لكل السوريين

نظام أردوغان يتجاهل الدعوات الدولية للخروج من ليبيا.. ويرفض اعتبار قواته أجنبية على أرضها

تقرير/ محمد الصالح 

تواصل تركيا تجاهل القرارات الدولية الداعية إلى خروج قواتها، وآلاف المرتزقة السوريين الذين دفعت بهم إلى ليبيا دعماً لحكومة الوفاق السابقة برئاسة فائز السراج بموجب مذكرة تفاهم للتعاون الأمني والعسكري وقعها الجانبان في 27 تشرين الثاني2019 في إسطنبول. وعاد ملف المرتزقة الأجانب في ليبيا إلى واجهة الأحداث, منذ أن أعلنت البعثة الأممية إلى ليبيا في الخامس من شهر شباط الماضي، ضرورة خروج المرتزقة منها، ومنذ تشكيل السلطة  التنفيذية الجديدة، حيث تصاعدت المطالبات الدولية بسحب تلك العناصر من ليبيا، واحترام خارطة الطريق الأممية التي ستقود البلاد إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في كانون الأول المقبل.

ولكن النظام التركي يتجاهل كل المطالبات والدعوات الدولية للخروج من ليبيا، ويرفض إخراج قواته منها, ويؤكد على استمرار وجوده العسكري فيها، ويرفض اعتباره وجوداً أجنبياً على أرضها.

كما يصر على إبقاء المرتزقة السوريين في ليبيا، ويقوم بعمليات تبديل دورية متواصلة لهؤلاء المرتزقة، حيث تخرج دفعات من سوريا إلى تركيا، ومنها إلى ليبيا مقابل عودة دفعة معاكسة.

وأجرت تركيا آخر عملية تبديل روتينية لمجموعة من المرتزقة، بعد لقاء رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة والوفد المرافق له في إسطنبول.

مزاعم باطلة

وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة قد زار تركيا، على رأس وفد من حكومته، وأجرى مباحثات موسعة مع رئيس النظام التركي في إسطنبول.

وبعد هذه المباحثات، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن الجنود الأتراك يواصلون أنشطتهم في ليبيا بدعوة من الحكومة الشرعية، وبالتالي هم ليسوا أجانب على أرض ليبيا.

وأضاف أكار أن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب “أشقائها الليبيين” ودعمهم، وينبغي على الجميع إدراك وجود تعاون عسكري وتعليمي، واستشارات تقدمها تركيا لصالح الحكومة وفقاً للتفاهمات بين الطرفين، في إشارة إلى مذكرة التفاهم للتعاون العسكري والأمني الموقعة مع حكومة الوفاق الوطني التي انتهت ولايتها.

ووصف أكار مطالبات المجتمع الدولي بسحب القوات التركية بحملات التشهير، زاعماً أن ما تقوم به بلاده في ليبيا هو مثل ما تفعله الدول الأخرى في مهام مختلفة، “لكنهم يصرون على عدم فهمه لأنهم يبذلون قصارى جهدهم للتشهير بتركيا، وهذا التشهير وحملات التضليل ليست لها أي قيمة”.

وكان وزير خارجية النظام التركي قد أكد على ضرورة مغادرة جميع المرتزقة الأجانب ليبيا، واستثنى المرتزقة التابعين لأنقرة، بحجة أنها ترتبط مع حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة باتفاق ثنائي يسمح باستمرار تمركز قواتها هناك.

وأشار الوزير التركي إلى أنه يجب عدم الخلط بين المرتزقة الأجانب، وبين ما أسماه بـ “الوجود الشرعي” لقوات بلاده في ليبيا.

وكان أردوغان قد قال في شهر شباط الماضي إن تركيا ستدرس سحب قواتها من ليبيا إذا غادرت القوات الأجنبية الأخرى البلاد أولاً.

استبدال المرتزقة

لا تزال عملية خروج المرتزقة الذين جندهم النظام التركي من الأراضي الليبية متوقفة بشكل تام، رغم جميع المطالبات الدولية بخروجهم الفوري، في ظل التفاهمات بين الأطراف الليبية.

وتؤكد المصادر وجود نحو سبعة آلاف مرتزق سوري من الموالين لأنقرة في ليبيا حتى الآن.

وكانت مصادر مطلعة قد ذكرت أن المخابرات التركية والفصائل الموالية لأنقرة جهزت في العاشر من الشهر الماضي، أكثر من 150 عنصراً من مختلف تلك الفصائل في سوريا تمهيداً لنقلهم إلى تركيا، ثم إرسالهم إلى ليبيا.

كما رصدت المصادر أواخر الشهر الماضي، عملية نقل جديدة للمرتزقة السوريين من وإلى الأراضي الليبية، حيث عادت دفعة مؤلفة من نحو 200 مرتزق، ووصلت إلى الأراضي السورية من معبر حوار كلس بريف حلب، فيما كان أكثر من 300 عنصر في المعسكرات التركية داخل سوريا يتجهزون للانطلاق نحو ليبيا.

وحسب هذه المصادر فإن عمليات تبديل المرتزقة تتم بشكل دوري كل 15 يوماً.

وبات معروفاً أن تركيا تجند المرتزقة من السوريين مقابل راتب شهري لا يتجاوز 500 دولار أمريكي، وتنقلهم عن طريق البر إلى تركيا عبر المنافذ العسكرية التي تسيطر عليها مع الفصائل الموالية لها في ريف حلب الشمالي، ثم ترسلهم إلى ليبيا.

وقدرت المصادر المحلية، والمتابعون للشأن الليبي، عدد المرتزقة الذين تم نقلهم إلى ليبيا منذ مطلع حزيران الماضي، بأكثر من 500 مرتزق، معظمهم من الفصائل التابعة لتركيا في الشمال السوري، وخاصة  فصائل “العمشات والسلطان مُراد وفرقة الحمزة”.

بينما عاد عدد مماثل من المرتزقة إلى سوريا خلال الفترة ذاتها.

يذكر أن تركيا دفعت في بدايات العام الماضي بنحو 20 ألفاً من المرتزقة السوريين من مقاتلي الفصائل الموالية لها في شمال سوريا، للقتال إلى جانب قوات حكومة الوفاق الليبية ضد الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر، ثم سحبت حوالي تسعة آلاف منهم، بعد اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا شهر تشرين الأول الماضي، وأبقت الأخرين بحجة تأمين القواعد التي تسيطر عليها في ليبيا، حيث بسطت سيطرتها على قاعدة الوطية الجوية، ومصراته البحرية، إلى جانب إقامة مركز قيادة عسكري تركي ليبي مشترك في طرابلس.