لكل السوريين

الأنانية عشق السيطرة والتملك

في اللغة الأنانية تعني إضافة الأشياء كلها إلى النفس، وهي أيضاً نزعة لتبني آراء إيجابية حول الذات.. وكلمة الأنانية مشتقة من الأنا والغرور، وهي داء مدمر لصاحبه فينهي ويكسر صلة المحبة والمودة بين الناس، لأن الشخص المصاب بداء الأنانية والغرور يكون مثقل بشعور غامر بمركزية الذات أي بسماته الشخصية، وقد عرفت شخصاً من مدينتي “الرقة” ولسنوات طويلة، كان مغروراً بنفسه لدرجة القرف، وقد جعل من ذاته مركزاً لعالمه دون أن يأبه بالآخرين حتى من الأشخاص المقربين منه ومن يعزهم، وكان يكوُّن لنفسه حالة خاصة هو الذي يحددها ويأطرها.

ولما أن الأنانية هي حب الإنسان لذاته وعشقه للسيطرة والتملك، فالأنا تجعل منه شخصاً لا يرى إلا نفسه ولا يهتم إلا بشخصه هو، والأنانية هي غريزة فطرية عند كل إنسان ((.. إذا كانت في حدود معرفة مقدار الذات ووضعها في موضعها))، لكن إذا الأنانية تجاوزت حدود الذات إلى حالة الغرور والتكبر واحتقار الآخرين وتسفية آرائهم والسعي للسيطرة عليهم فهنا يكون مكمن الخطورة وأصل الداء.

والشخص الأناني عنجهي متكبر لا يقبل النصيحة والإرشاد من أي شخص كان، مثل صديقي الرقاوي حينما نصحناه بأن يواضب على الدراسة وينتبه جيداً لدرورسه، رد علينا ونحن من المقربين إليه بتكبر واستخفاف بأننا لا نعرف شيئاً وأننا جهلاء، ومن جانب آخر الأناني ليس له محرمات بل يحلل لنفسه كل شيئ مادامت مصلحته موجودة.

ويؤكد علماء النفس أن الأنانية هي مرض نفسي قاتل بالتأكيد يحتاج لعلاج، وكما أسلفنا هي في النهاية داء مدمر لصاحبه. والأناني أيضاً يحب أن يرى غيره يشقى لأن في ذلك راحة له لأنه يحب مصلحته فقط.

وهناك أسباب تدفع الشخص إلى الأنانية منها: التربية البيتية الخاطئة من قبل الأبوين للأبناء وهم ما زالو أطفال وعدم توعيتهم على عدم اعمال الخطأ، مثل اجتناب الأحقاد والاستيلاء الفردي، وكذلك زجرهم وحرمانهم وكثرة تأنيبهم وحرمانهم ومعاقبتهم على كل شاردة وواردة، وكذلك عدم العدل بين الأبناء، وتفضيل ابن على آخر. ولا ننسى أيضاً: الظروف الاقتصادية الخانقة التي تجعل الفرد لا يهتم إلا بنفسه ويسعى فقط في خدمة مصلحته الخاصة.

ولكي يتم معالجة هذا المرض العضال فلا من تكاتف كل الجهود المجتمعية والأسرية، لأنه للمجتمع والأسر دور فعال في كبح جماح هذا المرض، لأن الطفل مذ ولادته في الواقع يتأثر بالعوامل المحيطة به، لذا يجب تعليمه وتعويده من نعومة أظفاره على عدم الأنانية وأن يحب لغيره ما يحب لنفسه.

وخلاصة الكلام يجب علينا أن نعود أنفسنا على حب التعاون والأعمال الجماعية، والاختلاط والتقارب وقبول الآخر، والمشاركة في جميع الأعمال التي تعود بنفعها إلى النفع العام، وأن نتعاون مع بعضنا البعض الآخر، وأن يتعاون الفرد مع أهله وجيرانه وأصدقائه في مساعدة الغير وخاصة المحتاجين من ذوي العاهات المستدامة.