لكل السوريين

ثراء التراث الشعبي الكردي

محمد عزو

التراث الشعبي، أو الفلكلور، لأي شعب من الشعوب، هو هوية الانتماء الوطنية لهذه الشعوب، وهو الإطار القومي الذي يعبر عنها تعبيرا صادقاً وحقيقياً، والتراث الشعبي بشقيه المادي واللامادي يمثل خلاصة معارف وتجارب الشعوب وخبرات أفرادها.

يعرف الفلكلور، الذي هو تراكم وخبرات الشعوب، على أنه، كما قلنا سابقا، مجموعة متبقيات الأجداد الفكرية، والمادية، أي أنها المنتوجات الفكرية، والثقافية، والفنية، ويشتمل أفقيا على المعتقدات، والعادات، والمعارف، والأساطير، والخرافات، والأمثال، والأغاني، والأساطير، وعلى جميع أنواع الفنون الشعبية، من حرف، ورقص، والألعاب الشعبية، وغيرها من الموروثات الشعبية.

والفلكلور يمثل هوية وجذور الأمة، وكم فشلت محاولات الاستعمار مراراً وتكراراً في محاربة التراث الشعبي، للبلاد التي احتلتها كون هذا التراث هو الهوية وهو الفكر، وهو الجذور ووثيقة الصلة بدوام الشعب واستمراريته.

كما أن التراث المجرد أي الشفاهي، مكون كبير وأساسي من التراث الشعبي أو الفلكلوري، والألمان أنفقوا الملايين من اليورو، في سبيل الحفاظ على الفلكلور الشعبي، الذي يمثل راس القائمة في التراث الشعبي، وهو من غناء ورقص وأناشيد شعبية يعكس روح الشعب وأفكاره ومعتقداته، ويصور ممارسات هذا الشعب اليومية.

لا شك أن ثراء تراث الشعب الكردي وتراثه الأدبي الشعبي هو تراث غني بشكل ملفت للنظر، وأن هذا الغنى يتمثل في تنوعه اللامحدود في أشكاله ومفرداته ونمط فنونه الجميلة، من أساطير وحكايات وأشعار، وأساطير، وقصص، وأغاني شعبية، وملاحم، وطرائف، ونوادر، وألعاب شعبية، وغيرها من المفردات الشعبية الأخرى.

هذه المكونات مثلها مثل مكونات التراث الشعبي السوري، اللذان يمثلان في النهاية تراث شعبي سوري إلا أن هذا التراث الشعبي، وتلك المفردات الشعبية لم تدون للأسف الشديد، رغم المحاولات الضعيفة في تدوين هذا التراث، مقارنة بما لهذا التراث من ثراء كبير.

والأدب الشعبي الكردي يشكل رافدا قويا وكبيرا في التراث الشعبي السوري، ويلعب هذا الأدب الشعبي دوراً بارزا في منظومة الشعب الكردي الحياتية لما لهذا الأدب من رسالة إنسانية كبيرة، تتعلق بحياة الإنسان الكردي السوري، ومن أهم سمات هذا الأدب، أن محتواه وموضوعاته تلامس شغاف قلب كل كردي سوري، وتمس كل فرد كردي سوري بشكل مباشر، رغم الظروف الصعبة التي مر بها الشعب الكردي، رغم أن هذا  الفلكلور الكردي ظل غير مدون لفترات طالت أم قصرت، لكن كان وما زال ينتقل من أجيال إلى أجيال أخرى عن طريق المشافهة.

واستطاع الشعب الكردي السوري بنفسه الحفاظ على تراثه وفلكلوره، وأن يضيف عليه لمسات تطورية جديدة، وفق الامكانات والأدوات الشعبية، وصولا إلى أن البعض استطاعوا تدوين ولو قسم ليس كبيرا من هذا التراث في فترة ليست بالبعيدة.

ولرسم وتبيان موضوعات الفلكلور الكردي بشكل عام، نقول أن موضوعات هذا الفلكلور هي، كل ما يتصف به الإنسان الكردي، والشعب الكردي من مشاعر، وحب، وصدق، وإخلاص، ووفاء،  والأخلاق الفاضلة النبيلة، وما يتعلق بمثل ذلك كالفروسية بكل أشكالها وصفاتها، ويضاف إلى ذلك المشاهدات الحية النبيلة في حياة الفرد الكردي السوري، مثل:

– الملاحم الشعبية، وهذا النوع من الملاحم شكل الأدب الشفاهي الراقي، الذي هو جزء هام من التراث الشعبي الكردي، والملاحم الشعبية الكردية ذات شقين:

– ملاحم العشق والحب الخالص، التي تعبر عن عاطفة الحب العذري الصادق، الذي نتج عنه فن ابداعي، كالرقص والدبك والأشعار والأغاني والسرديات، وتسجل هذه الحالات الغرامية الاستثنائية جزءا من تراث الكرد. ومن ملاحم العشق الكردي ملحمة !”شيرين وفرهاد”، وملحمة “خجي وسيامند”..

– الشكل الثاني من الملاحم الشعبية الكردية، هي الملاحم البطولية وهي لون من ألوان التراث الشعبي، التي ترمز إلى الصراع بين الخير والشر، وهي على ثلاثة أشكال:

– الملاحم المشوبة بصور ومظاهر من الخيال

– الملاحم البطولية، ذات الفصول الروائية للبطولة والشجاعة

– نوع من الملاحم، يصور الأحداث كاملة من الوجهة التاريخية. ومن أهم ملاحم البطولة الكردية “قلعة دُمدُمْ”.. ويعتبر الشعب الكردي هم من الشعوب المشغوفة بالموسيقى والألحان.

الفلكلور والتراث للشعب الكردي، الذي هو مكون من مكونات الشعب السوري، هذا الفلكلور، يعتبر من الخزائن الثرية مفتوحة الأبواب لفهم التراث والأدب والتاريخ وحالة الشعب الكردي على الأرض السورية المجيدة.