لكل السوريين

ثلاثة ملايين فتاة سوريّة عازبة.. تكاليف الزواج ترهق الشباب

تقرير/ جمانة الخالد

من بين تبعات الحرب التي تحملها الشاب السوري، تخليه عن أحد أسمى أهداف الإنسان المتمثل بالزواج وتكوين أسرة، لأسباب كثيرة ليس غياب الاستقرار أولها، ولا الصعوبات الاقتصادية والضائقة المعيشية آخرها.

ألقت سنوات الحرب الطويلة في سوريا بظلالها على كافة فئات المجتمع التي عايشت القصف والتهجير وتأثرت بالأزمات الاقتصادية والمعيشية، إلا أن فئة الشباب دفعت الفاتورة الأكبر بدءاً من أعداد القتلى والمعتقلين وتحمل الأعباء الحياتية والمعيشية، وصولاً إلى ضياع حاضرهم وضبابية مستقبلهم.

لا يختلف حال الشباب السوري كثيراً، سواء كانوا داخل البلاد بمختلف المناطق وفي جميع دول اللجوء، فهناك قاسم مشترك بينهم هو صعوبة الزواج وتعثر اللقاء بشريك العمر، وهو ما بات مصدر قلق وحيرة لهم، وحلما مؤجلا لكثير منهم.

ولكل منطقة أو دول ظروفها التي تحول دون إقدام الشاب على الزواج، فعلى سبيل المثال في وسط سوريا حيث يشكل الوضع الأمني والاقتصادي الهاجس الأكبر أمام الشباب، وبالتالي فإن أولى أوليات الشاب هي السفر إلى خارج البلاد هرباً من الاعتقال والتجنيد الإلزامي، وبحثاً عن مصدر رزق يعيل به عائلته.

وبتلخيص بسيط لأسباب عزوف الشباب عن الزواج، نجد أن هناك عوامل عديدة تلاحق السوريين في كل مكان، من أبرزها الواقع الاقتصادي وارتفاع المهور، وغياب الاستقرار، والخوف من المستقبل، إضافة إلى تشتت الأسر بسبب التهجير واللجوء.

وترفض نسبة كبيرة من العائلات السورية الإقرار بالواقع الاقتصادي المتدهور في البلاد وارتفاع معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات غير مسبوقة، حين يتعلق الأمر بتقدم شاب لخطوبة إحدى بناتها، وسرعان ما تبدأ الشروط الصعبة والمتطلبات التعجيزية من مهر مرتفع وكمية معينة من الذهب، بالإضافة إلى المسكن الحديث المستقل وغير ذلك من الأمور التي قد تكون الأسرة ذاتها عاجزة عن تأمينها.

وتتراوح المهور في أوربا بين 10 آلاف و20 ألف يورو، يضاف إليها في بعض الأحيان اشتراط ذوي الشابة حصولهم على التعويض الذي تأخذه من الحكومة بعد الزواج، متذرعين بدفع مبالغ مالية كبيرة حتى وصلوا إلى دول الاتحاد الأوروبي، كما أنهم يستغلون قلة نسبة الشابات السوريات مقارنة بعدد الشباب، وصعوبة إجراءات لم الشمل في حال قرر الشاب الزواج من فتاة.

يمثل هذا الأمر معضلة بالنسبة للشاب والفتاة على حد سواء، حيث يعزف بعض الشاب عن الزواج لفقدانهم الشعور بالاستقرار النفسي والأمني، كما أن بعض العائلات ترفض تزويج بناتها إلى الشباب المقيمين في المناطق الساخنة وتأمل في الحصول على فرصة لتزويجها إلى الخارج وهو ما بات يعرف محلياً بـ”زواج لم الشمل”.

قدرت وزارة الشؤون الاجتماعية في الحكومة السورية نسبة العنوسة في سوريا عام 2022 بنحو 70%، وأكدت وجود قرابة 3 ملايين فتاة سوريّة عازبة تجاوزن سنّ الثلاثين عاماً، وسط توقعات بارتفاع هذه النسبة مستقبلاً.

وتشكل هذه الظاهرة مجموعة من الآثار السلبية على الجوانب النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وتنعكس على المجتمع ككل حيث لا تنحصر تداعياتها بالشخص العازف عن الزواج، كون الأسرة هي الجزء الأهم في تكوين المجتمع وبنائه.

ويقول مختصون اجتماعيون إن عزوف الشباب عن الزواج يقود إلى الانحلال الأخلاقي، ويدفع البعض إلى إشباع رغباته خارج إطار العلاقة الزوجية الشرعية، وبالتالي إلغاء القيم وحدوث التفكك والفساد الأخلاقي والذي يقود في النهاية إلى تدمير العلاقات الاجتماعية وانهيار المجتمع على المدى البعيد.