لكل السوريين

سبل جديدة للحد من الوفيات الناجمة عن النزيف بعد الولادة

أجرى فريق من أطباء التخدير في الولايات المتحدة دراسة للتوصل إلى أفضل السبل للحد من وفيات الأمهات الناجمة عن النزيف بعد الولادة القيصرية. وخلال الدراسة التي نشرت خلال الاجتماع السنوي لأطباء التخدير لعام 2023، أكد الباحثون أن الحلول التي توصلوا إليها تساعد في التصدي لمشكلة ارتخاء الرحم التي تسبب 80 في المئة من حالات النزيف بعد الولادات القيصرية، حيث أن أنسجة الرحم تظل ضعيفة بدلا من أن تنقبض للضغط على الأوعية الدموية المتصلة بالمشيمة.

وتوصل الباحثون إلى أن حقن الرحم بمواد دوائية مثل كلوريد الكالسيوم يمكن أن يساعد في الحد من النزيف، لاسيما وأنه رخيص الثمن وآمن في الاستخدام ولا يتطلب التخزين في ظل درجات حرارة شديدة البرودة، وبالتالي من الممكن استخدامه في ظل إمكانيات محدودة، وفي الأماكن التي تتزايد فيها بالفعل احتمالات وفاة الأمهات بسبب النزيف عقب الولادات القيصرية.

وأكد الباحثون أيضا أهمية إيجاد منظومة للإنذار المبكر لتحذير الفرق الطبية في حالة تعرض الأم لنزيف حاد بعد الولادة. وذكر الباحث جيمس تشي رئيس فريق الدراسة أن النزيف أثناء الولادة القيصرية يعتبر من المخاطر المرتفعة، ولا بد في حالة حدوثه أن تتضافر جهود فريق الولادة مع أطباء التخدير من أجل سرعة اكتشافه وعلاجه بسرعة بالغة.

وفي تصريحات للموقع الإلكتروني “ميديكال إكسبريس” المتخصص في الأبحاث الطبية قالت الباحثة جيسيكا أنصاري المشاركة في الدراسة “تشير التقديرات الحديثة إلى أن امرأة واحدة تتوفى كل سبع دقائق بسبب نزيف ما بعد الولادة، وخاصة في الأماكن ذات الإمكانيات المحدودة، وبالتالي إذا ما أمكن التحقق من صحة هذه النتائج عبر دراسات أخرى أوسع نطاقا، فمن الممكن أن يساعد ذلك في الحد من احتمالات النزيف بعد الولادة أو علاجه”.

والأوكسيتوسين عن طريق الوريد هو الدواء المفضل لنزيف ما بعد الولادة. ويمكن أيضا استخدام إرغاوتامين. ويساعد الأوكسيتوسين الرحم على الانقباض بسرعة مع استمرار التقلصات لفترة أطول. وذلك هو الخط الأول لعلاج النزف التالي للوضع عندما يكون سببه هو عدم انقباض الرحم بشكل جيد. ويستخدم مزيج من سينتوسينون والإرغومترين (وهو ما يسمى سينتومترين) عادة كجزء من الإدارة النشطة للمرحلة الثالثة من الولادة. كما يقلل سينتوسينون وحده من خطر النزف التالي للوضع.

ويشير النزف المفرط من الرحم إلى فقدان أكثر من لتر من الدم أو ظهور أعراض واضحة لفقدان الدم في غضون 24 ساعة بعد الولادة. وبعد ولادة الطفل، يُعدُّ النزف المفرط من الرحم مصدرًا كبيرًا للقلق.

وتفقد المرأة حوالي نصف لتر من الدم أثناء الولادة المهبلية وبعدها عادةً. ويُفقدُ الدم لأنَّ بعض الأوعية الدَّموية تُفتَح عندما تنفصل المشيمة عن الرحم. وتساعد تقلُّصات الرحم على إغلاق هذه الأوعية حتى يمكن أن تتعافى. وتكون كمية الدَّم التي تفقدها المرأة التي خضعت لولادةٍ قيصريَّة هي ضعف الكمية التي تفقدها عندما تكون الولادة مهبليَّة عادةً، ويرجع ذلك بشكلٍ جزئي إلى أنَّ الولادة تستدعي إجراء ِشقٍّ في الرحم، ويَجرِي ضخ الكثير من الدَّم إلى الرحم خلال فترة الحمل.

ويعدُّ النزف مفرطًا إذا حدث فقدان أكثر من لتر من الدم في غضون 24 ساعة بعد الولادة، أو عند ظهور أعراض فقدان كبيرٍ في الدم لدى المرأة، مثل انخفاض ضغط الدم، وتسرُّع معدَّل ضربات القلب، والدوخة، وخفة الرأس، والتَّعب، والضَّعف. ويحدث الفقد المفرط للدَّم عادةً بعد الولادة مباشرةً ولكنَّه قد يحدث متأخِّرًا بعد شهرٍ من الولادة.

ويشير الخبراء إلى أن السبب الأكثر شيوعًا للنزف المفرط  عند الولادة هو الرحم الذي لم يبدأ بالتقلُّص بعد الولادة ولكن بدلًا من ذلك استمرَّ في حالة ارتخاء وتمطيط (حالةٌ تسمى وهن الرحم). وعندما لا يبدأ الرحم بالتقلُّص بعد الولادة، يستمرُّ نزف الأوعية الدَّموية التي كانت مفتوحةً عند انفصال المشيمة.

وقد تضطرب التقلصات في الحالات التالية:

عندما يكون الرحم ممطوطًا بشكلٍ كبير، على سبيل المثال، بسبب وجود كمية كبيرة من السائل الأمنيوسي في الرحم، أو بسبب وجود عدة أجنة (الولادات المتعددة) أو نتيجة ضخامة حجم الجنين.

عندما تطول مدَّة المخاض أو تكون غير طبيعيَّة أو سريعة عند ولادة المرأة لخمسة أطفال أو أكثر.

عند استعمال مخدِّر مرخٍ للعضلات أثناء المخاض والولادة في حال عدوى الأغشية المُحيطة بالجنين (تُسمى العدوى داخل السّلى).

كما قد ينجم نزفٌ مفرطٌ عند حدوث تمزق المهبل أو عنق الرحم أثناء الولادة، أو عندما تبقى قطعةٌ من المشيمة داخل الرحم بعد الولادة، وفي حالاتٍ نادرة عندما يتمزق الرحم أو ينقلب نحو الخارج.  وقد يزيد حدوث نزفٍ مفرطٍ بعد إحدى الولادات من خطر حدوثه بعد الولادات اللاحقة. كما يمكن أن يزيد وجود الأورام الليفية في الرحم من الخطر. وأظهرت دراسة بريطانية طبية حديثة أن الوفيات الناجمة عن العمليات القيصرية هي الأعلى في البلدان النامية وذات الدخل المنخفض؛ ما يشير إلى وجود تهديد لحياة النساء والأطفال في تلك الدول.

وتوصلت الدراسة، التي نشرت في مجلة “لانسيت” الطبية، إلى أن وفيات الأمهات في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط أعلى 100 مرة، لاسيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط، مقارنة مع بعض البلدان ذات الدخل المرتفع، وأن ثلث جميع الأطفال في بعض المناطق لا يعيشون في حال ولادتهم ولادة قيصرية.. وتعزو الدراسة ذلك إلى أن جميع حالات الوفاة التي أعقبت العمليات القيصرية إلى حالات النزيف ما بعد الولادة (بواقع 32 في المئة)، وتسمم الحمل (19 في المئة)، وتعفن الدم (22 في المئة)، ونحو 14 في المئة لأسباب متعلقة بالتخدير.

وقالت الدكتورة شاكلا ثانجاراتينام أستاذ النساء والتوليد في جامعة (كوين ماري) ببريطانيا “تعد العمليات القيصرية هي العمليات الأكثر شيوعا في جميع أنحاء العالم.. من المفترض أن تكون منقذة لحياة كلّ من الأم والطفل، ولكن بسبب العديد من العوامل، مثل ضعف إمكانية الوصول، والحالات المتأخرة، والإجراءات غير المناسبة، وسوء الموارد والتدريب، ليس الأمر كذلك تماما”. وفي كل عام يلقى ما يقرب من 300 ألف امرأة حتفهن أثناء الولادة، 99 في المئة منهن من بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.