لطفي توفيق
بداية..
لابد من شكر منظمة الأمم المتحدة بكل تفريعاتها..
وهيئاتها.. العاملة والنائمة.
ومنابرها الموزعة في عواصم الأثرياء.
ومكاتبها الفخمة التي تفتح أبوبها أحياناً.
لابد من شكر هذه المنظمة العجوز..
فمازالت تعمل على تنشيط ذاكرتنا المسكونة بالوجع.
قبل أن تتراجع منذ أكثر من نصف قرن.
وقبل أن تغتصب منذ عقد على الأقل.
فحسب المنظمة العجوز
يوم غد.. اليوم الدولي لمكافحة الفساد
وحسب أمينها العام..
الفساد لا يُولِّد إلا فساداً.
وحسب “المتشائلين” من أمثالي..
صار الفساد في مجتمعاتنا يتوالد كما تقعل الأرانب.
ويؤسس لثقافة الفساد
ويعمّق فساد الثقافة..
وحسب “المتشائلين” من أمثالي..
تحول الفساد في مجتمعاتنا إلى ظاهرة يومية..
وتغلغل في مفاصل المجتمع.. ومكوناته.. ومؤسساته..
وتحول إلى طقوس يومية يفاخر الفاسدون بها..
وتحول الفاسدون من منبوذين..
إلى مرموقين ومبجّلين.
وإلى سادة وقادة في مجالات الفكر والثقافة والسياسة.
وصارت مكافحته أشبه بمحاربة طواحين الهواء
وصار مكافحو الفساد مجّرد حالمين.. واهمين
يعكرون سبات النيّام والكسالى.
وربما يتم حذفهم لإراحة الفاسدين.. والنائمين والكسالى
وإذا كانت الرشوة من مفردات الفساد
وحسب “المتشائلين” هي كذلك.
وعلى ذمة الأمم المتحدة أيضاً
تعادل قيمة الفساد المالي في الدول النامية
عشرة أضعاف المبالغ المخصصة للمساعدات الإنسانية الرسمية.
وحسب المنظمة العجوز
بعد غد يوم دولي لحقوق الإنسان.
“سأحترم حقوقك بغضّ النظر عن هويّتك.
سأدافع عن حقوقك حتّى عندما لا أتّفق معك”.
هذا ما اعتبره البعض شعاراً ليوم حقوق الإنسان.
واعتبره آخرون برنامج عمل له.
وجاء في وثيقة حقوق الإنسان التي اعتمدت عام 1948.
يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق.
وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
وفي الحالتين.. الشعار.. والبرنامج.
لا يخلو القول من حلم يصعب تحقيقه.
ومن الوهم الجميل والقاتل معاً.
ومن الجميل أيضاً..
ألّا يموت هذا الحلم..
وألّا يقتلنا هذا الوهم..
فرغم اليباب واليباس المترامي بكل اتجاه..
ورغم السواد الذي يلوّن المساحات الآفاق..
نبقى مسكونين بالأمل…
فقد يولد الجمال من رحم السواد..
وقد ينبت الأمل..
في تفاصيل الكارثة.