنة , اخبرتنا : انه في الوقت الحالي صارت مهنتنا مرتبطة بالبريستيج والمظاهر، فقد أصبحت العائلات تفاخر بتوظيف عاملات ومربيات بمعزل عن الحاجة, ربما وفرت هذه المفاخرة فرص عمل كثيرة، غير أن الكثير من هذه فرص العمل غير إنساني، ويشتمل على معاملة الموظفات مثل العبيد, في إحدى المرات التقيت بفتاة لا يتجاوز عمرها سبعة عشر عاما، وكانت ترافق طفلا وتعمل مربية, في الحقيقة كانت تعمل خادمة ومربية في آن، وربما كلمة خادمة مجرد توصيف مخفف لما شاهدته من طريقة معاملة العائلة لها, تظل الفتاة واقفة بجانب الطفل تراقبه وتلبي طلباته، فعندما يخرج ابن الأعوام العشرة من المسبح تحضر المنشفة ثم تقدم إليه العصير، في الوقت ذاته تلبي طلبات أمه، وأبيه, وتقول بحسرة: يا ريتني سريلانكية متل نور يلي بتشتغل معي بالبيت، ما بعيطوا عليها، ويعطوها راتب أحسن من راتبي, إنها تحظى بهذه المعاملة لأنوا كلفتن كتير، وكمان عندن سفارة بتدافع عن حقوقها، أنا ما فيني حتى أعترض، وإذا حكيت شي بكبوني بالشارع وبجيبو 10 بدلا مني.