لكل السوريين

من سرق العيد..

 

لطفي توفيق

كانوا يغزلون لنا الحكايات بألوان قزحية..

ويعتصرون النجوم.. كؤوساً يخبئونها ليوم العيد.

والكل ينتظر.. ويحلم..

والعيد يفترش أهداب الليل..

ليشرق مع الشمس التي تسابق شروقها..

لترسم العيد في أحلام الأطفال..

والبهجة في عيونهم.

والكل في البيوت العتيقة منهمك..

الجارة أم فرح.. تتكئ على سنواتها الثمانين..

وتصنع من حبوب القمح كعكة كبيرة..

ليقدمها العيد إلى جيش الأحفاد.. وأصدقاء الأحفاد.

وأحمد.. يتفقد أشياءه الجديدة كل لحظة..

ويعارك أشباح النوم التي تهاجم رأسه الصغير من كل صوب.

وحسين.. يحتضن حذاءه الجديد..

وينتظر وصول العيد ليلبسه للمرة الأولى.

ومعروف.. يختبئ تحت اللحاف..

خوفاً من أن يراه العيد وهو يلبس قميصه الجديد قبل قدومه.

و.. يأتي العيد مجدولاً بخيوط الشمس..

يوزع الصبح.. والفرح.. والحلوى.

ويرسم البهجة في عيون الأطفال..

والأمل بين التجاعيد التي خلفتها السنون على وجوه المسنين.

وتفوح من قسماته رائحة الزمن..

وطيوب الحكايات الممزوجة برائحة البن المحمص.. والهال.

ونهبّ.. نحن الصبية.. نجري..

نلاقي العيد بألحان مسروقة من أغنيات العصافير إذا جاء الربيع.

وعلى ذمة الراوي..

استطاع أحد ما..

في زمن أغبر ما..

أن يصادر العيد.. ويضعه رهن قراره..

وصار يوزعه كما يريد.. ومتى يريد.. وعلى من يريد.

وجاء العيد غير مجدول بخيوط الشمس هذه المرة..

وأخرج من حقيبته الأنيقة..

رزمة من البسمات المجففة على مناديل ورقية ملونة بألوان الغربة..

وبعض الحلوى التي لا تشبه كعكة الجارة أم فرح.

لم يرسم البهجة في عيون الأطفال..

والأمل بين التجاعيد التي خلفتها السنون..

بل عمّق الغربة بيننا وبين ملامح الفجر..

ورائحة البن المحمص..

جفّت أغنيات العصافير على شفاهنا..

ونما في أعماقنا شيء  محير كالنزف الشرياني الصامت.

وانسحب العيد ونحن نلوح له.. ولا نحلم

ومرّ رتل طويل من السنوات..

وما زلنا ننتظر العيد الذي يفترش أهداب الليل ليشرق مع الشمس..

وننتظر كعكة الجارة “أم فرح”.

وجيش الأحفاد.. وأصدقاء الأحفاد.

ورائحة الهال.. والبن المحمص

ولا نحلم.

نسينا بعد مرور رتل طويل من السنوات..

أن من سرق العيد..

سرق معه الفرح.. والبهجة..

وسرق الحلم.